الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ قلب المتن وأمثلته ] وأما قلب المتن فحقيقته أن يعطى أحد الشيئين ما اشتهر للآخر ، ونحوه قول ابن الجزري : هو الذي يكون على وجه فينقلب بعض لفظه على الراوي ، فيتغير معناه وربما انعكس ، وجعله نوعا مستقلا سماه المنقلب ، فاجتمع بما ذكرناه أربعة أنواع هي في الحقيقة أقسام .

وأمثلته في المتن قليلة ; كحديث : حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ; فإنه جاء مقلوبا بلفظ : حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله .

وما اعتنى بجمعها ، بل ولا بالإشارة إليها إلا أفراد منهم من المتأخرين [ ص: 346 ] الجلال بن البلقيني في جزء مفرد ، ونظمها في أبيات ، ومما ذكره تبعا لمحاسن والده - رحمهما الله - حديث عائشة مرفوعا : إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل ، فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال فهو مقلوب ; إذ الصحيح في لفظه عن عائشة : إن بلالا يؤذن بليل الحديث .

وكذا جاء عن ابن عمر ، ولم يرتض البلقيني جمع ابن خزيمة بينهما ، بتجويز أن يكون - صلى الله عليه وسلم - كان جعل أذان الليل نوبا بينهما ، فجاء الخبران على حسب الحالين ، وإن تابعه ابن حبان عليه ، بل بالغ فجزم به .

وقال البلقيني : إنه بعيد ، ولو فتحنا باب التأويل ، لاندفع كثير من علل المحدثين .

وأما شيخنا فمال إلى ضعف رواية القلب . وقال ابن عبد البر : المحفوظ حديث ابن عمر ، وهو الصواب .

ومن أمثلته ما رواه البخاري من طريق عبيد الله بن عمر ، عن محمد بن يحيى بن حبان ، عن [ واسع بن حبان ] ، عن ابن عمر قال : ( ارتقيت فوق بيت حفصة ، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته مستدبر القبلة ، مستقبل الشام ) .

فرواه ابن حبان كما في نسخة صحيحة معتمدة قديمة جدا من طريق وهيب عن عبيد الله بن عمر وغيره ، عن محمد بن يحيى بلفظ : ( مستقبل القبلة ، مستدبر [ ص: 347 ] الشام ) ; رواه عن الحسن بن سفيان عن إبراهيم بن الحجاج ، عن وهيب ، وهو مقلوب .

قد رواه الإسماعيلي في مستخرجه عن أبي يعلى ، عن إبراهيم ، فقال : ( مستدبر القبلة مستقبل الشام ) كالجادة ، فانحصر في الحسن بن سفيان أو ابن حبان .

التالي السابق


الخدمات العلمية