الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : " والذين كسبوا السيئات " قال ابن عباس : عملوا الشرك . " جزاء سيئة بمثلها " في الآية محذوف ، وفي تقديره قولان :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما : أن فيها إضمار " لهم " ، المعنى : لهم جزاء سيئة بمثلها ، وأنشد ثعلب :


                                                                                                                                                                                                                                      فإن سأل الواشون عنه فقل لهم وذاك عطاء للوشاة جزيل

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 26 ]     ملم بليلى لمة ثم إنه
                                                                                                                                                                                                                                      لهاجر ليلى بعدها فمطيل



                                                                                                                                                                                                                                      أراد : هو ملم ، وهذا قول الفراء .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني : أن فيها إضمار " منهم " ، المعنى : جزاء سيئة منهم بمثلها ، تقول العرب : رأيت القوم صائم وقائم ، أي : منهم صائم وقائم ، أنشد الفراء :


                                                                                                                                                                                                                                      حتى إذا ما أضاء الصبح في غلس     وغودر البقل ملوي ومحصود



                                                                                                                                                                                                                                      أي : منه ملوي ، وهذا قول ابن الأنباري . وقال بعضهم : الباء زائدة هاهنا ، و " من " في قوله : " من عاصم " صلة ، والعاصم : المانع . " كأنما أغشيت وجوههم " أي : ألبست " قطعا " قرأ نافع ، وعاصم ، وابن عامر ، وأبو عمرو ، وحمزة : " قطعا " مفتوحة الطاء ، وهي جمع قطعة . وقرأ ابن كثير ، والكسائي ، ويعقوب : " قطعا " بتسكين الطاء . قال ابن قتيبة : وهو اسم ما قطع . قال ابن جرير : وإنما قال : " مظلما " ولم يقل : " مظلمة " لأن المعنى : قطعا من الليل المظلم ، ثم حذفت الألف واللام من " المظلم " فلما صار نكرة ، وهو من نعت الليل ، نصب على القطع ; وقوم يسمون ما كان كذلك حالا ، وقوم قطعا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية