الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
327 - وعنه ، قال : أهديت له شاة فجعلها في القدر ، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( ما هذا يا أبا رافع ؟ ) فقال : شاة أهديت لنا يا رسول الله ! فطبختها في القدر . قال : ( ناولني الذراع يا أبا رافع ! ) فناولته الذراع . ثم قال : ( ناولني الذراع الآخر ) فناولته الذراع الآخر . ثم قال ( ناولني الذراع الآخر ) فقال له : يا رسول الله ! إنما للشاة ذراعان . فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أما إنك لو سكت لناولتني ذراعا فذراعا ما سكت ، ثم دعا بماء فتمضمض فاه ، وغسل أطراف أصابعه ، ثم قام فصلى ، ثم عاد إليهم ، فوجد عندهم لحما باردا ، فأكل ، ثم دخل المسجد فصلى ولم يمس ماء . رواه أحمد .

التالي السابق


327 - ( وعنه ) : أي عن أبي رافع ( قال : أهديت له ) : أي لأبي رافع ( شاة ) : برفعها على بناء الفاعل ، قيل فيه التفات والأظهر أنه نقل بالمعنى ( فجعلها في القدر ) : أي : للطبخ فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( ما هذا ) : أي : أي شيء هذا الذي في القدر ( يا أبا رافع ) يقرأ بالهمزة ولا تكتب ( فقال : شاة أهديت لنا يا رسول الله فطبختها في القدر فقال : ( ناولني الذراع ) بفتح الياء وتسكن ( يا أبا رافع ! ) فناولته الذراع . في القاموس الذراع : بالكسر من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى والساعد ، وقد يذكر فيهما ثم قال : ( ناولني الذراع الآخر ) فناولته الذراع الآخر . ثم قال : ( ناولني الذراع الآخر ) : لمحبته للذراع تقوية للبدن على عبادة مولاه ولاستغراقه في الحضور مع الله تعالى حيث لم يخطر بباله سواه ( فقال ) : أي : أبو رافع على سبيل الالتفات أو التقدير فقال قائل : ( يا رسول الله ! إنما للشاة ذراعان ) : وفي رواية الترمذي : وكم للشاة من ذراع ؟ والظاهر أن هذا استفهام استبعاد لا إنكار لأنه لا يليق بهذا المقام ( فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أما ) : بالتخفيف للتنبيه ( إنك ) : بالكسر ( لو سكت ) : أي عما قلت لي وامتثلت أدبي ( لناولتني ذراعا فذراعا ما سكت ) : أي : ما سكت أنت وطلبت أنا . قال الطيبي : الفاء في فذراعا للتعاقب كما في قوله الأمثل فالأمثل ، وما في ما سكت للمدة والمعنى ناولتني ذراعا عقب ذراع إلى ما لا نهاية له ما دمت ساكتا فلما نطقت انقطعت . اهـ .

وفي رواية الترمذي : ما دعوت أي ما طلبت من الدعوة بالفتح ، والمعنى مدة دوام طلبه لأن الله سبحانه وتعالى [ ص: 370 ] يخلق ما يشاء ، وكان يخلق فيها ذراعا بعد ذراع معجزة وكرامة له - صلى الله عليه وسلم - وإنما منع كلامه من ذلك قيل لأنه شغل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التوجه إلى ربه بالتوجه إليه أو إلى جواب سؤاله والله أعلم ( ثم دعا بماء فتمضمض فاه ) : أي : حرك ماء فمه ، وفي نسخة : فمضمض . في القاموس : المضمضة تحريك الماء في الفم ، وتمضمض للوضوء مضمض ( وغسل أطراف أصابعه ) : أي : محل الدسومة والتلوث على قدر الحاجة لا على قصد التكبير ( ثم قام فصلى ، ثم عاد إليهم ) : أي : إلى أبي رافع وأهل بيته ( فوجد عندهم لحما باردا فأكل ) لأنه كان صلى الله تعالى عليه وسلم يحب اللحم وما كان يجده دائما ، ففي الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : ما كانت الذراع أحب اللحم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكنه كان لا يجد اللحم إلا غبا أي : وقتا دون وقت ، وكان يعجل إليها أي الذراع لأنها أعجلها أي اللحوم نضجا أي طبخا ( ثم دخل المسجد ) : أي : بعد فراغ المعاش توجه إلى السعي في المعاد ( فصلى : أي شكر الله ( ولم يمس ماء ) . أي : للوضوء ولا لغسل الفم قبل الصلاة ( رواه أحمد ) . أي عن أبي رافع .




الخدمات العلمية