الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5701 - وعن عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان من مارج من نار ، وخلق آدم مما وصف لكم " . رواه مسلم .

التالي السابق


5701 - ( وعن عائشة ) - رضي الله عنها - ( عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال : خلقت الملائكة من نور ، وخلق الجان ) أي جنسهم . قال النووي - رحمه الله - : الجان : الجن ، وقال شارح : يعني أبا الجن ، وهو المناسب لمقابلته بآدم ، ثم قيل : المراد به إبليس ( من مارج من نار ) أي لهب مختلط بسواد دخان النار . قال تعالى : وخلق الجان من مارج من نار ، وقال : والجان خلقناه من قبل من نار السموم ( وخلق آدم ) بصيغة المجهول كما قبله ( مما وصف لكم ) على بناء المفعول أي مما بينه الله لكم في قوله : خلقه من تراب ، وقوله : خلق الإنسان من صلصال كالفخار ، وقوله : ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون ، وقوله : إني خالق بشرا من طين . ولعل كثرة ما ورد في حقه مع اشتهارها ما أوجبت الإبهام في قوله : مما وصف لكم . ( رواه مسلم ) وكذا أحمد . وروى الحكيم الترمذي ، وابن عدي في ( الكامل ) بسند حسن عن أبي هريرة مرفوعا : ( خلق الله آدم من تراب الجابية وعجنه بماء الجنة ) . والجابية على ما في القاموس : قرية بدمشق ، وباب الجابية من أبوابها . وروى ابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا ( خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم ) . وروى الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا ( خلق الحور العين من الزعفران ) . وروى الحكيم الترمذي ، وابن أبي الدنيا في ( مكايد الشيطان ) وأبو الشيخ في ( العظمة ) وابن مردويه عن أبي الدرداء رفعه : ( خلق الله عز وجل الجن ثلاثة أصناف : صنف حيات وعقارب وخشاش الأرض ، وصنف كالريح في الهواء ، وصنف عليهم الحساب والعقاب ، وخلق الله الإنس ثلاثة أصناف : صنف كالبهائم ، وصنف أجسادهم أجساد بني آدم وأرواحهم أرواح الشياطين ، وصنف في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله ) . وفي قوله : وصنف عليهم الحساب والعقاب إيماء إلى قول أبي حنيفة وتوقفه في حق الجن بالثواب ، والله تعالى أعلم بالصواب .

[ ص: 3636 ]



الخدمات العلمية