الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

4253 - عن أبي عسيب ، قال : " خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا ، فمر بي فدعاني ، فخرجت إليه ، ثم مر بأبي بكر فدعاه ، فخرج إليه ، ثم مر بعمر فدعاه ، فخرج إليه ، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار ، فقال لصاحب الحائط : " أطعمنا بسرا " فجاء بعذق ، فوضعه ، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ثم دعا بماء بارد ، فشرب فقال : " لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة " ، قال : فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال : يا رسول الله ! إنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة ؟ ، قال : " نعم ، إلا من ثلاث : خرقة لف بها الرجل عورته ، أو كسرة سد بها جوعته ، أو حجر تدخل فيه من الحر والقر " رواه أحمد ، والبيهقي في " شعب الإيمان " مرسل .

التالي السابق


الفصل الثالث

4253 - ( عن أبي عسيب ) : بفتح العين وكسر السين المهملتين - رضي الله عنه - مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واسمه أحمد ، روى عنه مسلم بن عبيد ، ذكره المؤلف ( قال : خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا فمر بي فدعاني ، فخرجت إليه ، ثم مر بأبي بكر فدعاه ، فخرج إليه ، ثم مر بعمر فدعاه ، فخرج إليه ، فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار ) : يحتمل أن يكون أبا الهيثم وتكون القضية متعددة ، وأن يكون غيره من الأنصار ( فقال لصاحب الحائط : " أطعمنا بسرا " ; ؟ فجاء بعذق فوضعه ) : أي بين يديه ( فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، ثم دعا بماء بارد فشرب ) : أي هو وأصحابه ( فقال : لتسألن ) : بصيغة المخاطب تغليبا ومراعاة للفظ الآية ، أو إشعارا بأن الأنبياء غير مسئولين عن النعماء ( عن هذا النعيم ) : أي وعن أمثاله ( يوم القيامة قال : فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) : بكسر القاف وفتح الموحدة أي جانبه ، وهذا وقع له من كمال الخوف والهيبة الإلهية في السؤال عن الأمور الجزئية والكلية ، ( ثم ) : أي بعد إفاقته من حال غيبته لأجل جذبته ( قال : يا رسول الله ! إنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة ؟ ) : قال الطيبي رحمه الله : يجوز أن يكون المشار إليه المذكور قبله ، وأن يكون المشار إليه العذق المتناثر تحقيرا لشأنه ، قلت : الظاهر هو الأول ، فإن محل السؤال هو النعيم المأكول ، كما يدل عليه الجواب أيضا . ( قال : نعم ) : أي أنتم مسئولون عن كل نعيم تتنعمون وتنتفعون به ، ( إلا من ثلاث ) : أي من نعم ثلاث ، والمعنى من إحدى ثلاث ( خرقة ) : بالجر على البدلية ( لف ) : بفتح اللام وتشديد الفاء أي ستر ( بها الرجل عورته ) : وفي نسخة كف بالكاف أي منعها عن الكشف ( أو كسرة سد بها جوعته ) : [ ص: 2740 ] بفتح الجيم وهي مصدر مرة ، ففي القاموس : الجوع ضد الشبع وبالفتح المصدر ( أو حجرا ) : بضم الحاء المهملة وسكون الجيم فراء أي مكان محجر ، ومنه الحجرة مأخوذ من الحجر مثلثة : المنع ، فإنه يمنع دخول غيره عليه إلا بإذنه ، أو يدفع وصول الشمس وحصول الهواء المخالف إليه ، وإليه أشار بقوله : ( يتدخل فيه ) : أي يتكلف في دخوله لكونه ضيقا أو حبسا ( من الحر والقر ) : أي من أجلهما والقر بالضم ويخص بالشتاء على ما في القاموس ، ومنه ما في حديث أم زرع : " لا حر ولا قر " ، وأما القر بفتح القاف فهو بمعنى البارد ، وأما ما ضبط في بعض النسخ بالفتح فهو إما غفلة أو أراد المشاكلة ، وأراد بالحر الحار . وفي نسخة صحيحة " أو حجر " بضم جيم فسكون : قال الطيبي : ولعل الأنسب فيه ضم الجيم وبعدها جاء ساكنة ليوافق القرينتين السابقتين في الحقارة تشبيها بجحر اليرابيع ونحوها في الحقارة ، ومن ثم عقبه بقوله " يتدخل " ، فإنه يدل على أنه بقدر الحاجة ، بل أقل وأقله يدفع عنه الحر والبرد . ( رواه أحمد ، والبيهقي في شعب الإيمان ) : وفي بعض النسخ زاد : مرسلا وهو غير ملائم للمقام ، ولعله قيد لرواية البيهقي ، والأظهر أنه انتقال من الحديث الثاني بعد هذا ، فإنه مرسل كما سيأتي ، وزاد الحاكم في المستدرك : فلما كبر على أصحابه قال : " إن أصبتم مثل هذا وضربتم بأيديكم فقولوا : بسم الله على بركة الله ، فإذا شبعتم فقولوا : الحمد لله الذي هو أشبعنا وروانا وأنعم علينا وأفضل ، فإن هذا كفاف هذا " .




الخدمات العلمية