الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1643 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع الحديد والجلود ، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم . رواه أبو داود ، وابن ماجه .

التالي السابق


1643 - ( وعن ابن عباس قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد ) : جمع قتيل ، والباء بمعنى " في " أي : أمرني في حقهم . ( أن ينزع عنهم الحديد ) أي : السلاح والدروع . ( والجلود ) : مثل الفرو والكساء غير الملطخ بالدم . ( وأن يدفنوا بثيابهم ودمائهم ) أي : المتلطخة بالدم ، ثم لا يغسل الشهيد ، ولا يصلى عليه لكرمه ، فإنه مغفور عند الشافعي ، وأما عند أبي حنيفة فلا يغسل ، ولكن يصلى ذكره الطيبـي ، ولا يخفى ضعف تعليله . ( رواه أبو داود ) قال ميرك : وفي سنده أبو عاصم الواسطي ضعفوه ، وعطاء بن السائب تغير بآخره . وقال ابن الهمام : وفي ترك غسل الشهيد أحاديث . منها : ما أخرج البخاري وأصحاب السنن ، عن الليث بن سعد ، عن الزهري ، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن جابر بن عبد الله : أنه عليه الصلاة والسلام كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ويقول : " أيهما أكثر أخذا للقرآن " فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد ، وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة ، أمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلهم . زاد البخاري : ولم يصل عليهم . قال النسائي : لا أعلم أحدا تابع الليث من أصحاب الزهري على هذا الإسناد ، ولم يؤثر عند البخاري تفرد الليث بالإسناد المذكور .

ثم . قال ابن الهمام : وإنما معتمد الشافعي ما في البخاري ، عن جابر : أنه عليه الصلاة والسلام لم يصل على قتلى أحد ، وهذا معارض بحديث عطاء بن أبي رباح : أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد . أخرجه أبو داود في المراسيل ، فيعارض حديث جابر عندنا ، ثم يترجح بأنه مثبت ، وحديث جابر ناف ، ونمنع أصل المخالف في تضعيف المرسل ، ولو سلم فعنده إذا اعتضد برفع معناه قبل .

وقد روى الحاكم عن جابر قال : فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين فاء الناس من القتال فقال رجل : رأيته عند تلك الشجرة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه ، فلما رآه ورأى ما مثل به شهق أي : تردد البكاء في صدره كمنع وضرب وسمع قاله في القاموس . وبكى ، فقام رجل من الأنصار فرمى عليه بثوب ، ثم جيء بحمزة فصلى عليه ، ثم بالشهداء فيوضعون إلى جانب حمزة ، فصلى عليهم ، ثم يرفعون ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم .

[ ص: 1190 ] وقال عليه الصلاة والسلام : " حمزة سيد الشهداء عند الله يوم القيامة " مختصر . وقال : صحيح الإسناد ، وفي سنده من تكلم فيه ، فلا يقصر عن درجة الحسن ، وهو حجة استقلالا ، فلا أقل من صلاحيته عاضدا لغيره .

وأسند أحمد عن ابن مسعود قال : كان النساء يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين إلى أن قال : فوضع النبي صلى الله عليه وسلم حمزة ، وجيء برجل من الأنصار ، فوضع في جنبه ، فصلى عليه ، فرفع الأنصاري وترك حمزة ثم جيء بآخر ، فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه ، ثم رفع فصلى عليه يومئذ سبعين صلاة ، وهذا لا ينزل عن درجة الحسن .

وأخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : لما انصرف المشركون عن قتلى أحد إلى أن قال : ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فكبر عليه عشرا ، ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه ، حتى صلى عليه سبعين صلاة ، وكانت القتلى يومئذ سبعين ، وهذا أيضا لا ينزل عن الحسن ، ثم لو كان الكل ضعيفا ارتقى الحاصل إلى درجة الحسن .




الخدمات العلمية