[ ص: 224 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29000_31852_32413وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون
انتقل من خبر
نوح إلى خبر
إبراهيم ؛ لمناسبة إنجاء
إبراهيم من النار كإنجاء
نوح من الماء . وفيه تنبيه إلى عظم القدرة ، إذ أنجت من الماء ومن النار .
و
إبراهيم عطف على
نوح . والتقدير : وأرسلنا
إبراهيم .
و إذ ظرف متعلق بـ أرسلنا المقدر ، أي في وقت قوله لقومه :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعبدوا الله إلخ ، وهو أول زمن دعوته . واقتضى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعبدوا الله أنهم لم يكونوا عابدين لله أصلا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون تعليل للأمر بعبادة الله . وقد أجمل الخبر في هذه الجملة وفصل بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا الآية .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16إن كنتم تعلمون إن كنتم تعلمون أدلة اختصاص الله بالإلهية . فمفعول العلم محذوف لدلالة ما قبله عليه . ويجوز جعل فعل تعلمون منزلا منزلة اللازم ، أي إن كنتم أهل علم ونظر .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إنما تعبدون من دون الله أوثانا تعليل لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعبدوا الله . وقصرهم على عبادة الأوثان يجوز أن يكون قصرا على عبادتهم الأوثان ، أي دون أن يعبدوا الله ، فهو قصر حقيقي ، إذ كان قوم
إبراهيم لا يعبدون الله ، فالقصر منصب على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17من دون الله أي إنما تعبدون غير الله ، وبذلك يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17من دون الله حالا من أوثانا ، أي حال كونها معبودة من دون الله ، وهذا مقابل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعبدوا الله دون أن يقول لهم : لا تعبدوا إلا الله ; لكن قوم
إبراهيم قد وصفوا بالشرك في قوله تعالى في سورة الأنعام :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78قال يا قوم إني بريء مما تشركون فهم مثل مشركي العرب ، فالقصر منصب على عبادتهم الموصوفة بالوثنية ، أي ما
[ ص: 225 ] تعبدون إلا صورا لا إدراك لها ، فيكون قصر قلب لإبطال اعتقادهم إلهية تلك الصور كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95قال أتعبدون ما تنحتون .
وعلى كلا الوجهين يتخرج معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17من دون الله فإن " دون " يجوز أن تكون بمعنى " غير " فتكون " من " زائدة ، والمعنى : تعبدون أوثانا غير الله . ويجوز أن تكون كلمة " دون " اسما للمكان المباعد ، فهي إذن مستعارة لمعنى المخالفة ، فتكون " من " ابتدائية ، والمعنى : تعبدون أوثانا موصوفة بأنها مخالفة لصفات الله .
والأوثان : جمع وثن - بفتحتين - وهو صورة من حجر أو خشب مجسمة على صورة إنسان أو حيوان . والوثن أخص من الصنم ؛ لأن الصنم يطلق على حجارة غير مصورة مثل أكثر أصنام العرب ، كصنم ذي الخلصة
لخثعم ، وكانت أصنام قوم
إبراهيم صورا ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95قال أتعبدون ما تنحتون . وتقدم وصف أصنامهم في سورة الأنبياء .
وتخلقون مضارع خلق الخبر ، أي اختلقه ، أي كذبه ووضعه ، أي وتضعون لها أخبارا ومناقب وأعمالا مكذوبة موهومة .
والإفك : الكذب ، وتقدم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم في سورة النور .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا إن كان قوم
إبراهيم يعترفون لله تعالى بالإلهية والخلق والرزق ولكنهم يجعلون له شركاء في العبادة ليكونوا لهم شفعاء كحال مشركي العرب - تكون الجملة تعليلا لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعبدوا الله واتقوه أي هو المستحق للعبادة التي هي شكر على نعمه ، وإن كان قومه لا يثبتون إلهية لغير أصنامهم كانت جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إن الذين تعبدون من دون الله مستأنفة ابتدائية إبطالا لاعتقادهم أن آلهتهم ترزقهم ، ويرجح هذا الاحتمال التفريع في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17فابتغوا عند الله الرزق . وقد تقدم في سورة الشعراء التردد في حال إشراك قوم
إبراهيم ، وكذلك في سورة الأنبياء .
وتنكير رزقا في سياق النفي يدل على عموم نفي قدرة أصنامهم على كل رزق ولو قليلا . وتفريع الأمر بابتغاء الرزق من الله إبطال لظنهم الرزق من أصنامهم ،
[ ص: 226 ] أو تذكير بأن الرازق هو الله ، فابتغاء الرزق منه يقتضي تخصيصه بالعبادة كما دل عليه عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17واعبدوه واشكروا له . وقد سلك إبراهيم مسلك الاستدلال بالنعم الحسية ؛ لأن إثباتها أقرب إلى أذهان العموم .
و " عند " ظرف مكان وهو مجاز . شبه طلب الرزق من الله بالبحث عن شيء في مكان يختص به ، فاستعير له " عند " الدالة على المكان المختص بما يضاف إليه الظرف .
وعدي الشكر باللام جريا على أكثر استعماله في كلام العرب لقصد إفادة ما في اللام من معنى الاختصاص أي الاستحقاق .
ولام التعريف في الرزق لام الجنس المفيدة للاستغراق بمعونة المقام ، أي فاطلبوا كل رزق قل أو كثر من الله دون غيره . والمعرف بلام الجنس في قوة النكرة ، فكأنه قيل : فابتغوا عند الله رزقا ، ولذلك لم تكن إعادة لفظ الرزق بالتعريف مقتضية كونه غير الأول ، فلا تنطبق هنا قاعدة النكرة ، إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إليه ترجعون تعليل للأمر بعبادته وشكره ، أي لأنه الذي يجازي على ذلك ثوابا وعلى ضده عقابا ؛ إذ إلى الله لا إلى غيره مرجعكم بعد الموت ، وفي هذا إدماج تعليل العبادة بإثبات البعث .
[ ص: 224 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16nindex.php?page=treesubj&link=29000_31852_32413وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
انْتَقَلَ مِنْ خَبَرِ
نُوحٍ إِلَى خَبَرِ
إِبْرَاهِيمَ ؛ لِمُنَاسَبَةِ إِنْجَاءِ
إِبْرَاهِيمَ مِنَ النَّارِ كَإِنْجَاءِ
نُوحٍ مِنَ الْمَاءِ . وَفِيهِ تَنْبِيهٌ إِلَى عِظَمِ الْقُدْرَةِ ، إِذْ أَنْجَتْ مِنَ الْمَاءِ وَمِنَ النَّارِ .
وَ
إِبْرَاهِيمَ عَطْفٌ عَلَى
نُوحٍ . وَالتَّقْدِيرُ : وَأَرْسَلْنَا
إِبْرَاهِيمَ .
وَ إِذْ ظَرْفٌ مُتَعَلِّقٌ بِـ أَرْسَلْنَا الْمُقَدَّرِ ، أَيْ فِي وَقْتِ قَوْلِهِ لِقَوْمِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعْبُدُوا اللَّهَ إِلَخْ ، وَهُوَ أَوَّلُ زَمَنِ دَعْوَتِهِ . وَاقْتَضَى قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعْبُدُوا اللَّهَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا عَابِدِينَ لِلَّهِ أَصْلًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ . وَقَدْ أُجْمِلَ الْخَبَرُ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَفُصِّلَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا الْآيَةَ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَدِلَّةَ اخْتِصَاصِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ . فَمَفْعُولُ الْعِلْمِ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ . وَيَجُوزُ جَعْلُ فِعْلِ تَعْلَمُونَ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ اللَّازِمِ ، أَيْ إِنْ كُنْتُمْ أَهْلَ عِلْمٍ وَنَظَرٍ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا تَعْلِيلٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعْبُدُوا اللَّهَ . وَقَصْرُهُمْ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَصْرًا عَلَى عِبَادَتِهِمُ الْأَوْثَانَ ، أَيْ دُونَ أَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ ، فَهُوَ قَصْرٌ حَقِيقِيٌّ ، إِذْ كَانَ قَوْمُ
إِبْرَاهِيمَ لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ ، فَالْقَصْرُ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17مِنْ دُونِ اللَّهِ أَيْ إِنَّمَا تَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17مِنْ دُونِ اللَّهِ حَالًا مِنْ أَوْثَانًا ، أَيْ حَالَ كَوْنِهَا مَعْبُودَةً مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعْبُدُوا اللَّهَ دُونَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ ; لَكِنَّ قَوْمَ
إِبْرَاهِيمَ قَدْ وُصِفُوا بِالشِّرْكِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ فَهُمْ مِثْلَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ ، فَالْقَصْرُ مُنْصَبٌّ عَلَى عِبَادَتِهِمُ الْمَوْصُوفَةِ بِالْوَثَنِيَّةِ ، أَيْ مَا
[ ص: 225 ] تَعْبُدُونَ إِلَّا صُوَرًا لَا إِدْرَاكَ لَهَا ، فَيَكُونُ قَصْرَ قَلْبٍ لِإِبْطَالِ اعْتِقَادِهِمْ إِلَهِيَّةَ تِلْكَ الصُّوَرِ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ .
وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ يَتَخَرَّجُ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنَّ " دُونِ " يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى " غَيْرِ " فَتَكُونُ " مِنْ " زَائِدَةً ، وَالْمَعْنَى : تَعْبُدُونَ أَوْثَانًا غَيْرَ اللَّهِ . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ " دُونِ " اسْمًا لِلْمَكَانِ الْمُبَاعِدِ ، فَهِيَ إِذَنْ مُسْتَعَارَةٌ لِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ ، فَتَكُونُ " مِنْ " ابْتِدَائِيَّةً ، وَالْمَعْنَى : تَعْبُدُونَ أَوْثَانًا مَوْصُوفَةً بِأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِصِفَاتِ اللَّهِ .
وَالْأَوْثَانُ : جَمْعُ وَثَنٍ - بِفَتْحَتَيْنِ - وَهُوَ صُورَةٌ مِنْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ مُجَسَّمَةٍ عَلَى صُورَةِ إِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ . وَالْوَثَنُ أَخَصُّ مِنَ الصَّنَمِ ؛ لِأَنَّ الصَّنَمَ يُطْلَقُ عَلَى حِجَارَةٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ مَثْلَ أَكْثَرِ أَصْنَامِ الْعَرَبِ ، كَصَنَمِ ذِي الْخَلَصَةِ
لَخَثْعَمَ ، وَكَانَتْ أَصْنَامُ قَوْمِ
إِبْرَاهِيمَ صُوَرًا ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ . وَتَقَدَّمَ وَصْفُ أَصْنَامِهِمْ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَتَخْلُقُونَ مُضَارِعُ خَلَقَ الْخَبَرِ ، أَيِ اخْتَلَقَهُ ، أَيْ كَذَبَهُ وَوَضَعَهُ ، أَيْ وَتَضَعُونَ لَهَا أَخْبَارًا وَمَنَاقِبَ وَأَعْمَالًا مَكْذُوبَةً مَوْهُومَةً .
وَالْإِفْكُ : الْكَذِبُ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ فِي سُورَةِ النُّورِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا إِنْ كَانَ قَوْمُ
إِبْرَاهِيمَ يَعْتَرِفُونَ لِلَّهِ تَعَالَى بِالْإِلَهِيَّةِ وَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَلَكِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ شُرَكَاءَ فِي الْعِبَادَةِ لِيَكُونُوا لَهُمْ شُفَعَاءَ كَحَالِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ - تَكُونُ الْجُمْلَةُ تَعْلِيلًا لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ أَيْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ الَّتِي هِيَ شُكْرٌ عَلَى نِعَمِهِ ، وَإِنْ كَانَ قَوْمُهُ لَا يُثْبِتُونَ إِلَهِيَّةً لِغَيْرِ أَصْنَامِهِمْ كَانَتْ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مُسْتَأْنَفَةً ابْتِدَائِيَّةً إِبْطَالًا لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ آلِهَتَهُمْ تَرْزُقُهُمْ ، وَيُرَجِّحُ هَذَا الِاحْتِمَالَ التَّفْرِيعُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ التَّرَدُّدُ فِي حَالِ إِشْرَاكِ قَوْمِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَكَذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَتَنْكِيرُ رِزْقًا فِي سِيَاقِ النَّفْيِ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ نَفْيِ قُدْرَةِ أَصْنَامِهِمْ عَلَى كُلِّ رِزْقٍ وَلَوْ قَلِيلًا . وَتَفْرِيعُ الْأَمْرِ بِابْتِغَاءِ الرِّزْقِ مِنَ اللَّهِ إِبْطَالٌ لِظَنِّهِمُ الرِّزْقَ مِنْ أَصْنَامِهِمْ ،
[ ص: 226 ] أَوْ تَذْكِيرٌ بِأَنَّ الرَّازِقَ هُوَ اللَّهُ ، فَابْتِغَاءُ الرِّزْقِ مِنْهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالْعِبَادَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ . وَقَدْ سَلَكَ إِبْرَاهِيمُ مَسْلَكَ الِاسْتِدْلَالِ بِالنِّعَمِ الْحِسِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ إِثْبَاتَهَا أَقْرَبُ إِلَى أَذْهَانِ الْعُمُومِ .
وَ " عِنْدَ " ظَرْفُ مَكَانٍ وَهُوَ مُجَازٌ . شَبَّهَ طَلَبَ الرِّزْقِ مِنَ اللَّهِ بِالْبَحْثِ عَنْ شَيْءٍ فِي مَكَانٍ يَخْتَصُّ بِهِ ، فَاسْتُعِيرَ لَهُ " عِنْدَ " الدَّالَّةُ عَلَى الْمَكَانِ الْمُخْتَصِّ بِمَا يُضَافُ إِلَيْهِ الظَّرْفُ .
وَعُدِّيَ الشُّكْرُ بِاللَّامِ جَرْيًا عَلَى أَكْثَرِ اسْتِعْمَالِهِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِقَصْدِ إِفَادَةِ مَا فِي اللَّامِ مِنْ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ أَيِ الِاسْتِحْقَاقِ .
وَلَامُ التَّعْرِيفِ فِي الرِّزْقِ لَامُ الْجِنْسِ الْمُفِيدَةُ لِلِاسْتِغْرَاقِ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ ، أَيْ فَاطْلُبُوا كُلَّ رِزْقٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنَ اللَّهِ دُونَ غَيْرِهِ . وَالْمُعَرَّفُ بِلَامِ الْجِنْسِ فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ رِزْقًا ، وَلِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ إِعَادَةُ لَفْظِ الرِّزْقِ بِالتَّعْرِيفِ مُقْتَضِيَةً كَوْنَهُ غَيْرَ الْأَوَّلِ ، فَلَا تَنْطَبِقُ هُنَا قَاعِدَةُ النَّكِرَةِ ، إِذَا أُعِيدَتْ مُعَرَّفَةً كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَشُكْرِهِ ، أَيْ لِأَنَّهُ الَّذِي يُجَازِي عَلَى ذَلِكَ ثَوَابًا وَعَلَى ضِدِّهِ عِقَابًا ؛ إِذْ إِلَى اللَّهِ لَا إِلَى غَيْرِهِ مَرْجِعُكُمْ بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَفِي هَذَا إِدْمَاجُ تَعْلِيلِ الْعِبَادَةِ بِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ .