الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        681 641 - وفي هذا الباب ذكر مالك عن حميد بن قيس المكي ، أنه أخبره قال : كنت مع مجاهد وهو يطوف بالبيت ، فجاءه إنسان فسأله عن صيام أيام الكفارة أمتتابعات أم يقطعها ؟ قال حميد : فقلت له : نعم . يقطعها إن شاء . قال : مجاهد : لا يقطعها ؛ فإنها في قراءة أبي بن كعب " ثلاثة أيام متتابعات " .

                                                                                                                        قال مالك : وأحب إلي أن يكون ما سمى الله في القرآن يصام متتابعا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        14500 - قال أبو عمر : في هذا الحديث جواب المتعلم بين يدي المعلم أنه لا [ ص: 190 ] حرج عليه في ذلك ، وحسب الشيخ إن كان عنده علم بذلك أخبر به ، ونبه عليه ، فأفاد ولم يعنف .

                                                                                                                        14501 - ويجب بدليل هذا الخبر أيضا أن من رد على غيره قوله كان دونه أو مثله أو فوقه - أن يأتي بحجة أو وجه يبين به فضل قوله لموضع الخلاف .

                                                                                                                        14502 - وفيه جواز الاحتجاج من القراءات بما ليس في مصحف عثمان إذا لم يكن في مصحف عثمان ما يدفعها . وهذا جائز عند جمهور العلماء ، وهو عندهم يجري مجرى خبر الواحد في الاحتجاج به للعمل بما يقتضيه معناه دون القطع عن مغيبيه .

                                                                                                                        14503 - وفي مثل هذا ما مضى في كتاب الصلاة من الاحتجاج على تغيير قول الله - عز وجل - : فاسعوا إلى ذكر الله ( فامضوا إلى ذكر الله ) [ الجمعة : 9 ] وهي قراءة ابن مسعود .

                                                                                                                        14504 - وأما صيام الثلاثة أيام في كفارة اليمين لمن لم يجد ما يكفر به من إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فجمهور أهل العلم يستحبون أن تكون متتابعات ، ولا يوجبون التتابع إلا في الشهرين اللذين يصامان كفارة لقتل الخطأ أو الظهار أو الوطء عامدا في رمضان ، ويستحبون في ذلك ما استحبه مالك .

                                                                                                                        14505 - ذكر عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن ليث ، عن مجاهد ، قال : كل صوم في القرآن فهو متتابع إلا قضاء رمضان .

                                                                                                                        [ ص: 191 ] 14506 - وعن ابن جريج ، قال : سمعت عطاء يقول : بلغنا أن في قراءة ابن مسعود فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك [ المائدة : 89 ] ، قال عطاء : وكذلك يقرؤها ، وكذلك كان يقرؤها أبو إسحاق والأعمش .

                                                                                                                        14507 - وعن معمر ، عن أبي إسحاق ، والأعمش ، قالا في حرف ابن مسعود : فصيام ثلاثة أيام متتابعات .

                                                                                                                        14508 - وعن ابن عيينة ، عن ابن جريج ، قال : جاء رجل إلى طاوس يسأله عن صيام ثلاثة أيام كفارة اليمين ؟ فقال : صم كيف شئت . فقال مجاهد : يا أبا عبد الرحمن ، إنها من قراءة ابن مسعود متتابعات ، قال : فأخبر الرجل .

                                                                                                                        14509 - وفيما ذكرنا عن هؤلاء العلماء دليل على صحة ما وصفنا ، وبالله توفيقنا .

                                                                                                                        14510 - وأما قوله : " سئل مالك عن المرأة تصبح صائمة في رمضان ، فتدفع دفعة من دم عبيط في غير أوان حيضها . . " إلى آخر قوله فقد تقدم في كتاب الحيض وجه هذه المسألة ، وأصل مالك الذي تقدم منه هذه المسألة ، ومثلها عنده أن كل دم ظاهر من الرحم في غير أوان الحيض أو في غير أوانه - قل أو كثر - فهو دم حيض عنده ، تترك له المرأة الصوم والصلاة ما تمادى فيها حتى تتجاوز خمسة عشر يوما ، فيعلم ذلك الوقت أنه دم فساد ودم عرق منقطع لا دم حيض .

                                                                                                                        14511 - وهذه رواية المدنيين عنه .

                                                                                                                        14512 - وكذلك إذا جاوزت أيامها المعروفة واستظهرت بثلاث في رواية [ ص: 192 ] المصريين عنه . وهذا كله مبين في باب الحيض ، والحمد لله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية