الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الفصل الثاني )

3013 - عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا ترقبوا ولا تعمروا ، فمن أرقب شيئا أو أعمر فهي لورثته . رواه أبو داود .

التالي السابق


( الفصل الثاني )

3013 - ( عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا ترقبوا ) : من الإرقاب بمعنى المراقبة والاسم الرقبى وهي أن يقول : وهبت لك داري فإن مت قبلي رجعت إلي ، وإن مت قبلك فهي لك ، فعل من المراقبة لأن كلا منهما يرقب موت صاحبه كذا في تلخيص النهاية ، ثم الرقبى لا تصح عند أبي حنيفة ومحمد ، وتصح عند أبي يوسف - رحمهم الله تعالى - ( ولا تعمروا ) : من الإعمار .

قال بعض الشراح من علمائنا : هذا نهي إرشاد يعني لا تهبوا أموالكم مدة ثم تأخذونها ، بل إذا وهبتم شيئا زال عنكم ولا يرجع إليكم سواء كان بلفظ الهبة أو العمرى أو الرقبى ، والرقبى اسم من أرقب الرجل إذا قال لغيره وهبت لك كذا على إن مت قبلك استقر عليك وإن مت قبلي عاد إلي ، وأصله المراقبة لأن كل واحد يرقب موت صاحبه ( فمن أرقب شيئا أو أعمر ) : بصيغة المفعول فيهما ( فهي ) أي : العمرى أو الرقبى المفهومين من الفعلين وفي نسخة وهي ، والظاهر فهو أي ذلك الشيء ( لورثته ) : قال الطيبي - رحمه الله - : الضمير للمعمر له وكذا المراد بأهلها والفاء في " فمن أرقب " تسبب للنهي وتعليل له يعني لا ترقبوا ولا تعمروا ظنا منكم واغترارا أن كلا منهما ليس بتمليك للمعمر له فيرجع إليكم بعد موته وليس كذلك فإن من أرقب شيئا أو أعمر فهو لورثة المعمر له فعلى هذا يتحقق إصابة ما ذهب إليه الجمهور في أن العمرى للمعمر له وأنه يملكها ملكا تاما يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات وتكون لورثته بعده ، وينصر هذا التأويل الحديث الذي يليه في الفصل الثالث وفي النهاية : " كانوا في الجاهلية يفعلون ذلك فأبطله الشارع وأعلمهم أن من أعمر شيئا أو أرقبه في حياته فهو لورثته من بعده " وقد تعاضدت الروايات على ذلك والفقهاء فيها مختلفون ، فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلونها تمليكا ، ومنهم من يجعلها كالعارية ويتأول الحديث ( رواه أبو داود ) .

[ ص: 2007 ]



الخدمات العلمية