الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 494 ] فصل

                                                                                                                          أركان الصلاة اثنا عشر : القيام ، وتكبيرة الإحرام ، وقراءة الفاتحة ، والركوع ، والاعتدال عنه ، والسجود ، والجلوس بين السجدتين ، والطمأنينة في هذه الأفعال ، والتشهد الأخير والجلوس له ، والتسليمة الأولى ، والترتيب ، ومن ترك شيئا منها عمدا بطلت صلاته .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          ( أركان الصلاة ) : جمع ركن ، وهو جانب الشيء الأقوى ، وهو ما كان فيها ، ولا يسقط عمدا ، ولا سهوا ، وسماها بعضهم فروضا ، وهو لفظي ( اثنا عشر ) كذا في " الوجيز " وغيره ، وجعلها في " البلغة " عشرة ، وعد منها النية ، لأن المشروع فيها قسمان : واجب ، ومسنون ، والأول : قسمان : ما لا يسقط مطلقا ، وهي الأركان ( القيام ) لقوله تعالى وقوموا لله قانتين [ البقرة : 228 ] ولحديث عمران : صل قائما ومحله في الفرض لقادر ، وهو قدر التحريمة ، لأن المسبوق يدرك به فرض القيام ، ذكره في " الخلاف " وغيره ميل رأسه قال أبو المعالي ، وغيره ، وحده ما لم يصر راكعا ، ويستثنى منه العريان ، والخائف ، ولمداواة ، وقصر سقف لعاجز عن الخروج ، ومأموم خلف إمام الحي العاجز عنه بشرطه ، فإن قام على رجل لم يجزئه ، ذكره في المذهب ، وظاهر كلامهم يخالفه ، ونقل ابن بشر : لا أدري ( وتكبيرة الإحرام ) لحديث علي تحريمها التكبير ( وقراءة الفاتحة ) أي : في حق الإمام ، والمنفرد ، ويتحملها إمام عن مأموم ، وكذا بدلها ( والركوع ) إجماعا ، وسنده قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اركعوا [ الحج : 77 ] ، وحديث المسيء في صلاته ، وهو ما رواه أبو هريرة : أن رجلا دخل المسجد فصلى ، ثم جاء فسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه ، ثم قال : ارجع فصل فإنك لم تصل فعل ذلك ثلاثا ، ثم قال : والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره فعلمني ، فقال : إذا قمت إلى الصلاة فكبر ، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع حتى تعتدل قائما ، [ ص: 495 ] ثم اسجد حتى تطمئن جالسا ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها رواه الجماعة ، ولمسلم ، وعزاه عبد الحق إلى البخاري : إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة ، فكبر فدل على أن المسماة في الحديث لا يسقط بحال ، فإنها لو سقطت لسقطت عن الأعرابي لجهله بها ( والاعتدال عنه ) لأنه عليه السلام داوم على فعله ، وقال : صلوا كما رأيتموني أصلي فلو طوله لم تبطل ، قال الحسن بن محمد الأنماطي : رأيت أبا عبد الله يطيل الاعتدال والجلوس بين السجدتين لحديث البراء ، متفق عليه ( والسجود ) إجماعا ( والجلوس بين السجدتين ) لما روت عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من السجود لم يسجد حتى يستوي قاعدا رواه مسلم ( والطمأنينة في هذه الأفعال ) لما سبق ، ولحديث حذيفة أنه رأى رجلا لا يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال له : ما صليت ، ولو مت ، مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا - صلى الله عليه وسلم - رواه البخاري ، وظاهره أنها ركن واحد في الكل ، لأنه يعم القيام ، وهي السكون ، وإن قل ، قدمه ابن تميم والجد في فروعه ، وقيل : بقدر الواجب ، وحكاه ابن هبيرة عن أكثر العلماء ، وقيل : بقدر ظنه أن مأمومه الضعيف ، وثقيل اللسان أتى بما يلزمه ( والتشهد الأخير ، والجلوس له ) هذا هو المذهب ، وهو قول عمر ، وابنه ، وأبي سعيد البدري لقوله : إذا قعد أحدكم في صلاته فليقل التحيات لله الخبر متفق عليه ، وعن ابن مسعود قال : كنا نقول قبل أن يفرض التشهد : السلام على الله ، السلام على جبريل وميكائيل ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تقولوا هكذا ، ولكن قولوا : التحيات لله . . . . ذكره . رواه النسائي ، وإسناده ثقات ، والدارقطني ، وقال : إسناد صحيح ، وقال عمر : لا تجزئ صلاة إلا بتشهد . رواه سعيد ، والبخاري في تاريخه ، والركن منه : اللهم صل على [ ص: 496 ] محمد مع ما يجزئ من التشهد الأول : وعنه : واجب يسقط بالسهو ، وهو غريب ، وعنه : سنة ، وقال أبو الحسين : لا يختلف قوله : إن الجلوس فرض ، واختلف قوله في الذكر فيه ، وهو معنى ما حكاه ابن هبيرة عن أحمد ( والتسليمة الأولى ) لقوله : وتحليلها التسليم وقالت عائشة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يختم صلاته بالتسليم ، وثبت ذلك عنه من غير وجه ، ولأنها نطق مشروع في أحد طرفيها ، فكان ركنا كالطرف الآخر ( والترتيب ) أي : بين الأركان ، لأنه عليه السلام كان يصليها مرتبة ، وعلمها للمسيء في صلاته مرتبا بثم ، ولأنها عبادة تبطل بالحدث ، فكان الترتيب ركنا فيها كغيرها .

                                                                                                                          ( ومن ترك منها شيئا عمدا بطلت صلاته ) لأنه عليه السلام نفى الصلاة مع الجهل ، وأمره بالإعادة ، ولم يجعله عذرا ، وإذا انتفى مع الجهل ، فمع العمد أولى ، وتركه سهوا يأتي .




                                                                                                                          الخدمات العلمية