الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                4224 ( أنبأ ) أبو عبد الله إسحاق بن محمد بن يوسف بن يعقوب السوسي ، أنبأ أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي ، أنبأ علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا عمر بن ذر ، ثنا مجاهد أن أبا هريرة - رضي الله عنه - كان يقول : والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون فيه ، فمر بي أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله تعالى ، ما سألته إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل ، ثم مر بي عمر فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلا ليستتبعني ، فمر ولم يفعل ، ثم مر بي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - فتبسم حين رآني ، وعرف ما في نفسي وما في وجهي ، ثم قال : " يا أبا هريرة " . قلت : لبيك يا رسول الله . قال : " الحق " . ومضى فاتبعته فدخل ، واستأذنت فأذن لي فدخلت ، فوجد لبنا في قدح ، فقال : " من أين هذا اللبن ؟ " . قالوا : أهداه لك فلان أو فلانة . قال : " أبا هريرة " . قلت : لبيك يا رسول الله . قال : " الحق أهل الصفة فادعهم لي " . قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يأوون إلى أهل ولا مال ، إذا أتته صدقة يبعث بها إليهم ، ولم يتناول منها شيئا ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم ، فأصاب منها وأشركهم فيها ، فساءني ذلك قلت : وما هذا اللبن في أهل الصفة ؟ كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها وأنا الرسول ، فإذا جاء أمرني أن أعطيهم ، فما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد ، فأتيتهم فدعوتهم فأقبلوا حتى استأذنوا ، فأذن لهم وأخذوا مجالسهم من البيت فقال : " يا أبا هر " . قلت : لبيك يا رسول الله . قال : " خذ فأعطهم " . فأخذت القدح ، فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ، ثم يرد علي القدح حتى انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روي القوم كلهم ، فأخذ القدح ووضعه على يده ونظر إلي وتبسم ، وقال : " يا أبا هر " . قلت : لبيك يا رسول الله . قال : " بقيت أنا وأنت " . قلت : صدقت يا رسول الله . قال : " اقعد فاشرب " . فقعدت وشربت ، فقال : " اشرب " . فشربت ، فقال : " اشرب " . فشربت ، فما زال يقول : " فاشرب فاشرب " . حتى قلت : لا والذي بعثك بالحق نبيا ما أجد له مسلكا . قال : " فأذن " . فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة . رواه البخاري في الصحيح عن أبي نعيم .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية