الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1022 ] * أقاويل التابعين :

                    * قول أبي إسحاق كعب بن ماتع الحميري :

                    1724 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب ، قال : أنا محمد بن هارون الروياني ، قال : نا أبو الربيع ، قال : نا أبو عوانة ، عن عاصم ، عن كعب : \ح\

                    1725 - وأنا علي بن محمد بن أحمد بن بكر ، قال : أنا الحسن بن عثمان ، قال : نا يعقوب بن سفيان ، قال : نا حجاج ، قال : نا حماد ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن كعب ، قال :

                    " من أقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وسمع وأطاع ، توسط الإيمان ، ومن أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله فقد استكمل الإيمان " .

                    زاد أبو عوانة : " وأطاع لله وسمع لله " .

                    1726 - وأنا محمد بن عبد الرحمن ، قال : نا يحيى بن محمد بن صاعد ، قال : نا الحسين بن الحسن ، قال : نا مؤمل ، نا سفيان ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن كعب ، قال :

                    " من أعطى لله ، ومنع لله ، وأحب لله ، وأبغض لله فقد استكمل الإيمان " .

                    * قول مجاهد بن جبر : 1727 - أنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس ، قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي ، قال : نا سويد بن سعيد ، قال : نا يحيى بن سليم ، عن ابن مجاهد ، عن أبيه ، قال :

                    " الإيمان يزيد وينقص " .

                    [ ص: 1023 ] 1728 - وأنا محمد بن أحمد ، قال : نا عثمان بن أحمد ، قال : نا حنبل ، قال : نا أبو عبد الله ، قال : نا عبد الصمد بن حسان ، قال : نا سفيان الثوري ، عن يزيد ، عن مجاهد ، قال :

                    " الإيمان يزيد وينقص ، والإيمان قول وعمل " .

                    * قول عروة بن الزبير :

                    1729 - أنا محمد بن أحمد البصير ، قال : نا عثمان بن أحمد ، قال : نا حنبل ، قال : حدثني أبو عبد الله ، قال : نا وكيع ، قال : نا سفيان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال :

                    " ما نقصت أمانة عبد قط إلا نقص إيمانه " .

                    * قول علقمة بن قيس :

                    1730 - أنا محمد ، أنا عثمان ، قال : نا حنبل ، قال : حدثني أبو عبد الله - يعني أحمد - قال : نا محمد بن فضيل ، قال : حدثني أبي ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، أنه قال لأصحابه :

                    " امشوا تزدادوا إيمانا " يعني تفقها .

                    * قول الحسن :

                    1731 - أنا الحسن بن عثمان ، قال : نا أحمد بن الحسن ، نا جعفر بن محمد الصائغ ، قال : نا عبيد بن إسحاق ، قال : نا سلام الخراساني ، سمعت الحسن ، في قوله تعالى :

                    ( وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) قال :

                    " وما زادهم البلاء إلا إيمانا بالرب وتسليما للقضاء " .

                    [ ص: 1024 ] * قول عطاء بن أبي رباح ، وميمون بن مهران ، والزهري ، ونافع مولى ابن عمر ، والحكم بن عتيبة ، وعبد الكريم بن مالك الجزري :

                    1732 - أنا محمد بن أحمد البصير ، أنا عثمان بن أحمد ، قال : نا حنبل ، قال : حدثني أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - قال : نا خالد بن حيان ، قال : نا معقل بن عبيد الله العبسي ، قال : قدم علينا سالم الأفطس بالإرجاء ، فنفر منه أصحابنا نفارا شديدا ، فيهم ميمون بن مهران ، وعبد الكريم بن مالك ، فأما عبد الكريم بن مالك فإنه عاهد الله أن لا يأويه وإياه سقف بيت إلا المسجد ، قال معقل : فحججت ، فدخلت على عطاء بن أبي رباح في نفر من أصحابي ، وإذا هو يقرأ سورة يوسف ، قال : فسمعته يقرأ هذا الحرف : ( حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ) مخففة ، قال : قلت له : إن لنا حاجة فأدخلنا ، ففعل ، فأخبرته أن قوما قبلنا قد أحدثوا وتكلموا ، وقالوا : إن الصلاة والزكاة ليستا من الدين ، فقال : أوليس الله - عز وجل - يقول : وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .

                    قال : وقلت : إنهم يقولون : ليس في الإيمان زيادة ، قال : أوليس قد قال الله فيما أنزل : ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم هذا الإيمان الذي زادهم ، قال : فقلت : إنهم انتحلوك ، وبلغني أن ابن درهم دخل عليك في أصحابه فعرضوا عليك قولهم ، فقبلته ، فقلت هذا الأمر ، فقال : لا والله الذي لا إله إلا هو - مرتين أو ثلاثا - قال : ثم قال : قدمت المدينة ، فجلست إلى نافع ، فقلت له : يا أبا عبد الله ، إن لي إليك حاجة ، قال : سرا أم علانية ؟ فقلت : لا بل [ ص: 1025 ] سر ، قال : دعني من السر ، سر لا خير فيه ، فقلت : ليس من ذاك ، فلما صلينا العصر قام وأخذ بيدي ، وخرج من الخوخة ، ولم ينتظر القاص ، وقال : حاجتك ، قال : قلت : أخلني هذا ، فقال : تنح ، قال : فذكرت له قولهم ، فقال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

                    " أمرت أن أضربهم بالسيف حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فإذا قالوا : لا إله إلا الله ، عصموا مني دماءهم ، وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله " .

                    قال : قلت : إنهم يقولون : نحن نقر بالصلاة فريضة ولا نصلي ، وإن الخمر حرام ونحن نشربها ، وإن نكاح الأمهات حرام ونحن نريده ، فنتر يده من يدي وقال : من فعل هذا فهو كافر ، قال معقل : فلقيت الزهري فأخبرته بقولهم ، فقال : سبحان الله ، أوقد أخذ الناس في هذه الخصومات ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :

                    " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الشارب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " .

                    قال معقل : فلقيت الحكم بن عتيبة ، فقلت له : إن عبد الكريم ، وميمونا بلغهما أنه دخل عليك ناس من المرجئة فعرضوا عليك قولهم ، فقبلت قولهم ، قال : فقيل ذلك على ميمون ، وعبد الكريم ؟ فقلت : لا ، قال : دخل علي اثنا عشر رجلا ، وأنا مريض ، فقالوا : يا أبا محمد ، أبلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاه رجل بأمة سوداء أو حبشية ، فقال : يا رسول الله ، إن علي رقبة مؤمنة ، أفترى هذه مؤمنة ؟ فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتشهدين أن محمدا رسول الله ؟ " قالت : نعم ، قال : " وتشهدين أن الله يبعثك من بعد الموت ؟ " قالت : نعم ، قال : " فأعتقها " قال : فخرجوا وهم ينتحلوني .

                    قال معقل : فجلست إلى ميمون بن مهران ، فقلت : يا أبا أيوب ، لو قرأت لنا سورة ففسرتها ، قال : فقرأ أو قرئت : ( إذا الشمس كورت ) [ ص: 1026 ] حتى إذا بلغ " مطاع " ثم أمين ، قال : ذاكم جبريل ، والخيبة لمن يقول : إن إيمانه كإيمان جبريل .

                    * ابن أبي مليكة :

                    1733 - أنا محمد بن أحمد ، أنا عثمان ، قال : نا حنبل بن إسحاق ، قال : نا الحسن بن بشر ، قال : نا المعافى بن عمران ، عن الصلت بن دينار ، عن ابن أبي مليكة ، قال :

                    " لقد أتى علي برهة من الدهر ، وما أراني أدرك قوما يقول أحدهم : إني مؤمن مستكمل الإيمان ، ثم ما رضي حتى قال : إن إيماني على إيمان جبريل وميكاييل ، ثم ما زال بهم الشيطان حتى قال أحدهم : إنه مؤمن ، وإن نكح أمه وأخته وابنته ، ولقد أدركت كذا وكذا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما مات رجل منهم إلا وهو يخشى على نفسه النفاق " .

                    [ ص: 1027 ] 1734 - أنا محمد بن عبد الرحمن ، أنا عبد الله بن محمد البغوي ، قال : نا سويد بن سعيد ، قال : نا عبد الله بن ميمون ، قال : سمعت ابن مجاهد ، قال : [ ص: 1028 ] " كنت عند عطاء بن أبي رباح ، فجاء ابنه يعقوب ، فقال : يا أبتاه ، إن أصحابا لنا يزعمون أن إيمانهم كإيمان جبريل ، فقال : يا بني ، ليس إيمان من أطاع الله كإيمان من عصى الله " .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية