الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      لما كانت هذه السورة هي أول سورة نزلت من القرآن ، وكانت تلك الآيات الخمس أول ما نزل منها على الصحيح ، فهي بحق افتتاحية الوحي ، فكانت موضع عناية المفسرين وغيرهم ، والكلام على ذلك مستفيض في كتب التفسير والحديث والسيرة ، فلا موجب لإيراده هنا . ولكن نورد الكلام على ما ذكرنا من موضوع الكتاب إن شاء الله .

                                                                                                                                                                                                                                      أما المسألة الأولى : قوله تعالى : اقرأ ، فالقراءة لغة الإظهار ، والإبراز ، كما قيل في وصف الناقة : لم تقرأ جنينا ، أي لم تنتج .

                                                                                                                                                                                                                                      وتقدم للشيخ بيان هذا المعنى لغة ، وتوجيه الأمر بالقراءة إلى نبي أمي لا تعارض فيه ; لأن القراءة تكون من مكتوب وتكون من متلو ، وهنا من متلو يتلوه عليه جبريل عليه السلام ، وهذا إبراز للمعجزة أكثر ; لأن الأمي بالأمس صار معلما اليوم . وقد أشار السياق إلى نوعي القراءة هذين ، حيث جمع القراءة مع التعليم بالقلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي قوله تعالى : اقرأ بدء للنبوة وإشعار بالرسالة ; لأنه يقرأ كلام غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله تعالى : باسم ربك ، تؤكد لهذا الإشعار ، أي : ليس من عندك ولا من عند جبريل الذي يقرئك .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا الرد على كونه صلى الله عليه وسلم لم يكتب ولا يقرأ مكتوبا ، من أنه صيانة للرسالة ، كما أنه لم يكن يقول الشعر وما ينبغي له ، إذا لارتاب المبطلون .

                                                                                                                                                                                                                                      كما قال تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك الآية [ 29 \ 48 ] . وذلك عند قوله تعالى : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته [ 62 \ 2 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 14 ] وهنا لم يبين ما يقرؤه ولكن مجيء سورة القدر بعدها بمثابة البيان لما يقرؤه وهي : إنا أنزلناه في ليلة القدر [ 97 \ 1 ] ، وجاء بيان ما أنزل في سورة الدخان : حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة [ 4 \ 1 - 3 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وللشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان لذلك عند قوله تعالى : وعلمك ما لم تكن تعلم [ 4 \ 113 ] ، فكأنه في قوة اقرأ ما يوحى إليك من ربك ، والمراد به هو القرآن بالإجماع .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية