الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5404 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ويل للعرب من شر قد اقترب ، أفلح من كف يده " . رواه أبو داود .

التالي السابق


5404 - ( وعن أبي هريرة ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ويل للعرب " ) الويل : حلول الشر ، وهو تفجيع ، أو ويل كلمة عذاب ، أو واد في جهنم ، وخص العرب بذلك لأنهم كانوا حينئذ معظم من أسلم ، ( " من شر " ) أي : عظيم ( " قد اقترب " ) أي : ظهوره ، والأظهر أن المراد به ما أشار إليه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه بقوله : " فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج " الحديث . كما تقدم ، والله تعالى أعلم . قال الطيبي - رحمه الله : أراد به الاختلاف الذي ظهر بين المسلمين من وقعة عثمان - رضي الله عنه - أو ما وقع بين علي - كرم الله وجهه - ومعاوية رضي الله عنه . أقول : أو أراد به قضية يزيد مع الحسين - رضي الله عنه - وهو في المعنى أقرب ; لأن شره ظاهر عند كل أحد من العجم والعرب . وقال ابن الملك - رحمه الله : قوله من شر أي من خروج جيش يقاتل العرب ، وقيل : أراد به الفتن الواقعة في العرب ، أولها : قتل عثمان واستمرت إلى الآن ، أقول : ولم يعرف ما يقع في مستقبل الزمان ، والله المستعان وعليه التكلان . ( " أفلح " ) أي : نجا وظفر على المدعي وانتصر على الأعداء ( " من كف يده " ) أي عن الأذى ، أو ترك القتال إذا لم يتميز الحق من الباطل . أقول : ولعل وجه عدول الشراح عن المعنى الذي قدمته إلى ما ذكروه ; أن قوله : ( أفلح من كف يده ) يدل على خلاف ذلك ، فإن وقت خروجهم ليس لأحد طاقة المقاتلة معهم ، فمورد هذا الحديث غير الأول فتدبر وتأمل ، اللهم إلا أن يقال : إن هذا جملة مستقلة ، والمعنى : أفلح من كف يده عمن قال لا إله إلا الله إلا بإذن شرعي حكم به وقضاه . ( رواه أبو داود ) أي : بإسناد رجاله رجال الصحيح ، والحديث متفق عليه من حديث طويل خلال قوله : قد أفلح من كف يده ، نقله ميرك عن التصحيح ، وفي الجامع بلفظ المشكاة : رواه أبو داود ، والحاكم ، وفيه أيضا حديث : ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره . رواه أحمد ، والنسائي ، والحاكم ، وابن حبان عن أبي سعيد ، وفيه أيضا : ويل لأمتي من علماء السوء . رواه الحاكم في تاريخه عن أنس .

[ ص: 3401 ]



الخدمات العلمية