الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1366 - وعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة ، فإنه مشهود تشهده الملائكة ، وإن أحدا لم يصل علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها " ، قال : قلت : وبعد الموت ؟ قال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ، فنبي الله حي يرزق " . رواه ابن ماجه .

التالي السابق


1366 - ( وعن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة ، فإنه " ) ، أي : يوم الجمعة ( " مشهود تشهده الملائكة " ) : بالياء والتاء . هذا الحديث يؤيد تفسير ابن عباس بأن المشهود هو الجمعة كما أن الحديث السابق يؤيد تفسير علي بأن الشاهد هو الجمعة ، وهو الأصح الموافق لتفسيره - عليه الصلاة والسلام - الألفاظ كلها ، ولا ينافيه إطلاق المشهود هنا عليه باعتبار آخر فتدبر ، مع أنه يحتمل أن يكون ضميرا ، فإنه في هذا الحديث راجع إلى إكثار الصلاة المفهوم من ( أكثروا ) ، ويؤيده السياق المكتنف بالسباق واللحاق . ( " وإن أحدا لم يصل علي " ) : يحتمل الإطلاق والتقييد ( " إلا عرضت علي " ) : إما بالمكاشفة أو بواسطة الملائكة ( " صلاته " ) ، أي : وإن طالت المدة من ابتداء شروعه ( " حتى يفرغ منها " ) ، أي : من الصلاة يعني : الصلوات كلها معروضة علي . ( قال ) ، أي أبو الدرداء ظنا أن هذا مختص بحال الحياة الظاهرة ( قلت : وبعد الموت ) ، أي : أيضا ، والاستفهام مقدر ويبعد الحمل على الاستبعاد لمخالفته حسن الاعتقاد ، أو وبعد الموت ما الحكم فيه ؟ ( قال : " إن الله حرم على الأرض " ) ، أي منعها منعا كليا ( " أن تأكل أجساد الأنبياء " ) ، أي : جميع أجزائهم ، فلا فرق لهم في الحالين ، ولذا قيل : أولياء الله لا يموتون ولكن ينتقلون من دار إلى دار ، وفيه إشارة إلى أن العرض على مجموع الروح والجسد منهم بخلاف غيرهم ، ومن في معناهم من الشهداء والأولياء ، فإن عرض الأمور ومعرفة الأشياء إنما هو بأرواحهم مع أجسادهم ( " فنبي الله " ) : يحتمل الجنس والاختصاص بالفرد الأكمل ، والظاهر هو الأول ; لأنه رأى موسى قائما يصلي في قبره ، وكذلك إبراهيم كما في حديث مسلم ، وصح خبر : الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ، قال البيهقي : وحلولهم في أوقات مختلفة في أماكن متعددة جائز عقلا ، كما ورد به خبر الصادق : ( " حي " ) ، أي دائما ( " يرزق " ) : رزقا معنويا فإن الله تعالى قال في حق الشهداء من أمته ( بل أحياء عند ربهم يرزقون ) فكيف سيدهم بل رئيسهم ; لأنه حصل له أيضا مرتبة الشهادة مع مزيد السعادة بأكل الشاة المسمومة وعود سمها المغمومة ، وإنما عصمه الله تعالى من الشهادة الحقيقية للبشاعة الصورية ، ولإظهار القدرة الكاملة بحفظ فرد من بين أعدائه من شر البرية ، ولا ينافيه أن يكون هناك رزق حسي أيضا ، وهو الظاهر المتبادر ، وقد صح أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق من ثمر الجنة . رواه الترمذي ، عن كعب بن مالك . وفي رواية : أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت ، وتأكل من ثمرها ، ثم تأوي إلى قناديل من تحت العرش ، ثم هذه الجملة يحتمل أن تكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم نتيجة للكلام ، ويحتمل أن تكون من قول الراوي استفادة من كلامه وتفريعا عليه صلى الله عليه وسلم . ( رواه ابن ماجه ) ، أي بإسناد جيد نقله ميرك عن المنذري ، وله طرق كثيرة بألفاظ مختلفة .

[ ص: 1021 ]



الخدمات العلمية