الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا محمد بن علي . قال : ثنا الحسين بن محمد بن حماد ، ثنا أيوب بن محمد الوزان ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، عن السري بن يحيى ، عن رباح بن عبيدة . قال : خرج عمر بن عبد العزيز إلى الصلاة ، وشيخ متوكئ على يده ، فقلت في نفسي : إن هذا الشيخ جاف ، فلما صلى ودخل لحقته فقلت : أصلح الله الأمير ، من الشيخ الذي كان متكئا على يدك ؟ قال : يا رباح رأيته ؟ قلت : نعم ! قال : ما أحسبك يا رباح إلا رجلا صالحا ، ذاك أخي الخضر أتاني فأعلمني أني سألي أمر هذه الأمة ، وأني سأعدل فيها .

              [ ص: 255 ] حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل . قال : حدثني الحسن بن عبد العزيز ، ثنا أيوب بن سويد ، ثنا محمد بن فضالة . أن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز ، وقف براهب الجزيرة في صومعة له ، قد أتى عليه فيها عمر طويل ، وكان ينسب إليه علم من علم الكتب ، فهبط إليه ولم ير هابطا إلى أحد قبله ، وقال له : أتدري لم هبطت إليك ؟ قال : لا ، قال : لحق أبيك ، إنا نجده من أئمة العدل بموضع رجب من الأشهر الحرم . قال : ففسره لنا أيوب بن سويد فقال ثلاثة متوالية : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، ورجب منفرد منها عمر بن عبد العزيز .

              حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني ، ثنا عامر بن شعيب ، ثنا يحيى بن أيوب ، ثنا رزق بن رزق الكندي ، حدثني جسر القصاب . قال : كنت أحلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز ، فمررت براع وفي غنمه نحو من ثلاثين ذئبا ، فحسبتها كلابا ، ولم أكن رأيت الذئاب قبل ذلك ، فقلت : يا راعي ، ما ترجو بهذه الكلاب كلها ؟ فقال : يا بني ، إنها ليست كلابا ، إنما هي ذئاب . فقلت : سبحان الله ، ذئب في غنم لا تضرها ؟ فقال : يا بني ، إذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس . وكان ذلك في خلافة عمر بن عبد العزيز .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل . قال : حدثني علي بن سلم الطوسي ، ثنا سيار ، ثنا جعفر . قال : ثنا مالك بن دينار . قال : لما استعمل عمر بن عبد العزيز على الناس قال رعاء الشاء : من هذا العبد الصالح - الذي قام على الناس ؟ قيل لهم : وما علمكم بذلك ؟ قالوا : إنهإذا قام على الناس خليفة عدل كفت الذئاب عن شائنا .

              حدثنا مخلد بن جعفر ، ثنا محمد بن يحيى المروزي . قال : ثنا خالد بن خداش ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا موسى بن أعين . قال : كنا نرعى الشاء بكرمان في خلافة عمر بن عبد العزيز ، فكانت الشاء والذيب ترعى في مكان واحد ، فبينا نحن ذات ليلة إذ عرض الذيب لشاة ، فقلت : ما نرى [ ص: 256 ] الرجل الصالح إلا قد هلك . [ قال حماد : فحدثني هذا أو غيره أنهم حسبوا فوجدوه قد هلك ] في تلك الليلة .

              حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي ، ثنا عفان بن مسلم ، ثنا عثمان بن عبد الحميد ، ثنا الوليد . قال : بلغنا أن رجلا كان ببعض خراسان . قال : أتاني آت في المنام فقال : إذا قام أشج بني مروان فانطلق فبايعه ، فإنه إمام عادل . فجعلت أسأل كلما قام خليفة حتى قام عمر بن عبد العزيز ، فأتاني ثلاث مرات في المنام ، فلما كان آخر ذلك زبرني فأوعدني ، فرحلت إليه ، فلما قدمت لقيته فحدثته الحديث ، فقال : ما اسمك ، ومن أين أنت ، وأين منزلك ؟ فقلت : بخراسان ، قال : ومن أمير المكان الذي أنت به ؟ ومن صديقك هناك وعدوك ؟ فألطف المسألة ثم حبسني أربعة أشهر ، [ فشكوت إلى مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز ، فقال : إنه كتب فيك ، قال : فدعاني بعد أشهر ] فقال : إني كتبت فيك فجاءني ما أسر به من قبل صديقك وعدوك ، فهلم فبايعني على السمع والطاعة والعدل ، فإذا تركت ذلك فليس عليك بيعة ، قال : فبايعته . قال : أبك حاجة ؟ فقلت : لا ، أنا غني في المال ، إنما أتيتك لهذا ، فودعته ومضيت .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا هارون بن معروف ، ثنا ضمرة ، عن علي بن أبي حملة ، عن أبي الأعين . قال : كنت في صحن بيت المقدس مع خالد بن يزيد بن معاوية ، إذ أقبل فتى شاب فسلم على خالد ، فأقبل عليه خالد ، فقال الفتى لخالد : هل علينا من عين ؟ قال : فبدرت فقلت : نعم ! عليكما من الله عين سميعة بصيرة : فترورقت عينا الفتى ، ونزع يده من خالد ثم ولى ، فقلت لخالد : من هذا ؟ قال : أما تعرف هذا !! هذا عمر بن عبد العزيز ، أخو أمير المؤمنين ، ولئن طال بك وبه حياة لتراه إمام هدى .

              حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل . قال : حدثني منصور بن بشير ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن ابن إسحاق ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن عطاء مولى [ ص: 257 ] أم بكرة الأسلمية ، عن حبيب بن هند الأسلمي قال : قال لي سعيد بن المسيب ونحن على عرفة : إنما الخلفاء ثلاثة ، قلت : من الخلفاء ؟ قال : أبو بكر ، وعمر ، وعمر ، قلت : هذا أبو بكر وعمر قد عرفناهما ، فمن عمر الثالث ؟ قال : إن عشت أدركته ، وإن مت كان بعدك .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية