الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4747 - وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنهما - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام ، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ، ويتبسم - صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم . وفي رواية للترمذي : يتناشدون الشعر .

التالي السابق


4747 - ( عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه ) أي : الصبح ( حتى تطلع الشمس ) أي : طلوعا حسنا كما سبق ( فإذا طلعت الشمس قام ) أي : لصلاة الإشراق ، وهو مبدأ صلاة الضحى ، أو معناه قام للانصراف . قال النووي : فيه استحباب الذكر بعد الصبح ، وملازمته مجلسها ما لم يكن عذر . قال القاضي عياض : وكان السلف يواظبون على هذه السنة ، ويقتصرون في ذلك على الذكر والدعاء حتى تطلع الشمس . ( وكانوا ) أي : أصحابه ( يتحدثون ) أي : فيما بين الوقتين ، وهو الأظهر ، أو في غيره أو مطلقا غير مقيد بوقت دون وقت ( فيأخذون في أمر الجاهلية ) أي : على سبيل المذمة ، أو بطريق الحكاية لما فيها من فائدة وغيره ، من جملته أنه قال واحد : ما نفع أحدا صنمه مثل ما نفعني . قالوا : كيف هذا ؟ قال : صنعته من الحيس ، فجاء القحط ، فكنت آكله يوما فيوما ، وقال آخر : رأيت ثعلبين جاءا وصعدا فوق رأس صنم لي وبالا عليه فقلت : أرب يبول الثعلبان برأسه

فجئتك يا رسول الله ! وأسلمت . ( فيضحكون ، ويتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . رواه مسلم . وفي رواية للترمذي : يتناشدون الشعر ) أي : يقرءونه ، أو يطلب بعضهم من بعض قراءته . في الشمائل : عن جابر بن سمرة ، قال : جالست النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مائة مرة ، وكان أصحابه يتناشدون الشعر ، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت ، وربما يتبسم معهم . ومن المعلوم أن في مجلسه الشريف لا يتناشد إلا الشعر المنيف المشتمل على التوحيد والترغيب والترهيب ، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بشعر ابن رواحة ، يقول :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود



وقد قال - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق : " إن أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد :

ألا كل شيء ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل



أي : من نعيم الدنيا لقوله بعد ذلك : نعيمك في الدنيا غرور وحسرةوعيشك في الدنيا محال وباطل

هذا ومن لطائف ما حكي عن بعض المشايخ أنه قرأ بعد صلاة الصبح حزبه من القرآن ، ثم أنشد أحد من أصحابه شعرا ، فحصل له بكاء وتواجد ، فلما سكن قال : أتلومون الناس يقول فلان ملحد أو زنديق ؟ قرأت كذا من القرآن و لم يخرج لي دمعة ، فلما سمعت هذا الشعر كدت أن أتجنن . أقول : هذا فتح باب للسماع ، وينجر إلى ما وقع فيه من النزاع ، ويحتاج إلى بيان الحكمة في الفرق بين حالي الشيخ في ذلك المقام مما يحتاج إلى بسط في الكلام ، فأعرضنا عنه شروعا في الأهم منه من المرام .




الخدمات العلمية