الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
521 - وعن المغيرة بن شعبة قال : وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فمسح أعلى الخف وأسفله . رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه .

وقال الترمذي : هذا حديث معلول ، وسألت أبا زرعة ومحمدا - يعنى البخاري - عن هذا الحديث ، فقالا : ليس بصحيح ، وكذا ضعفه أبو داود .

التالي السابق


521 - ( وعن المغيرة بن شعبة قال : وضأت النبي ) أي : سكبت الوضوء على يديه ، وقيل : سكبت وضوءه ( صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ) الصحيح عدم صرفه أي : في زمانها ( فمسح أعلى الخف وأسفله ) ولهذا قال الشافعي ومالك : مسح أعلاه واجب ، ومسح أسفله سنة ، وذكر في اختلاف الأئمة : السنة أن يمسح أعلى الخف وأسفله عند الثلاثة ، وقال أحمد : السنة أن يمسح أعلاه فقط ، وإن اقتصر على أعلاه أجزأه بالاتفاق ، وإن اقتصر على أسفله لم يجزئه بالإجماع اهـ .

والمشهور عن أبي حنيفة كمذهب أحمد ، هذا وذكر ابن الملك في شرح المصابيح ، أنه قال الشيخ الإمام البغوي : هذا مرسل لم يثبت أي : لم يثبت إسناده إلى المغيرة اهـ .

وقال ابن حجر : وفي رواية مسح أعلى خفيه خطوطا من الماء ، وفي رواية : خطوطا بالأصابع ، وكلها ضعيفة . وقول النهاية : في بعضها صحيح - غلط ، وكذا تأييد الإسنوي لها ، لكن يحتج بها لمذهبنا ، فإن الأكمل عندنا في مسح الخف أن يمسح أعلاه وأسفله ، وعقبه وحرفه خطوطا ، وهذا من الفضائل ، وهي يعمل فيها بالحديث الضعيف والمرسل والمنقطع بالاتفاق ، كما قاله النووي ، وبين ابن عمر ذلك كما رواه البيهقي وغيره بما أخذه الشافعي وأصحابه حيث قالوا : الأكمل في كيفية المسح أن يضع أصابع يده اليمنى مفرجة على مقدم ظهر الخف ، وأصابع يده اليسرى على أسفل العقب ، ثم يمرهما فتنتهي أصابع اليمنى إلى آخر الساق ، والأخرى إلى أطراف الأصابع من تحت اهـ .

[ ص: 478 ] والظاهر أن العمل بالحديث الضعيف محله إذا لم يكن مخالفا للحديث الصحيح أو الحسن ، وسيأتي ما يخالفه من حديثه المتصل ، ومن حديث علي كرم الله وجهه ، وأيضا إنما يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال الثابتة بأدلة أخرى ، وهاهنا هذا الحكم ابتدائي مع أنه ليس فيه ما يدل على ثوابه وفضيلته ، فتأمل حق التأمل ، وثبت العرش ثم انقش ، ( رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . وقال الترمذي : هذا حديث معلول ) لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم ، كذا نقله السيد جمال الدين عن الترمذي ، والمعلول على ما في كتب الأصول هو ما فيه سبب خفي يقتضي رده ، وقيل : ما وهم فيه ثقة برفع أو تغير أو إسناد ، أو زيادة أو نقص يغير المعنى . ( وسألت أبا زرعة ومحمد - يعني ) بمحمد ( البخاري - عن هذا الحديث ) : والسائل الترمذي ( فقالا ) أي : أبو زرعة والبخاري ( ليس ) أي : هذا الحديث يعني إسناده ( بصحيح ) لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور ، عن رجاء قال : حديث عن كاتب المغيرة مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يذكر فيه المغيرة ، كذا نقله السيد جمال الدين ، عن الترمذي . ( وكذا ضعفه أبو داود ) : وأعله بالإرسال أيضا ، فالحاصل أنه مرسل لا يثبت .




الخدمات العلمية