الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون

[ ص: 26 ] إدماج في أثناء تعداد الدلائل على تفرد الله بالخلق على اختلاف أصناف المخلوقات لقصد إبطال الشرك . و ( ثم ) للترتيب الرتبي ; لأن أهمية التذكير بالموت في هذا المقام أقوى من أهمية ذكر الخلق ; لأن الإخبار عن موتهم توطئة للجملة بعده وهي قوله : ( ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) وهو المقصود . فهو كقوله : الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهذه الجملة لها حكم الجملة الابتدائية وهي معترضة بين التي قبلها وبين جملة ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق . ولكون ( ثم ) لم تفد مهلة في الزمان هنا صرح بالمهلة في قوله : بعد ذلك . والإشارة إلى الخلق المبين آنفا ، أي : بعد ذلك التكوين العجيب والنماء المحكم أنتم صائرون إلى الموت الذي هو تعطيل أثر ذلك الإنشاء ثم مصيره إلى الفساد والاضمحلال . وأكد هذا الخبر بـ ( إن ) واللام مع كونهم لا يرتابون فيه ; لأنهم لما أعرضوا عن التدبر فيما بعد هذه الحياة كانوا بمنزلة من ينكرون أنهم يموتون .

وتوكيد خبر ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ; لأنهم ينكرون البعث . ويكون ما ذكر قبله من الخلق الأول دليلا على إمكان الخلق الثاني كما قال تعالى : أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد ، فلم يحتج إلى تقوية التركيز بأكثر من حرف التأكيد وإن كان إنكارهم البعث قويا .

ونقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات ، ونكتته هنا أن المقصود التذكير بالموت وما بعده على وجه التعريض بالتخويف وإنما يناسبه الخطاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية