الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4650 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا لقي أحدكم أخاه ، فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ، أو جدار ، أو حجر ، ثم لقيه ، فليسلم عليه " . رواه أبو داود .

التالي السابق


4650 - ( وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا لقي أحدكم أخاه ) أي : المسلم ( فليسلم عليه ، فإن حالت بينهما شجرة ، أو جدار ، أو حجر ) ، أي كبير ( ثم لقيه ، فليسلم عليه ) أي : مرة أخرى تجديدا للعهد وتأكيدا للود . قال الطيبي : فيه حث على إفشاء السلام ، وأن يكرر عند كل تغير حال ولكل جاء وغاد ، وقال النووي : روينا في موطأ الإمام مالك أن الطفيل أخبر أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق . قال : قلت له ذات يوم : ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع ، ولا تسأل عن السلع ، ولا تسوم بها [ ص: 2947 ] ولا تجلس في مجالس السوق ؟ فقال لي : إنما نغدو من أجل السلام ونسلم على من لقينا . قلت : هذا الحديث سيأتي بأبسط من هذا في الفصل الثالث ، ويناسبه ما كان بعض المشايخ من السادة النقشبندية يختار القعود في السوق قائلا : إن هذا خلوة الرجال ، ولعل وجهه قوله - صلى الله عليه وسلم - ذاكر الله في الغافلين بمنزلة الصابر في الفارين على ما رواه البزار والطبراني في الأوسط ، كلاهما من حديث ابن مسعود ، هذا وفي الحديث الصحيح المروي عن عمر - رضي الله تعالى عنه - برواية أحمد والترمذي وأبي داود والحاكم : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : " من دخل السوق فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ، كتب الله له ألف ألف حسنة ، ومحى عنه ألف ألف سيئة ، ورفع له ألف ألف درجة " ولعل وجه الحكمة في ذلك أن الله تعالى ينظر في كل ساعة إلى عباده نظر رحمة وعناية ، فكل من غفل فاته ، وكل من شهد وحضر أدركه ، بل وأخذ من نصيب غيره ، ولعله هذا هو الباعث على الترغيب في الجمعة والجماعة ومجالس الذكر ، فإنه بمنزلة المأدبة الجامعة لأنواع المشتهيات ، فكل من يكون حاضرا مشتاقا يأخذ منها حظه ونصيبه ، والغائب أو الحاضر الغافل أو المريض المعدوم الاشتهاء يقعد محروما ، هذا وقد قال النووي : ويستثنى من ذلك مقامات ومواضع ، منها : إذا كان مشتغلا بالبول والجماع ونحوهما ، فيكره أن يسلم عليه ، ومنها : إذا كان نائما أو ناعسا أو مصليا أو مؤذنا في حال أذانه أو كان في حمام ونحوه ، أو كان آكلا واللقمة في فمه ، فإن سلم عليه في هذه الأحوال لا يستحق جوابا ، وأما إذا كان في حال المبايعة من المعاملات فيسلم ويجب الجواب ، وأما السلام في حال خطبة الجمعة فقال أصحابنا : يكره الابتداء به ; لأنهم مأمورون بالإنصات ، فإن خالف وسلم فهل يرد عليه ؟ فيه خلاف ، منهم من قال : لا يرد ، ومنهم من قال : إن قلنا إن الإنصات واجب لا يرد ، وإن قلنا سنة رد عليه واحد من الحاضرين فحسب . قلت : المعتمد في مذهبنا أن الإنصات واجب ، فلا يجوز السلام ولا يستحق الرد بلا كلام . قال : وأما السلام على القارئ فقال الواحدي : الأولى ترك السلام عليه ، وإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة ، وإن رد باللفظ استأنف الاستعاذة . قال أي الواحدي : والظاهر أنه يجب الرد باللفظ . ( رواه أبو داود ) . وكذا ابن ماجه والبيهقي .




الخدمات العلمية