الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          [ ص: 350 ] ( الشاهد الرابع ضمان دخول الجنة لكل من له علاقة بالتجاني بلا حساب ولا عقاب ) .

                          قال المؤلف في الفصل الثاني من الباب الأول .

                          ( ( قال ( رضي الله عنه ) أخبرني سيد الوجود يقظة لا مناما قال لي : أنت من الآمنين وكل من رآك من الآمنين إن مات على الإيمان ، وكل من أحسن إليك بخدمة أو غيرها ، وكل من أطعمك ( ! ) يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب .

                          ( ثم قال ) فلما رأيت ما صدر لي منه - صلى الله عليه وسلم - من المحبة وصرح لي بها تذكرت الأحباب ومن وصلني إحسانهم ، ومن تعلق بي بخدمة ، وأنا أسمع أكثرهم يقولون لي نحاسبك بين يدي الله إن دخلنا النار وأنت ترى ، فأقول لهم : لا أقدر على شيء ، فلما رأيت منه - صلى الله عليه وسلم - هذه المحبة سألته لكل من أحبني ولم يعادني بعدها ، ولكل من أحسن إلي بشيء من مثقال ذرة فأكثر ولم يعادني ( ؟ ) بعدها ، وآكد ذلك من أطعمني طعامه ( ! ! ) قال : كلهم يدخلون الجنة بلا حساب ولا عقاب ) ) .

                          ( ( قال : وسألته - صلى الله عليه وسلم - لكل من أخذ عني ذكرا أن تغفر لهم جميع ذنوبهم ما تقدم منها وما تأخر ، وأن تؤدى عنهم تبعاتهم من خزائن فضل الله لا من حسناتهم ، وأن يرفع الله عنهم محاسبته على كل شيء ، وأن يكونوا آمنين من عذاب الله من الموت إلى دخول الجنة ، وأن يدخلوا الجنة بلا حساب ولا عقاب في أول الزمرة الأولى ، وأن يكونوا كلهم معي في عليين في جوار النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لي - صلى الله عليه وسلم - : ضمنت لهم هذا كله ضمانة لا تنقطع حتى تجاورني أنت وهم في عليين .

                          ( قال المؤلف ) ثم اعلم أني بعد ما كتبت هذا من سماعه وإملائه علينا ( رضي الله عنه ) من حفظه ولفظه اطلعت على ما أرسمه ، من خطه ، ونصه :

                          ( ( أسأل من فضل سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضمن لي دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب أنا وكل أب وأم ولدني من أبوي إلى أول أب وأم لي في الإسلام من جهة أبي ومن جهة أمي ، وجميع ما ولد آبائي وأمهاتي من أبوي إلى الجد الحادي عشر والجدة الحادية عشرة ( ؟ ) من جهة أبي ومن جهة أمي من كل ما تناسل منهم ( ؟ ) من وقتهم إلى أن يموت سيدنا عيسى بن مريم من جميع الذكور والإناث ، والصغار والكبار ، وكل من أحسن إلي بإحسان من مثقال ذرة فأكثر ، من خروجي من بطن أمي إلى موتي ، وكل من له علي مشيخة في علم أو ذكر أو سر من كل من لم يعادني من جميع هؤلاء . وأما من عاداني أو أبغضني فلا ، وكل من أحبني ولم يعادني ( ؟ ) وكل من والاني واتخذني شيخا أو أخذ عني ذكرا ، وكل من زارني وكل من خدمني أو قضى لي حاجة أو دعا لي ، كل هؤلاء من خروجي من بطن أمي إلى موتي وآبائهم ( ؟ ) وأمهاتهم وأولادهم وبناتهم وأزواجهم ووالدي أزواجهم يضمن لي سيدنا رسول الله [ ص: 351 ] ولكل واحد من هؤلاء أن أموت أنا وكل حي منهم على الإيمان والإسلام ، وأن يؤمننا الله وجميعهم من جميع عذابه ، وعقابه وتهويله وتخويفه ورعبه وجميع الشرور من الموت إلى المستقر في الجنة وأن تغفر لي ولجميعهم جميع الذنوب ما تقدم منها وما تأخر وأن تؤدي عني وعنهم جميع تبعاتنا وتبعاتهم ، وجميع مظالمنا ومظالمهم من خزائن فضل الله لا من حسناتنا ، وأن يؤمنني الله وجميعهم من جميع محاسبته ومناقشة سؤاله عن القليل والكثير يوم القيامة ، وأن يظلني الله وجميعهم في ظل عرشه يوم القيامة ، وأن يجيزني ربي أنا وكل واحد من المذكورين على الصراط أسرع من طرفة العين على كواهل الملائكة ، وأن يسقيني الله وجميعهم من حوض سيدنا محمد يوم القيامة ، وأن يدخلني ربي وجميعهم جنته بلا حساب ولا عقاب في أول الزمرة الأولى وأن يجعلني ربي وجميعهم مستقرين في الجنة في عليين من جنة الفردوس ومن جنة عدن . أسأل سيدنا رسول الله بالله أن يضمن لي ولجميع الذين ذكرتهم في هذا الكتاب كل ما طلبته من الله لي ولهم في هذا الكتاب بكماله كله ، ضمانا يوصلني وجميع الذين ذكرتهم في هذا الكتاب إلى كل ما طلبته من الله لي ولهم ( كذا بهذا التكرار ) فأجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله الشريف : كل ما في هذا الكتاب ضمنته لك ضمانة لا تتخلف عنك وعنهم أبدا إلى أن تكون أنت وجميع ما ذكرت في جواري في أعلى عليين ، وضمنت لك جميع ما طلبت منا ضمانة لا يخلف عليك الوعد فيها والسلام ، انتهى بحروفه ولحنه وتكراره من ص 91 و 92 ج1 - قال المؤلف :

                          ثم قال ( رضي الله عنه ) وكل هذا وقع يقظة لا مناما . ثم قال : وأنتم وجميع الأحباب لا تحتاجون إلى رؤيتي إنما يحتاج إلى رؤيتي من لم يكن حبيبا يعني تابعا ولا آخذا عني ذكرا ولا أكلت طعامه ، وأما هؤلاء فقد ضمنهم لي بلا شرط رؤية مع زيادة أنهم معي في عليين ) ) ولو روي هذا عنه في حياته لأجمع العلماء على أنه مفترى عليه - صلى الله عليه وسلم - .

                          ثم قال التجاني : وأما من رآني فقط غايته يدخل الجنة بلا حساب ولا عقاب ، ولا مطمع له في عليين إلا أن يكون ممن ذكرتهم وهم أحبابنا ومن أحسن إلينا ومن أخذ عنا ذكرا فإنه يستقر في عليين معنا . وقد ضمن لنا هذا بوعد صادق لا خلف فيه إلا أني استثنيت من عاداني بعد المحبة والإحسان فلا مطمع له في ذلك ، فإن كنتم متمسكين بمحبتنا فأبشروا بما أخبرتكم به فإنه واقع لجميع الأحباب قطعا ا ه .

                          وهاهنا ذكر مؤلف الكتاب أن هذه الكرامة العظيمة المقدار ، وهي دخول الجنة بلا حساب ولا عقاب لمن ذكرهم ، لم تقع لأحد من الأولياء قبله إلخ ، ويزيد عليه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يضمن مثل هذا في حياته لأحد من أهل بيته ولا خواص أصحابه من المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم - حتى العدد القليل الذين بشرهم بالجنة كالعشرة لم يضمن لهم ما زعم [ ص: 352 ] التجاني أنه ضمنه لمن لا يحصى عددا من أصوله وفروعه وأتباعه ، ولا يوجد في شريعته ما يدل على أن الله تعالى أذن له بمثل هذا ، بل قاعدة دينه وشريعته أن الغرم بالغنم ، فمن تضاعف حسناتهم تضاعف سيئاتهم كما صرح به الكتاب العزيز في خطاب نسائه - صلى الله عليه وسلم - من سورة الأحزاب .

                          وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه لما نزل عليه : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) ( 26 : 214 ) جمعهم وكان مما قاله لهم : ( ( اعملوا لا أغني عنكم من الله شيئا ) ) قال هذا لعمه وعمته - رضي الله عنهما - ولبنته السيدة فاطمة سيدة النساء عليها السلام ، فكلام التجاني صريح في أن جميع أتباعه وأقاربه ومحبيه والمحسنين إليه يكونون في عليين فوق أتباع جميع الأنبياء ومحبيهم ، وإلا لما بقي للجنات السبع أحد يسكنهن وهو افتراء لم يتجرأ عليه أحد من المجازفين قبله .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية