الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب جامع الظهار وما يحرم من المظاهر منها وما يحل

                                                                                                                                                                                        المظاهر فيما يحل له من زوجته ويحرم ويكره- على ستة أوجه:

                                                                                                                                                                                        أحدها: الوطء.

                                                                                                                                                                                        والثاني: التقبيل والمباشرة.

                                                                                                                                                                                        والثالث: المضاجعة.

                                                                                                                                                                                        والرابع: نظره إلى شعرها.

                                                                                                                                                                                        والخامس: نظره إلى وجهها.

                                                                                                                                                                                        والسادس: هل تخدمه أو تساكنه.

                                                                                                                                                                                        فأما الوطء فممنوع بالقرآن، قال مالك: يجب على المرأة أن تمنعه نفسها، وإن خشيت منه، حال السلطان بينه وبينها.

                                                                                                                                                                                        واختلف فيما سوى الإصابة، فقال مالك في المدونة: لا يقبل ولا يلمس ولا يباشر، ولا ينظر إلى صدرها ولا شعرها، حتى يكفر؛ لأن ذلك لا يدعو إلى خير.

                                                                                                                                                                                        فجعل المنع من ذلك حماية وخوفا أن يواقعها؛ فإن فعل فقبل أو باشر فلا شيء عليه.

                                                                                                                                                                                        وقال ابن الماجشون: إن قبل أو باشر في شهري صيامه - قطع [ ص: 2364 ] التتابع. وجعله محرما، له حكم الوطء، وتتعلق به الكفارة.

                                                                                                                                                                                        ويختلف على هذا في المضاجعة، فعلى قول مالك يمنع حماية، وعلى قول عبد الملك يحرم ذلك عليه، وإن فعل كفر إذا التقى الجسمان؛ لأنه يجد اللذة بذلك، قال مالك: ولا يرى شعرها، قيل: فوجهها؟ قال: قد ينظر غيره إلى وجهها.

                                                                                                                                                                                        وأجاز ابن القاسم في العتبية أن ينظر إلى شعرها، قال: ولا بأس أن تخدمه وتستتر منه.

                                                                                                                                                                                        وقال محمد: لا يلتذ منها بنظرة لشهوة. فمنع مرة النظر إلى شعرها، وإلى وجهها على وجه التلذذ، حماية، وأجازه مرة، بخلاف القبلة؛ لأن الخوف على من لم يمس الجسم أخف ممن يمس، إلا لمن يعلم أنه يخشى على نفسه عند النظر من غير مماسة، فيمنع من ذلك، وأما على قول عبد الملك إن المحرم الوطء وغيره، يحرم عليه النظر لشهوة، فإن فعل كفر، ويمنع النظر بغير شهوة إلى الوجه، حماية أن يقع في اللذة، وقد يتخرج هذا على القول إن الظهار كان مكان الطلاق، فيمنع من كل ما يمنعه الطلاق، [ ص: 2365 ] وتجب الكفارة بكل ما لا يباح إلا مع بقاء العصمة، وأجاز في المدونة أن يساكنها، وأن يكون معها في بيت. واجتناب ذلك أولى، وإن علم أنه أرادها أخرج من جملة الدار قولا واحدا.

                                                                                                                                                                                        تم كتاب الظهار، والحمد لله حق حمد، صلى الله

                                                                                                                                                                                        على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية