الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2637 - وعن ابن عمر - رضي الله عنهما ، أنه أتى على رجل قد أناخ بدنته ينحرها ، قال : ابعثها قياما مقيدة سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - . متفق عليه .

التالي السابق


2637 - ( وعن ابن عمر : أنه ) أي : ابن عمر ( أتى ) أي : مر ( على رجل قد أناخ بدنته ينحرها ) أي : حال كونه يريد نحرها ( قال ) أي : ابن عمر ( ابعثها ) أي : أقمها ( قياما ) : حال مؤكدة ، أي : قائمة ، وقد صحت الرواية بها ، وعاملها محذوف دل عليه أول الكلام أي : انحرها قائمة لا ابعثها ; لأن البعث إنما يكون قبل القيام ، اللهم إلا أن تجعلها حالا مقدرة ، كقوله - تعالى : وبشرناه بإسحاق نبيا أي : ابعثها مقدرا قيامها . ولا يجوز انتصابه على المصدرية ، لا بعثها لما بينهما من التقارب ، كأنه قال : أقمها قياما لخلو الكلام عن المقصود ، وهو تقييد النحر بالقيام . ( مقيدة ) : قال الطيبي - رحمه الله : السنة أن ينحرها قائمة معقولة اليد اليسرى ، والبقر ، والغنم تذبح مضطجعة على الجانب الأيسر مرسلة الرجل ، فمقيدة حال ثانية ، أو صفة لـ " قائمة " . ( سنة محمد - صلى الله عليه وسلم - ) منصوب على المفعولية أي : فاعلا بها سنة محمد ، أو أصبت سنة محمد ، ويجوز رفعه خبرا لمبتدأ محذوف . ( متفق عليه ) .

قال ابن الهمام : وأخرج أبو داود ، عن جابر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، كانوا ينحرون البدنة معقولة اليد اليسرى ، قائمة على ما بقي من قوائمها ، ثم قال : وإنما سن النبي - صلى الله عليه وسلم - النحر قياما عملا بظاهر قوله - تعالى : فإذا وجبت جنوبها والوجوب السقوط ، وتحققه في حال القيام . أظهر ، أقول : الاستدلال بقوله - تعالى : فاذكروا اسم الله عليها صواف أظهر ، وقد فسره ابن عباس بقوله : قياما على ثلاث قوائم ، وهو إنما يكون بعقل الركبة ، والأولى كونها اليسرى ، للاتباع . رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم .

وعن أبي حنيفة : نحرت بدنة قائمة ، فكدت أهلك قياما من الناس ، لأنها نفرت ، فاعتقدت أن لا أنحر بعد ذلك إلا باركة معقولة . والحاصل أن القيام أفضل ، فإن لم يتسهل ، فالقعود أفضل من الاضطجاع ، نعم ، ذبح نحر الإبل خلاف الأولى إن ثبت عن مالك ما نقل عنه أن الإبل لا يحل ذبحها ، والظاهر عدم ثبوته عنه ، فقد قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا حرم ذلك ، وإنما كرهه مالك ، وأما ما وقع في بعض كتب الشافعية من أن نحر البقر ، والغنم يحرم إجماعا فهو غلط ، والصواب كما عبر به العبدري ، وغيره يجوز إجماعا .




الخدمات العلمية