nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون
استئناف لابتداء الكلام على حال المنافقين وغزوة تبوك حين تخلفوا واستأذن كثير منهم في التخلف واعتلوا بعلل كاذبة ، وهو ناشئ عن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض
وانتقل من الخطاب إلى الغيبة لأن المتحدث عنهم هنا بعض المتثاقلين لا محالة بدليل قوله بعد هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=45إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت قلوبهم . ومن هذه الآيات ابتدأ إشعار المنافقين بأن الله أطلع رسوله - صلى الله عليه وسلم - على دخائلهم .
والعرض ما يعرض للناس من متاع الدنيا وتقدم في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169يأخذون عرض هذا الأدنى في سورة الأعراف وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67تريدون عرض الدنيا في سورة الأنفال والمراد به الغنيمة .
( والقريب ) الكائن على مسافة قصيرة ، وهو هنا مجاز في السهل حصوله . و قاصدا أي وسطا في المسافة غير بعيد . واسم كان محذوف دل عليه الخبر : أي لو كان العرض عرضا قريبا ، والسفر سفرا متوسطا ، أو : لو كان ما تدعوهم إليه عرضا قريبا وسفرا .
والشقة - بضم الشين - المسافة الطويلة .
[ ص: 209 ] وتعدية بعدت بحرف ( على ) لتضمنه معنى ثقلت ، ولذلك حسن الجمع بين فعل
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42بعدت وفاعله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42الشقة مع تقارب معنييهما ، فكأنه قيل : ولكن بعد منهم المكان لأنه شقة ، فثقل عليهم السفر ، فجاء الكلام موجزا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يؤذن بأن الآية نزلت قبل الرجوع من غزوة
تبوك ، فإن حلفهم إنما كان بعد الرجوع وذلك حين استشعروا أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - ظان كذبهم في أعذارهم .
والاستطاعة القدرة : أي لسنا مستطيعين الخروج ، وهذا اعتذار منهم وتأكيد لاعتذارهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لخرجنا معكم جواب لو .
والخروج الانتقال من المقر إلى مكان قريب أو بعيد ويعدى إلى المكان المقصود بـ " إلى " ، وإلى المكان المتروك بـ " من " ، وشاع إطلاق الخروج على السفر للغزو . وتقييده بالمعية إشعار بأن أمر الغزو لا يهمهم ابتداء ، وأنهم إنما يخرجون لو خرجوا إجابة لاستنفار النبيء - صلى الله عليه وسلم - : خروج الناصر لغيره ، تقول العرب : خرج بنو فلان وخرج معهم بنو فلان ، إذا كانوا قاصدين نصرهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42يهلكون أنفسهم حال ، أي يحلفون مهلكين أنفسهم ، أي موقعينها في الهلك . والهلك الفناء والموت ، ويطلق على الأضرار الجسيمة وهو المناسب هنا ، أي يتسببون في ضر أنفسهم بالأيمان الكاذبة ، وهو ضر الدنيا وعذاب الآخرة .
وفي هذه الآية دلالة على أن تعمد اليمين الفاجرة يفضي إلى الهلاك ، ويؤيده ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب الديات من خبر الهذليين الذين حلفوا أيمان القسامة في زمن
عمر ، وتعمدوا الكذب ، فأصابهم مطر فدخلوا غارا في جبل فانهدم عليهم الغار فماتوا جميعا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42والله يعلم إنهم لكاذبون حال ، أي هم يفعلون ذلك في حال عدم جدواه عليهم ; لأن الله يعلم كذبهم ، أي ويطلع رسوله على كذبهم ، فما جنوا من الحلف إلا هلاك أنفسهم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42إنهم لكاذبون سدت مسد مفعولي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42يعلم
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ
اسْتِئْنَافٌ لِابْتِدَاءِ الْكَلَامِ عَلَى حَالِ الْمُنَافِقِينَ وَغَزْوَةِ تَبُوكَ حِينَ تَخَلَّفُوا وَاسْتَأْذَنَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فِي التَّخَلُّفِ وَاعْتَلُّوا بِعِلَلٍ كَاذِبَةٍ ، وَهُوَ نَاشِئٌ عَنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ
وَانْتُقِلَ مِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ لِأَنَّ الْمُتَحَدَّثَ عَنْهُمْ هُنَا بَعْضُ الْمُتَثَاقِلِينَ لَا مَحَالَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=45إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ . وَمِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ ابْتَدَأَ إِشْعَارُ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى دَخَائِلِهِمْ .
وَالْعَرَضُ مَا يَعْرِضُ لِلنَّاسِ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=169يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=67تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْغَنِيمَةُ .
( وَالْقَرِيبُ ) الْكَائِنُ عَلَى مَسَافَةٍ قَصِيرَةٍ ، وَهُوَ هُنَا مَجَازٌ فِي السَّهْلِ حُصُولُهُ . وَ قَاصِدًا أَيْ وَسَطًا فِي الْمَسَافَةِ غَيْرَ بَعِيدٍ . وَاسْمُ كَانَ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ : أَيْ لَوْ كَانَ الْعَرَضُ عَرَضًا قَرِيبًا ، وَالسَّفَرُ سَفَرًا مُتَوَسِّطًا ، أَوْ : لَوْ كَانَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا .
وَالشُّقَّةُ - بِضَمِّ الشِّينِ - الْمَسَافَةُ الطَّوِيلَةُ .
[ ص: 209 ] وَتَعْدِيَةُ بَعُدَتْ بِحَرْفِ ( عَلَى ) لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى ثَقُلَتْ ، وَلِذَلِكَ حَسُنَ الْجَمْعُ بَيْنَ فِعْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42بَعُدَتْ وَفَاعِلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42الشُّقَّةُ مَعَ تَقَارُبِ مَعْنَيَيْهِمَا ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : وَلَكِنْ بَعُدَ مِنْهُمُ الْمَكَانُ لِأَنَّهُ شُقَّةٌ ، فَثَقُلَ عَلَيْهِمُ السَّفَرُ ، فَجَاءَ الْكَلَامُ مُوجَزًا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ مِنْ غَزْوَةِ
تَبُوكَ ، فَإِنَّ حِلِفَهُمْ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ الرُّجُوعِ وَذَلِكَ حِينَ اسْتَشْعَرُوا أَنَّ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ظَانٌّ كَذِبَهُمْ فِي أَعْذَارِهِمْ .
وَالِاسْتِطَاعَةُ الْقُدْرَةُ : أَيْ لَسْنَا مُسْتَطِيعِينَ الْخُرُوجَ ، وَهَذَا اعْتِذَارٌ مِنْهُمْ وَتَأْكِيدٌ لِاعْتِذَارِهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ جَوَابُ لَوْ .
وَالْخُرُوجُ الِانْتِقَالُ مِنَ الْمَقَرِّ إِلَى مَكَانٍ قَرِيبٍ أَوْ بَعِيدٍ وَيُعَدَّى إِلَى الْمَكَانِ الْمَقْصُودِ بِـ " إِلَى " ، وَإِلَى الْمَكَانِ الْمَتْرُوكِ بِـ " مِنْ " ، وَشَاعَ إِطْلَاقُ الْخُرُوجِ عَلَى السَّفَرِ لِلْغَزْوِ . وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَعِيَّةِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ أَمْرَ الْغَزْوِ لَا يَهُمُّهُمُ ابْتِدَاءً ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَخْرُجُونَ لَوْ خَرَجُوا إِجَابَةً لِاسْتِنْفَارِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : خُرُوجَ النَّاصِرِ لِغَيْرِهِ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : خَرَجَ بَنُو فُلَانٍ وَخَرَجَ مَعَهُمْ بَنُو فُلَانٍ ، إِذَا كَانُوا قَاصِدِينَ نَصْرَهُمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ حَالٌ ، أَيْ يَحْلِفُونَ مُهْلِكِينَ أَنْفُسَهُمْ ، أَيْ مَوْقِعِينَهَا فِي الْهَلَكِ . وَالْهَلَكُ الْفَنَاءُ وَالْمَوْتُ ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَضْرَارِ الْجَسِيمَةِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا ، أَيْ يَتَسَبَّبُونَ فِي ضَرِّ أَنْفُسِهِمْ بِالْأَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ ، وَهُوَ ضَرُّ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تَعَمُّدَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ يُفْضِي إِلَى الْهَلَاكِ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ خَبَرِ الْهَذَلِيِّينَ الَّذِينَ حَلَفُوا أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ فِي زَمَنِ
عُمَرَ ، وَتَعَمَّدُوا الْكَذِبَ ، فَأَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَدَخَلُوا غَارًا فِي جَبَلٍ فَانْهَدَمَ عَلَيْهِمُ الْغَارُ فَمَاتُوا جَمِيعًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ حَالٌ ، أَيْ هُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي حَالِ عَدَمِ جَدْوَاهُ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ كَذِبَهُمْ ، أَيْ وَيُطْلِعُ رَسُولَهُ عَلَى كَذِبِهِمْ ، فَمَا جَنَوْا مِنَ الْحَلِفِ إِلَّا هَلَاكَ أَنْفُسِهِمْ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ سَدَّتْ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=42يَعْلَمُ