الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      تنبيه .

                                                                                                                                                                                                                                      فإن قيل : ما حكم الصلاة في مبارك البقر ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      فالجواب أن أكثر العلماء يقولون : إنها كمرابض الغنم . ولو قيل : إنها كمرابض الإبل ; لكان لذلك وجه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن حجر ( في فتح الباري ) : وقع في مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في مرابض الغنم ، ولا يصلي في مرابض الإبل والبقر ، اهـ . قال : وسنده ضعيف . فلو ثبت لأفاد أن حكم البقر حكم الإبل . بخلاف ما ذكره ابن المنذر : أن البقر في ذلك كالغنم . اهـ كلام ابن حجر .

                                                                                                                                                                                                                                      وما يقوله أبو داود - رحمه الله - : من أن العمل بالحديث الضعيف خير من العمل بالرأي له وجه وجيه . والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الصلاة في المزبلة ، والمجزرة ، وقارعة الطريق ، وفوق ظهر بيت الله الحرام ، فدليل النهي عنها هو ما تقدم من حديث زيد بن جبيرة ، عن داود بن حصين ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عنه - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قدمنا ما في إسناده من الكلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الصلاة إلى جدار مرحاض عليه نجاسة ، فلما روي من النهي عن ذلك عن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - .

                                                                                                                                                                                                                                      قال العلامة الشوكاني - رحمه الله - في ( نيل الأوطار ) : وأما الصلاة إلى جدار مرحاض ; فلحديث ابن عباس في سبعة من الصحابة بلفظ : " نهى عن الصلاة في المسجد تجاهه حش " ، أخرجه ابن عدي . قال العراقي ولم يصح إسناده .

                                                                                                                                                                                                                                      وروى ابن أبي شيبة في المصنف ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : لا يصلى إلى الحش .

                                                                                                                                                                                                                                      وعن علي قال : لا يصلى تجاه حش .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 306 ] وعن إبراهيم : كانوا يكرهون ثلاثة أشياء . . فذكر منها الحش .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي كراهة استقباله خلاف بين العلماء . اهـ كلام الشوكاني .

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بالحش - بضم الحاء وفتحها - بيت الخلاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الصلاة في الكنيسة والبيعة - والمراد بهما متعبدات اليهود والنصارى - ، فقد كرهها جماعة من أهل العلم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال النووي في ( شرح المذهب ) : حكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب ، وابن عباس ، ومالك - رضي الله عنهم - .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشوكاني : وقد رويت الكراهة أيضا عن الحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده - عفا الله عنه - : الظاهر أن ما روي من ذلك عن عمر وابن عباس ليس على إطلاقه ، وإنما هو في الكنائس والبيع التي فيها الصور خاصة . ومما يدل على ذلك ما ذكره البخاري - رحمه الله - في صحيحه ، قال : ( باب الصلاة في البيعة ) ، وقال عمر - رضي الله عنه - : " إنا لا ندخل كنائسكم من أجل التماثيل التي فيها الصور " . وكان ابن عباس يصلي في البيعة إلا بيعة فيها تماثيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن حجر في ( الفتح ) : إن الأثر الذي علقه البخاري عن عمر ، وصله عبد الرزاق من طريق أسلم - مولى عمر - . والأثر الذي علق عن ابن عباس ، وصله البغوي في الجعديات . اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      ومعلوم أن البخاري لا يعلق بصيغة الجزم إلا ما هو ثابت عنده .

                                                                                                                                                                                                                                      ورخص في الصلاة في الكنيسة والبيعة جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو موسى ، وعمر بن عبد العزيز ، والشعبي ، وعطاء بن أبي رباح ، وابن سيرين ، والنخعي ، والأوزاعي ، وغيرهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قال العلامة الشوكاني - رحمه الله - : ولعل وجه الكراهة هو ما تقدم من اتخاذ قبور أنبيائهم وصلحائهم مساجد ; لأنه يصير جميع البيع والكنائس مظنة لذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده - عفا الله عنه - : ويحتمل أن تكون العلة أن الكنيسة والبيعة : موضع يعصى الله فيه ويكفر به فيه ، فهي بقعة سخط وغضب . وأما النهي عن الصلاة إلى التماثيل : فدليله ثابت في الصحيح .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 307 ] فمن ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه ( في كتاب الصلاة ) ، قال : ( باب إن صلى في ثوب مصلب ، أو تصاوير : هل يفسد صلاته ؟ وما ينهى عن ذلك ، حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس : كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أميطي عنا قرامك هذا ; إنه لا تزال تصاويره تعرض في صلاتي " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال البخاري أيضا ( في كتاب اللباس ، باب كراهية اللباس في التصاوير ) : حدثنا عمران بن ميسرة ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس - رضي الله عنه - ، قال : كان قرام لعائشة سترت به جانب بيتها ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أميطي عني ; فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي " .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال مسلم في صحيحه : حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، قال : سمعت القاسم يحدث عن عائشة : أنه كان لها ثوب فيه تصاوير ممدود إلى سهوة ، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه ، فقال : " أخريه عني " ، قالت : فأخرته فجعلته وسائد .

                                                                                                                                                                                                                                      والثوب في هذه الرواية هو القرام المذكور ، والقرام - بالكسر - : ستر فيه رقم ونقوش ، أو الستر الرقيق ، ومنه قول لبيد في معلقته يصف الهودج :


                                                                                                                                                                                                                                      من كل محفوف يظل عصيه زوج عليه كلة وقرامها



                                                                                                                                                                                                                                      وقول الآخر يصف دارا :


                                                                                                                                                                                                                                      على ظهر جرعاء العجوز كأنها     دوائر رقم في سراة قرام



                                                                                                                                                                                                                                      والكلة في بيت لبيد : هي القرام إذا خيط فصار كالبيت .

                                                                                                                                                                                                                                      فهذه النصوص الصحيحة تدل على أنه لا تجوز الصلاة إلى التماثيل . ومما يدل لذلك ما أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة - رضي الله عنها - : أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة ، فيها تصاوير لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات ، بنوا على قبره مسجدا ، وصوروا فيه تلك الصور ، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " . اهـ . هذا لفظ مسلم ، ولفظ البخاري قريب منه . اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      أما بطلان صلاة من صلى إلى التماثيل ، ففيه اختلاف بين العلماء ، وقد أشار له [ ص: 308 ] البخاري بقوله الذي قدمنا عنه ( باب إن صلى في ثوب مصلب ، أو تصاوير : هل تفسد صلاته ؟ ) الخ .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد قدمنا أن منشأ الخلاف في البطلان هو الاختلاف في انفكاك جهة النهي عن جهة الأمر . والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما منع تصوير الحيوان ، وتعذيب فاعليه يوم القيامة أشد العذاب ، وأمرهم بإحياء ما صوروا ، وكون الملائكة لا تدخل محلا فيه صورة أو كلب ، فكله معروف ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الصلاة في المكان المغصوب : فإنها لا تجوز بإجماع المسلمين ; لأن اللبث فيها حرام في غير الصلاة ، فلأن يحرم في الصلاة أولى .

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب جمهور أهل العلم : إلى أنه لو صلى في أرض مغصوبة فصلاته صحيحة ; لانفكاك الجهة أنه آثم بغصبه ، مطيع بصلاته : كالمصلي بحرير .

                                                                                                                                                                                                                                      وذهب الإمام أحمد في أصح الروايات عنه ، والجبائي وغيره من المعتزلة : إلى أنها باطلة ; لعدم انفكاك جهة الأمر عن جهة النهي كما قدمنا ، وقد قدمنا أقوال عامة العلماء في هذه المسألة في أبيات مراقي السعود التي استشهدنا بها . وأما النهي عن الصلاة إلى النائم والمتحدث : فدليله ما أخرجه أبو داود في سننه ، قال : ( باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام ) ، حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ، حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن ، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق ، عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي ، قال : قلت له - يعني لعمر بن عبد العزيز - : حدثني عبد الله بن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث " . اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      وهذا الحديث لا يخفى ضعفه ; لأن الراوي في هذا الإسناد عن محمد بن كعب لا يدرى من هو كما ترى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن ماجه في سننه : حدثنا محمد بن إسماعيل ، ثنا زيد بن الحباب ، حدثني أبو المقدام ، عن محمد بن كعب ، عن ابن عباس ، قال : " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلى خلف المتحدث ، أو النائم " . وإسناد ابن ماجه هذا لا يحتج به أيضا ; لأن الراوي فيه عن محمد بن كعب : أبو المقدام وهو هشام بن زياد بن أبي يزيد ، وهو هشام بن أبي هشام ، ويقال له أيضا : هشام بن أبي الوليد المدني ، وهو لا يحتج بحديثه . قال فيه ابن حجر في التقريب : [ ص: 309 ] متروك . وقال في تهذيب التهذيب : قال عبد الله بن أحمد ، وأبو زرعة : ضعيف الحديث . وقال الدوري عن ابن معين : ليس بثقة . وقال في موضع آخر : ضعيف ، ليس بشيء . وقال البخاري : يتكلمون فيه . وقال أبو داود : غير ثقة . وقال الترمذي : يضعف . وقال النسائي وعلي بن الجنيد الأزدي : متروك الحديث . وقال النسائي أيضا : ضعيف . وقال النسائي : ليس بثقة ، ومرة : ليس بشيء . وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ليس بالقوي ، وكان جارا لأبي الوليد ، فلم يرو عنه ، وكان لا يرضاه . ويقال : إنه أخذ كتاب حفص المنقري ، عن الحسن فروى عن الحسن . وعنده عن الحسن أحاديث منكرة .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات : لا يجوز الاحتجاج به . وقال الدارقطني : ضعيف ، وترك ابن المبارك حديثه . وقال ابن سعد : كان ضعيفا في الحديث . وقال أبو بكر بن خزيمة : لا يحتج بحديثه . وقال العجلي : ضعيف . وقال يعقوب بن سفيان : ضعيف لا يفرح بحديثه . اهـ كلام ابن حجر . وبه تعلم أن الصلاة إلى النائم والمتحدث لم يثبت النهي عنها من طريق صحيح .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا علمت ذلك ، فاعلم أن الصلاة إلى النائم ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه فعلها . قال البخاري في صحيحه ( باب الصلاة خلف النائم ) : حدثنا مسدد ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا هشام ، قال : حدثني أبي ، عن عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه ، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال ابن حجر في الفتح : أورد فيه حديث عائشة أيضا من وجه آخر بلفظ آخر ; للإشارة إلى أنه قد يفرق مفرق بين كونها نائمة أو يقظى . وكأنه أشار أيضا إلى تضعيف الحديث الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم ، فقد أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس . اهـ . وقال أبو داود : طرقه كلها واهية - يعني حديث ابن عباس - اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عدي . وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط ، وهما واهيان أيضا . وكره مجاهد وطاوس ومالك الصلاة إلى النائم ; خشية أن يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته ، وظاهر تصرف المصنف : أن عدم الكراهة حيث يحصل الأمن من ذلك ، انتهى كلام ابن حجر في ( فتح الباري ) .

                                                                                                                                                                                                                                      قال مقيده - عفا الله عنه - : الذي يظهر - والله تعالى أعلم - أنه لم يثبت نص خاص في [ ص: 310 ] النهي عن الصلاة إلى النائم والمتحدث ، ولكن ذلك لا ينافي أخذ الكراهة من عموم نصوص أخر ، كتعليل كراهة الصلاة إلى النائم بما ذكر من خشية أن يبدو منه ما يلهي المصلي عن صلاته ; لأن النائم لا يدري عن نفسه .

                                                                                                                                                                                                                                      وكتعليل كراهة الصلاة إلى المتحدث ; بأن الحديث يشوش على المصلي في صلاته ، - والله تعالى أعلم - .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما كراهة الصلاة في بطن الوادي ; فيستدل لها بما جاء في بعض روايات حديث زيد بن جبيرة المتقدم في المواضع التي نهي عن الصلاة فيها " وبطن الوادي " بدل " المقبرة " ، قال الشوكاني قال الحافظ : وهي زيادة باطلة لا تعرف .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعض العلماء : كراهة الصلاة في بطن الوادي مختصة بالوادي الذي حضر فيه الشيطان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فناموا عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يتأخروا عن ذلك الموضع الذي حضرهم فيه الشيطان .

                                                                                                                                                                                                                                      ويجاب عن هذا : بأن الشيطان يمكن أن يكون ذهب عن الوادي . - والله تعالى أعلم - .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما النهي عن الصلاة في مسجد الضرار ; فدليله قوله تعالى : لا تقم فيه أبدا [ 9 \ 108 ] ، وقوله - جل وعلا - : والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل الآية [ 9 \ 107 ] . وقوله : أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم الآية [ 9 \ 109 - 110 ] . فهذه الآيات تدل على التباعد عن موضع ذلك المسجد ، وعدم القيام فيه كما هو ظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما كراهة الصلاة إلى التنور ; فلما رواه ابن أبي شيبة في المصنف ، عن محمد بن سيرين : أنه كره الصلاة إلى التنور ، وقال : هو بيت نار .

                                                                                                                                                                                                                                      وظاهر صنيع البخاري : أن الصلاة إلى التنور عنده غير مكروهة ، وأن عرض النار على النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته يدل على عدم الكراهة . قال البخاري في صحيحه ( باب من صلى وقدامه تنور أو نار ، أو شيء مما يعبد فأراد به الله ) ، وقال الزهري : أخبرني أنس ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " عرضت علي النار وأنا أصلي " ، حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن عبد الله بن عباس ، قال : " انخسفت الشمس فصلى [ ص: 311 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قال : " رأيت النار فلم أر منظرا كاليوم قط أفظع " . اهـ .

                                                                                                                                                                                                                                      وعرض النار عليه - صلى الله عليه وسلم - وهو في صلاته ، دليل على عدم الكراهة ; لأنه لم يقطع .

                                                                                                                                                                                                                                      وقد دل بعض الروايات الثابتة في الصحيح على أن النار عرضت عليه من جهة وجهه ، لا من جهة اليمين ولا الشمال ، ففي بعض الروايات الصحيحة : أنهم قالوا له بعد أن انصرف : يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك ، ثم رأيناك تكعكعت - أي : تأخرت - إلى خلف ؟ وفي جوابه : أن ذلك بسبب كونه " أري النار . . " إلخ .

                                                                                                                                                                                                                                      فهذا هو حاصل كلام العلماء في الأماكن التي ورد نهي عن الصلاة فيها ، التي لها مناسبة بآية الحجر التي نحن بصددها . والعلم عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية