الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
497 - وعن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها ، أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء ، فنضحه ولم يغسله . متفق عليه .

التالي السابق


497 - ( وعن أم قيس ) : من المهاجرات ( بنت محصن ) : بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الصاد بعدها نون ، أخت عكاشة بن محصن الأسدي ، أسلمت بمكة قديما ، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وهاجرت إلى المدينة ( أنها أتت بابن لها صغير ) : بالجر ، صفة لابن ، ( لم يأكل الطعام ) : أي : الذي يقصد به التغذي من غير اللبن ( إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : متعلق بأتت ( فأجلسه ) أي : ذلك الابن ( رسول الله في حجره ) : بكسر الحاء وتفتح ، قال في المشارق : بفتح الحاء وكسرها ، هو الثوب والحضن ، وإذا أريد به المصدر فالفتح لا غير ، وإن أريد به الاسم فالكسر لا غير . ( فبال ) : أي ذلك الابن ( على ثوبه ) : أي : ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( فدعا بماء ) : أي : طلبه ( فنضحه ) : أي : أسال الماء على ثوبه حتى غلب عليه ( ولم يغسله ) : أي : لم يبالغ في الغسل بالرش والدلك ; لأن الغلام لم يأكل الطعام ، فلم يكن لبوله عفونة يفتقر في إزالتها إلى المبالغة ، ولم يرد أنه لم يغسله بالمرة ، بل أراد به التفريق بين الغسلين ، والتنبيه على أنه غسل دون غسل ، فعبر عن أحدهما بالغسل ، وعن الآخر بالنضح ، وحديث لبابة الآتي يبين أن علة النضح في حديث أم قيس هي المذكورة ، وقولها : لم يأكل الطعام شيء حسبته من تلقاء نفسها لم يكن في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم برهان ، كذا قاله بعض علمائنا . وقال القاضي : المراد بالنضح رش الماء بحيث يصل إلى جميع موارد البول من غير جري ، والغسل إجراء الماء على مواردها ، والفارق بين الصبي والصبية أن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرد على مزاجها يكون أغلظ وأنتن ، فيفتقر في إزالتها إلى زيادة مبالغة بخلاف المني ، وقال الخطابي : ليس تجويز من جوز النضح في الصبي من أجل أن بوله ليس بنجس ، ولكنه من أجل التخفيف هذا هو الصواب . ومن قال : هو طاهر فقد أخطأ ، وفي الحديث دليل على استحباب حمل الأطفال إلى أهل الفضل والكمال للتبرك ، سواء كانوا في حال الولادة أو غيره ، وفيه الندب إلى حسن المعاشرة واللين والتواضع بالصغار وغيرهم . قاله الطيبي . ( متفق عليه ) .

[ ص: 465 ]



الخدمات العلمية