الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وقالوا : عطف على "ود"؛ والضمير لأهل الكتابين جميعا؛ لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ؛ أي: قالت اليهود: لن يدخل الجنة إلا من كان هودا؛ وقالت النصارى: لن يدخل الجنة إلا من كان نصارى؛ فلف بين القولين؛ ثقة بأن السامع يرد كلا منهما إلى قائله. ونحوه: وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا ؛ وليس مرادهم بأولئك من أقام اليهودية؛ والنصرانية؛ قبل النسخ؛ [ ص: 147 ]

                                                                                                                                                                                                                                      والتحريف؛ على وجهها؛ بل أنفسهم؛ على ما هم عليه؛ لأنهم إنما يقولونه لإضلال المؤمنين؛ وردهم إلى الكفر. و"الهود": جمع "هائد"؛ كـ "عوذ"؛ جمع "عائذ"؛ و"بزل"؛ جمع "بازل"؛ والإفراد في "كان" باعتبار لفظ "من"؛ والجمع في خبره باعتبار معناه؛ وقرئ: "إلا من كان يهوديا أو نصرانيا"؛ تلك أمانيهم ؛ الأماني: جمع "أمنية"؛ وهي ما يتمنى؛ كـ "الأعجوبة"؛ و"الأضحوكة"؛ والجملة معترضة؛ مبينة لبطلان ما قالوا؛ و"تلك": إشارة إليه؛ والجمع باعتبار صدوره عن الجميع؛ وقيل: فيه حذف مضاف؛ أي: أمثال تلك الأمنية أمانيهم؛ وقيل: "تلك": إشارة إليه؛ وإلى ما قبله؛ من ألا ينزل على المؤمنين خير من ربهم؛ وأن يردهم كفارا؛ ويرده قوله (تعالى): قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ؛ فإنهما ليسا مما يطلب له البرهان؛ ولا مما يحتمل الصدق والكذب؛ قيل: "هاتوا" أصله: "آتوا"؛ قلبت الهمزة هاء؛ أي: أحضروا حجتكم على اختصاصكم بدخول الجنة؛ إن كنتم صادقين في دعواكم؛ هذا ما يقتضيه المقام بحسب النظر الجليل؛ والذي يستدعيه إعجاز التنزيل أن يحمل الأمر التبكيتي على طلب البرهان؛ على أصل الدخول؛ الذي يتضمنه دعوى الاختصاص به؛ فإن

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية