الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  9761 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا أبو نعيم ، ثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزعراء ، قال : ذكروا عند عبد الله الدجال فقال : " تفترقون أيها الناس ثلاث فرق : فرقة تتبعه ، وفرقة تلحق بأرض آبائها منابت الشيح ، وفرقة تأخذ شط هذا الفرات فيقاتلهم ، ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بغربي الشام ، فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس أشقر أو أبلق فيقتلون لا يرجع إليهم شيء " ، قال : وحدثني أبو صادق : عن ربيعة بن ناجد ، عن عبد الله ، قال : " فرس [ ص: 355 ] أشقر " ، قال عبد الله : " ويزعم أهل الكتاب أن المسيح ينزل فيقتله " - ولم أسمعه يحدث عن أهل الكتاب حديثا غير هذا - " ثم يخرج يأجوج ومأجوج ، فيموجون في الأرض فيفسدون فيها ، ثم قرأ عبد الله : وهم من كل حدب ينسلون ، ثم يبعث الله عليه دابة مثل هذه النغفة فيلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون ، فتنتن الأرض منهم " ، قال : " فتجأر الأرض إلى الله فيرسل الله ماء فيطهر الأرض منهم ، ثم يبعث الله ريحا فيه زمهرير باردة فلا تدع على وجه الأرض مؤمنا إلا كفت بتلك الريح ، ثم تقوم الساعة على شرار الناس ، ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه ، ولا يبقى خلق لله عز وجل في السماوات والأرض إلا مات ، إلا من شاء ربك ، ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون " ، قال : " فليس من بني آدم خلق إلا في الأرض منه شيء ، ثم يرسل الله ماء من تحت العرش يمني كمني الرجال ، فتنبت جسمانهم ، ولحمانهم من ذلك الماء كما ينبت الأرض من السدي ، ثم قرأ عبد الله : الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ، ثم يقوم ملك بالصور بين السماء ، والأرض فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها حتى يدخل فيه ، فيقومون فيحيون حية رجل واحد قياما لرب العالمين ، ثم يتمثل الله عز وجل للخلق فيلقاهم فليس أحد من الخلق يعبد من دون الله شيئا إلا هو مرتفع له يتبعه ، فيلقى اليهود فيقول : ما تعبدون ؟ قالوا : عزيرا ، قال : هل يسركم الماء ؟ قالوا : نعم ، فيريهم جهنم كهيئة السراب ، ثم قرأ عبد الله : وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا ثم يلقى النصارى فيقول : ما تعبدون ؟ قالوا : المسيح ، قال : فهل يسركم الشراب ؟ قالوا : نعم فيريهم جهنم كهيئة السراب ، وكذلك لمن كان يعبد من دون الله شيئا ، ثم قرأ عبد الله : وقفوهم إنهم مسئولون حتى يمر المسلمون فيلقاهم فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله لا نشرك به شيئا ، فينتهرهم مرة أو مرتين : من [ ص: 356 ] تعبدون ؟ فيقولون : سبحانه إذا اعترف لنا عرفناه ، فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجدا ، ويبقى المنافقون ظهورهم طبقا واحدا كأنما فيها السفافيد ، فيقولون : ربنا ، فيقول : قد كنتم تدعون إلى السجود ، وأنتم سالمون ، ثم يأمر بالصراط فيضرب على جهنم ، فيمر الناس بأعمالهم زمرا ، أوائلهم كلمح البرق ، ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير ، ثم كأسرع البهائم " ، ثم قال :

                                                                  " ثم كذلك حتى يجيء الرجل سعيا ، حتى يجيء الرجل مشيا ، حتى يكون آخرهم رجلا يتلقى على بطنه ، فيقول : يا رب أبطأت بي ، فيقول : إنما أبطأ بك عملك ، ثم يأذن الله عز وجل في الشفاعة ، فيكون أول شافع يوم القيامة جبريل ، ثم إبراهيم ، ثم موسى ، أو قال عيسى عليهما السلام ، قال سلمة : ثم يقوم نبيكم صلى الله عليه وسلم رابعا ، لا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه ، وهو المقام المحمود الذي وعده الله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وليس من نفس إلا تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار ، فيقال : لو عملتم ، وهو يوم الحسرة ، قال : فيرى أهل النار البيت الذي في الجنة ، فيقال : لو عملتم ، ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقول : لولا أن من الله عليكم ، ثم يشفع الملائكة ، والنبيون ، والشهداء ، والصالحون ، والمؤمنون فيشفعهم الله ، ثم يقول : أنا أرحم الراحمين فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحدا فيه خير ، ثم قرأ عبد الله : " قل " يا أيها الكفار ما سلككم في سقر ، وعقد بيده ، قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين وعقد أربعا " - وقال سفيان : بيده وضم أربع أصابع ، ووصفه أبو نعيم - ثم قال عبد الله : " هل ترون في هؤلاء أحدا فيه خير ؟ فإذا أراد الله أن لا يخرج منها أحدا غير وجوههم وألوانهم ، فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع ، فقال له : من عرف أحدا [ ص: 357 ] فليخرجه ، فيجيء الرجل فينظر ولا يعرف أحدا ، فيقول الرجل للرجل : يا فلان أنا فلان ، فيقول : ما أعرفك ، فيقولون : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون فإذا قال ذلك : أطبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية