الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5006 - وعنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي " . رواه مسلم .

التالي السابق


5006 - ( وعنه ) أي : عن أبي هريرة ( قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يقول يوم القيامة ) أي : على رءوس الأشهاد تعظيما لبعض العباد من العباد ( أين المتحابون بجلالي ؟ ) أي : بسبب عظمتي ولأجل تعظيمي ، أو الذين يكون التحابب بينهم ; لأجل رضا جنابي وجزاء ثوابي . قال الطيبي : الباء فيه . بمعنى " في " وفيه ما فيه . قال : وخص الجلال بالذكر ; لدلالته على الهيبة والسطوة أي : المنزهون عن شائبة الهوى والنفس والشيطان في [ ص: 3134 ] المحبة ، فلا يتحابون إلا لأجلي ولوجهي . قلت : ويمكن أن يكون من باب الاكتفاء والتقدير بجلالي وجمالي أي : المتحابون لي أي : في حالتي القبض والبسط ، والخوف والرجاء ، والمحنة والمنحة ، فيفيد دوام تحابيهم ( اليوم ) : قال شارح : ظرف متعلق بأين . قلت : الأظهر أنه ظرف لقوله : ( أظلهم في ظلي ) أي : أدخلهم في ظل حمايتي ، أو أريحهم من حرارة الموقف راحة من استظل أو أظلهم في ظل عرشي وهو الأظهر فتدبر ، ويؤيده ما رواه الطبراني في الكبير عن أبي أيوب : " المتحابون في الله على كراسي من ياقوت تحت العرش " وقوله : ( يوم لا ظل إلا ظلي ) : بدل من اليوم المتقدم كما قال الطيبي ، أو منصوب بتقدير أعني ، وهو الأظهر . وفي شرح مسلم للنووي قال القاضي : الظاهر أنه في ظل الله عن الحر ووهج الموقف ، وقال عيسى بن دينار : هو كناية عن كونه في كنفه وستره ، ومنه قولهم : السلطان ظل الله في الأرض ، ويحتمل أن يكون عبارة عن الراحة والتنعيم يقال : هو في عيش ظليل أي : طيب . ذكره الطيبي ، وأوسط الأقوال هو الأوسط ، إذ لا يصح إسناد الظل حقيقة إلى الله تعالى ، فيتعين تأويله بارتكاب المجاز أو بحذف المضاف وما أبعد الاحتمال الأخير ، إذ يصير التقدير أنعمهم في نعمتي ، ولكن التقليد متغلب على الأمي وحب الشيء يصم ويعمي . ( رواه مسلم ) : وكذا أحمد .




الخدمات العلمية