الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  9103 عبد الرزاق ، عن ابن جريج قال : قال مجاهد : كان عريشا تقتحمه الغنم حتى إذا كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بخمس عشرة سنة ، بنته قريش ، وكان رومي يتجر إلى مندل حتى إذا كان بالشعيبة انكسرت سفينته ، فأرسل إلى قريش : أن هلم لكم أمددكم بما شئتم من بان ونجار وخشبة ، على أن عليكم حمله ، فتبنوا بيت إبراهيم ، على [ أن ] عليكم أن تجروا لي تجارتي في عيركم [ ص: 99 ] وكان لقريش رحلتان في كل عام ، أما في الشتاء فإلى الشام ، وأما في الصيف فإلى الحبشة قالوا : نعم ، وكان في البيت بئر تكون فيه الحلية والهدية ، فكانت قريش ترتضي لذلك رجلا ، فيكون على تلك البئر ، وما فيها فبينا رجل كان ممن يرتضى لها ، سولت له نفسه أن يختان ، فنظر حتى إذا انقطعت الظلال ، وارتفعت المجالس ، بسط ثوبه ، ثم نزل فيها ، فأخذ ثم الثانية ثم الثالثة ، فقض الله عليه حجرا فيها فحبسه فيها . . . رأسه أسفله ، فراح الناس فأخرجوه فأعاد ما كان أخرج منها ، فبعث الله ثعبانا ، فأسكنه إياها ، فكان إذا أحس عند الباب حسا أطلع رأسه ، فلا يقربه خلق من خلق الله ، فلما حضر القوم حاجتهم قالوا : كيف بالدابة التي في البيت " ، فقال الوليد بن المغيرة : اجتمعوا فادعوا ربكم ، فإن تكن الذي ائتمرتم لله رضى ، فهو كافيكموه ، وإلا فلا تستطيعونها قال : فدعوا الله فبعث الله طائرا فدف على الباب ، فلما أحسته الحية أطلعت رأسها ، فخطفها فذهب بها كأنها خشبة يقول : كأنها تظنه لا يكاد حملها ، حتى وعلا سلما كانت بمكة فلم تر بعد ، وبنت قريش ، فلما جاء [ ص: 100 ] موضع الركن تحاسرت القبائل ، فقالت هذه القبيلة : نحن نرفعه ، وقالت هذه القبيلة : نحن نرفعه قالوا : فأول رجل يدخل من هذا الباب الأعلى يقضي بيننا ، فدخل محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد اقض بيننا ، فقال : " ضعوا ثوبا ثم ضعوه فيه ، ثم يأخذه من كل قبيلة رجل " ففعلوا وأخذ هو الركن فجعل يده تحته فكان هو الذي رفعه معهم حتى وضعه معهم موضعه الآن .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية