الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5272 - وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعذر الله إلى امرئ أخر أجله حتى بلغه ستين سنة " . رواه البخاري .

التالي السابق


5272 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أعذر الله " ) : قيل : الهمزة للسلب أي : أزال الله العذر منهيا ( " إلى امرئ أخر أجله " ) أي : منتهاه . وفي رواية : عمره ( " حتى بلغه " ) : بتشديد اللام أي : أوصله ، وفي رواية : حتى بلغ ( " ستين سنة " ) أي : ولم يتب عن ذنوبه ولم يقم بإصلاح عيوبه ولم يغلب خيره شره ، فيكون ممن لم يبق الله له عذرا في ترك الطاعة ، وفيما ضيع عمره ، وحاصله أنه من بلغ ستين سنة ، وقيل : أربعين ولم يغلب خيره شره فالموت خير له . قال التوربشتي رحمه الله : المعنى أنه أفضى بعذره إليه فلم يبق له عذر ، يقال : أعذر الرجل إلى فلان أي : بلغ به أقصى العذر ، ومنه قولهم : أعذر من أنذر أي : أتى بالعذر أو أظهره ، وهذا مجاز من القول ، فإن العذر لا يتوجه على الله ، وبما يتوجه له على العبيد ، وحقيقة المعنى فيه أن الله تعالى لم يترك له سببا في الاعتذار يتمسك به انتهى . فالمعنى أنه أزال أعذاره بالكلية ، فكأنه أقام عذره فيما يفعل به بين العقوبة والكلية . وفي مختصر النهاية أي : لم يبق فيه موضعا للاعتذار حيث أمهله طول هذه المدة ولم يعتبر . ( رواه البخاري ) وكذا أحمد ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، والبزار ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والحاكم ، وابن مردويه ، والبيهقي عنه .

وأخرج عبد بن حميد ، والطبراني ، والروياني والرامهرمزي في الأمثال ، والحاكم وابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر " وقد قال تعالى : أولم نعمركم ما يتذكر [ ص: 3299 ] فيه من تذكر وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في تفسير : ستين سنة . وأخرج ابن جرير عن علي في الآية قال : العمر الذي أعذرهم الله منه ستون سنة ، وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : أربعين سنة . وأما قوله تعالى : وجاءكم النذير فأخرج ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : وكذا أخرجه ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس : أنه الشيب .




الخدمات العلمية