الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
752 - وعن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( صلاة الرجل في بيته بصلاة ، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة ، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة ، وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة ، وصلاته في المسجد الحرام بمائه ألف صلاة ( ، رواه ابن ماجه .

التالي السابق


752 - ( وعن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الرجل ) ، أي : منفردا كذا قيل ، والأظهر أن يكون أعم ( في بيته ) : قال الطحاوي : وغيره المراد بالصلاة غير النافلة لقوله - عليه السلام - : ( أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ، نقله الأبهري ، ولا يبعد أن المضاعفة تعم النافلة مع كونه في البيت أفضل ، والله أعلم ( بصلاة ) أي : تحسب بصلاة واحدة وليس لها مضاعفة لأجل ذلك المكان ، وإن كان لها مضاعفة باعتبار آخر من مكان أو زمان أو جماعة ، ومن حيث أن من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما لا يعلمه إلا الله ، ( وصلاته ) ، أي : الفرض جماعة كذا قيل ، والعموم أظهر ( في مسجد القبائل ) ، أي : مسجد الحي ( بخمس وعشرين صلاة ) ، أي : بالإضافة إلى صلاته في بيته لا مطلقا لما تقدم ( وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه ) ، أي : يصلي فيه الجمعة ( بخمسمائة صلاة ) ، أي : بالنسبة إلى مسجد الحي ( وصلاته في المسجد الأقصى ) ، يعني : مسجد بيت المقدس لبعد المسافة بينه وبين الكعبة ، وقيل : هو أقصى بالنسبة إلى مسجد المدينة لأنه بعيد من مكة ، وبيت المقدس أبعد منه : لأنه وقيل لم يكن وراءه موضع عبادة يرحل إليه ، وقيل : لبعده عن الأقذار والخبائث ، و ( المقدس ) المطهر عن ذلك ( بخمسين ألف صلاة ) ، أي : بالنسبة إلى ما قبله ، وفي هامش أصل السيد جمال الدين بألف صلاة ، وعليها نسخة ظاهرة ، ( وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة ) أي : بالإضافة إلى ما يليه ( " وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ) ، أي : بالنسبة إلى مسجد المدينة على ما يدل عليه سياق الكلام ، فيحتاج إلى ضرب بعض الأعداد في بعض ، فإنه ينتج مضاعفة كثيرة كما تقدم ، وبه يجمع بين الروايات والله أعلم ، ثم رأيت ابن حجر وافقني كما سيأتي كلامه ، ( رواه ابن ماجه ) [ ص: 629 ] ورواته ثقات ، إلا أن أبا الخطاب الدمشقي لم يحضرني الآن ترجمته ، ولم يخرج له أحد من أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه ، كذا قال المنذري ، وقال الذهبي : أبو الخطاب ليس بمشهور ، وقال الشيخ ابن حجر العسقلاني : مجهول نقله ميرك .

وقال ابن حجر : قيل إنه حديث منكر ; لأنه مخالف لما رواه الثقات ، وقد يقال : يمكن الجمع بينه وبين ما رووه بأن روايتهم أن صلاة الجماعة تعدل صلاة المنفرد بخمس ، أو سبع وعشرين ، تحمل على أن هذا كان أولا ، ثم زيد هذا المقدار في المسجد الذي تقام فيه الجمعة ، وكذا ما جاء أن صلاة في المسجد الأقصى بألف في سائر المساجد ، وصلاة بمسجده - عليه السلام - بألف صلاة في المسجد الأقصى ، كان أولا ، ثم زيد فيهما فجعل الأول بخمسين ألفا في سائر المساجد ، والثاني بخمسين ألفا في الأقصى ، ومسجد مكة ، بمائة ألف في مسجده - عليه السلام - ، وحينئذ فتزداد المضاعفة على ما قدمناه أول الباب في مسجد مكة بأضعاف مضاعفة ، فتأمله ضاربا مائة ألف في خمسين ألف ألف ، ثم الحاصل في خمسين ألفا تجد صحة ما ذكرته ، وإيضاح ما حررته .




الخدمات العلمية