الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
546 - وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ، وكلانا جنب ، وكان يأمرني ، فأتزر ، فيباشرني وأنا حائض . وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف ، فأغسله ، وأنا حائض . متفق عليه .

التالي السابق


546 - ( وعن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت أغتسل أنا والنبي ) : بالرفع على العطف للفصل ، وروي بالنصب على أنه مفعول معه ، وفي نسخة : رسول الله بالوجهين ( صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ) : على عادة العرب من وضع ظرف كبير مملوء من الماء ، ثم يغترفون منه ويتناوبون ( وكلانا ) : الواو للحال ( جنب ) : الإفراد باعتبار لفظ كلا وهو أفصح من التثنية لمعناه ( وكان ) : عليه الصلاة والسلام ( يأمرني ) : أي : بالاتزار اتقاء عن موضع الأذى ( فأتزر ) : قال الشراح : صوابه فأئتزر بهمزتين يعني : باعتبار الأصل ، وإلا فالقاعدة المقررة أن الهمزة الثانية الساكنة عند اجتماع الهمزتين تقلب من جنس حركة ما قبلها كآدم . قالوا : فإن إدغام الهمزة في التاء غير جائز . وقال أبو موسى : هو تحريف وتصحيف من بعض الرواة ، كذا نقله السيد عن الأزهار . قال في المفصل : قول من قال : " فأتزر " خطأ خطأ . وقال الكرماني : فأتزر في قول عائشة وهي من فصحاء العرب حجة ، فالمخطئ مخطئ ، وقال ابن الملك : إنه مقصور على السماع ، ومنه قراءة ابن محيصن : " فليؤد الذي اؤتمن " بهمزة وصل وتاء مشددة مضمومة من الأمانة ذكره الأبهري ، والمعنى : فأعقد الإزار في وسطي ، وهذا يدل على جواز [ ص: 494 ] الاستمتاع بما فوق الإزار دون ما تحته ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في قوله الجديد ، ولعل قوله عليه الصلاة والسلام كان رخصة وفعله عزيمة ; تعليما للأمة ، فإنه أحوط ، فإن من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ( فيباشرني ) : أي : يضاجعني ، فيلامس ، وتمس بشرته بشرتي فوق الإزار ( وأنا حائض ) : جملة حالية ، وهو بلا هاء ; لاختصاصه بالمؤنث ، وقد تلحقه ( وكان ) : أي : النبي صلى الله عليه وسلم ( يخرج رأسه إلي وهو معتكف في المسجد ) : بأن كان باب الحجرة مفتوحا إلى المسجد ، فيخرج رأسه منه إلى الحجرة وهي فيها ، وهذا يدل على أن المعتكف إذا خرج بعض أعضائه من المسجد لم يبطل اعتكافه ( فأغسله ) : أي : رأسه ( وأنا حائض متفق عليه ) : واللفظ للبخاري ، قاله السيد .




الخدمات العلمية