الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
914 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده ، رواه أحمد ، وأبو داود ، في رواية له : نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة .

التالي السابق


914 - ( وعن ابن عمر قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة ، وهو معتمد ) ، أي : متكئ على يده : وفي نسخة : على يديه ; يعني بل يضعهما على فخذيه ( رواه أحمد ، وأبو داود ، في رواية له ) ، أي : لأبي داود ( نهى أن يعتمد ) ، أي : يتكئ ( الرجل على يديه إذا نهض ) ، أي : قام ( في الصلاة ) : بل ينهض على صدور قدميه من غير اعتماد على الأرض ، وبه قال أبو حنيفة ، قال ميرك ، نقلا عن الأزهار قيل : معنى قوله : أن يجلس الرجل في الصلاة ، وهو معتمد على يده في التشهد على الأرض ، ويتكئ عليها ، وقيل : هو أن يجلس الرجل في الصلاة ، ويرسل اليدين إلى الأرض من فخذيه ، وقيل أن توضع على الأرض قبل الركبتين في الهوى ، وقيل : هو أن يضع يديه على الأرض عند القيام ، والأول أقرب إلى اللفظ ، يعني والأخير هو في غاية من البعد في اللفظ والمعنى ، إذ معناه لا يلائم النهي عن الجلوس ، وأيضا لو حمل على المعنى الأخير لتناقضت الروايتان عن راو واحد ، ومع هذا قال : وبه قال الشافعي ، وتمسك أبو حنيفة بالرواية الثانية على أن المصلي لا يعتمد على يديه عند قيامه ويعتمد على ظهور القدمين ، لما روى أبو هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهض في الصلاة على صدور قدميه ، رواه أبو داود أيضا ، وقال الشافعي : يعتمد على يديه عند القيام لما روى مالك بن الحويرث ، أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد بيديه على الأرض ، رواه البخاري اهـ .

ويمكن حمله على بيان الجواز ، أو على حالة الكبر ، وهو أوفى بالتأويل ، وإن كان أصح رواية لاقتران رواية أبو داود بلفظ : " كان " : الدالة على الاستمرار المؤيد بالنهي عن ضده ، مع أن حديث البخاري لم يبين فيه موضع الاعتماد ، فيحتمل أن يكون حال السجود ، وأما قول ابن حجر في صدر الحديث : ويؤخذ منه كراهة ذلك ، ووجهه أن ذلك من شأن المتكبرين ، وبه يزول استواء الجلوس ، لأنه حينئذ يكون متكئا على وجهه ، أو مائلا على جنبه فغير موجه ، فكأنه غفل عما ذكره أئمته ، وأما تضعيف الرواية الثانية من غير بيان لضعفه فمردود عليه ، سيما وقد أخذ به المجتهد .

[ ص: 737 ]



الخدمات العلمية