الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3862 - وعنه ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ستفتح عليكم الروم ويكفيكم الله ; فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه " . رواه مسلم .

التالي السابق


3862 - ( وعنه ) : أي : عن عتبة بن عامر رضي الله عنه ( قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ستفتح عليكم الروم ) : أي : بفتح الله ونصره ( ويكفيكم الله ) : أي : شرهم بقوته وقهره ، لكن ثوابكم وأجركم مترتب على سعيكم وكسبكم ( فلا يعجز أحدكم ) : بصيغة النهي ، وفي نسخة بالنفي ، وفي شرح مسلم هو بكسر الجيم على المشهور وبفتحها لغة ، والمعنى لا يكسل أحدكم ( من أن يلهو ) : أي : يشتغل ، أو يلعب ( بأسهمه ) : أي : مع قسيه بنية الجهاد مع أهل الروم وغيرهم من ذوي العناد ( رواه مسلم ) : وفي الجامع الصغير بلفظ : " ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله فلا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه " رواه أحمد ومسلم ، عن عقبة بن عامر قال المظهر : يعني أهل الروم غالب حربهم الرمي ، وأنتم تتعلمون الرمي ليمكنكم محاربة أهل الروم وستفتح عليكم ، ويدفع الله عنكم شر أهل الروم ، فإذا فتح لكم الروم فلا تتركوا الرمي وتعلمه بأن تقولوا : لم نكن نحتاج في قتالهم إلى الرمي ، بل تعلموا الرمي ، وداوموا عليه ، فإن الرمي مما يحتاج إليه أبدا . وقال الأشرف : أي : لا ينبغي أن يعجز أحدكم عن تعلم الرمي ، حتى إذا حان وقت فتح الروم أمكنه العون على الفتح ، وهذا حث وتحريض منه صلوات الله عليه على تعلم الرمي ، والمعنى : له أن يلعب بها وليس ممنوعا عنه . قال الطيبي : لعل الأوجه التوجيه الثاني فإن الفاء في قوله : فلا يعجز سببية كأنه قيل : إن الله سيفتح لكم عن قريب الروم وهم رماة ، ويكفيكم الله تعالى بواسطة الرمي شرهم ؛ فإذن لا يعجز أحدكم أن يلهو بأسهمه ; أي : عليكم أن تهتموا بشأن النضال ، وتمرنوا فيه ، وعضوا عليه بالنواجذ ، حتى إذا زاولتم محاربة الروم تكونوا متمكنين ، وإنما أخرجه مخرج اللهو إمالة للرغبات إلى تعلم الرمي وإلى الترامي والمسابقة ، فإن النفوس مجبولة على ميلها إلى اللهو .




الخدمات العلمية