[ ص: 37 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرءان ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم
استئناف ابتدائي للتنويه بأهل غزوة
تبوك وهم جيش العسرة ، ليكون توطئة وتمهيدا لذكر التوبة على الذين تخلفوا عن الغزوة وكانوا صادقين في أيمانهم ، وإنباء الذين أضمروا الكفر نفاقا بأنهم لا يتوب الله عليهم ولا يستغفر لهم رسوله - صلى الله عليه وسلم . والمناسبة ما تقدم من ذكر أحوال المنافقين الذين تسلسل الكلام عليهم ابتداء من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض الآيات ، وما تولد على ذلك من ذكر مختلف أحوال المخلفين عن الجهاد واعتلالهم وما عقب ذلك من بناء مسجد الضرار .
وافتتحت الجملة بحرف التوكيد للاهتمام بالخبر ، المتضمنة على أنه لما كان فاتحة التحريض على الجهاد بصيغة الاستفهام الإنكاري وتمثيلهم بحال من يستنهض لعمل فيتثاقل إلى الأرض في قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض ناسب أن ينزل المؤمنون منزلة المتردد الطالب في كون جزاء الجهاد استحقاق الجنة .
وجيء بالمسند جملة فعلية لإفادتها معنى المضي إشارة إلى أن ذلك أمر قد استقر من قبل ، كما سيأتي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ، وأنهم كالذين نسوه أو تناسوه حين لم يخفوا إلى النفير الذي استنفروه إشارة إلى أن الوعد بذلك قديم متكرر معروف في الكتب السماوية .
والاشتراء : مستعار للوعد بالجزاء عن الجهاد ، كما دل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وعدا عليه حقا بمشابهة الوعد الاشتراء في أنه إعطاء شيء مقابل بذل من الجانب الآخر .
[ ص: 38 ] ولما كان شأن الباء أن تدخل على الثمن في صيغ الاشتراء أدخلت هنا في
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111بأن لهم الجنة لمشابهة هذا الوعد الثمن . وليس في هذا التركيب تمثيل إذ ليس ثمة هيئة مشبهة وأخرى مشبه بها .
والمراد بالمؤمنين في الأظهر أن يكون مؤمني هذه الأمة . وهو المناسب لقوله بعد
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به
ويكون معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل ما جاء في التوراة والإنجيل من وصف أصحاب الرسول الذي يختم الرسالة . وهو ما أشار إليه قوله - تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29ليغيظ بهم الكفار
ويجوز أن يكون جميع المؤمنين بالرسل - عليهم الصلاة والسلام - وهو أنسب لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111في التوراة والإنجيل ، وحينئذ فالمراد الذين أمروا منهم بالجهاد ومن أمروا بالصبر على اتباع الدين من أتباع دين المسيحية على وجهها الحق فإنهم صبروا على القتل والتعذيب . فإطلاق المقاتلة في سبيل الله على صبرهم على القتل ونحوه مجاز ، وبذلك يكون فعل يقاتلون مستعملا في حقيقته ومجازه .
واللام في
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111لهم الجنة للملك والاستحقاق . والمجرور مصدر ، والتقدير : بتحقيق تملكهم الجنة ، وإنما لم يقل بالجنة لأن الثمن لما كان آجلا كان هذا البيع من جنس السلم .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111يقاتلون في سبيل الله مستأنفة استئنافا بيانيا ; لأن اشتراء الأنفس والأموال لغرابته في الظاهر يثير سؤال من يقول : كيف يبذلون أنفسهم وأموالهم ؟ فكان جوابه
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111يقاتلون في سبيل الله إلخ .
قال
الطيبي : فقوله : يقاتلون بيان ; لأن مكان التسليم هو المعركة ; لأن هذا البيع سلم ، ومن ثم قيل
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111بأن لهم الجنة ولم يقل بالجنة . وأتي بالأمر في صورة الخبر ثم ألزم الله البيع من جانبه وضمن إيصال الثمن إليهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وعدا عليه حقا ، أي لا إقالة
[ ص: 39 ] ولا استقالة من حضرة العزة . ثم ما اكتفى بذلك بل عين الصكوك المثبت فيها هذه المبايعة وهي التوراة والإنجيل والقرآن اهـ . وهو يرمي بهذا إلى أن تكون الآية تتضمن تمثيلا عكس ما فسرنا به آنفا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111فيقتلون ويقتلون تفريع على يقاتلون ; لأن حال المقاتل لا تخلو من أحد هذين الأمرين . وقرأ الجمهور فيقتلون بصيغة المبني للفاعل وما بعده بصيغة المبني للمفعول . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بالعكس . وفي قراءة الجمهور اهتمام بجهادهم بقتل العدو ، وفي القراءة الأخرى اهتمام بسبب الشهادة التي هي أدخل في استحقاق الجنة .
و ( وعدا ) منصوب على المفعولية المطلقة من اشترى ; لأنه بمعنى وعد إذ العوض مؤجل .
و ( حقا ) صفة ( وعدا )
و ( عليه ) ظرف لغو متعلق بـ حقا ، قدم على عامله للاهتمام بما دل عليه حرف ( على ) من معنى الوجوب .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111في التوراة حال من ( وعدا ) . والظرفية ظرفية الكتاب للمكتوب ، أي مكتوبا في التوراة والإنجيل والقرآن .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111ومن أوفى بعهده من الله في موضع الحال من الضمير المجرور في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وعدا عليه حقا ، أي وعدا حقا عليه ولا أحد أوفى بعهده منه ، فالاستفهام إنكاري بتنزيل السامع منزلة من يجعل هذا الوعد محتملا للوفاء وعدمه كغالب الوعود فيقال : ومن أوفى بعهده من الله إنكارا عليه .
و ( أوفى ) اسم تفضيل من وفى بالعهد إذا فعل ما عاهد على فعله .
[ ص: 40 ] و ( من ) تفضيلية ، وهي للابتداء عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، أي للابتداء المجازي . وذكر اسم الجلالة عوضا عن ضميره لإحضار المعنى الجامع لصفات الكمال . والعهد : الوعد بحلف والوعد الموكد ، والبيعة عهد ، والوصية عهد .
وتفرع على كون الوعد حقا على الله ، وعلى أن الله أوفى بعهده من كل واعد ، أن يستبشر المؤمنون ببيعهم هذا ، فالخطاب للمؤمنين من هذه الأمة .
وأضيف البيع إلى ضميرهم إظهارا لاغتباطهم به .
ووصفه بالموصول وصلته
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111الذي بايعتم به تأكيدا لمعنى ( بيعكم ) ، فهو تأكيد لفظي بلفظ مرادف .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وذلك هو الفوز العظيم تذييل جامع ، فإن اسم الإشارة الواقع في أوله جامع لصفات ذلك البيع بعوضيه . وأكد بضمير الفصل وبالجملة الاسمية وبالوصف بـ ( العظيم ) المفيد للأهمية .
[ ص: 37 ] nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِلتَّنْوِيهِ بِأَهْلِ غَزْوَةِ
تَبُوكَ وَهُمْ جَيْشُ الْعُسْرَةِ ، لِيَكُونَ تَوْطِئَةً وَتَمْهِيدًا لِذِكْرِ التَّوْبَةِ عَلَى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنِ الْغَزْوَةِ وَكَانُوا صَادِقِينَ فِي أَيْمَانِهِمْ ، وَإِنْبَاءِ الَّذِينَ أَضْمَرُوا الْكُفْرَ نِفَاقًا بِأَنَّهُمْ لَا يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَا يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالْمُنَاسَبَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذِكْرِ أَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ تَسَلْسَلَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمُ ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ الْآيَاتِ ، وَمَا تَوَلَّدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ مُخْتَلِفِ أَحْوَالِ الْمُخَلَّفِينَ عَنِ الْجِهَادِ وَاعْتِلَالِهِمْ وَمَا عَقَبَ ذَلِكَ مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِ الضِّرَارِ .
وَافْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ ، الْمُتَضَمِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ فَاتِحَةُ التَّحْرِيضِ عَلَى الْجِهَادِ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ وَتَمْثِيلِهِمْ بِحَالِ مَنْ يُسْتَنْهَضُ لِعَمَلٍ فَيَتَثَاقَلُ إِلَى الْأَرْضِ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=38مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ نَاسَبَ أَنْ يُنْزَلَ الْمُؤْمِنُونَ مَنْزِلَةَ الْمُتَرَدِّدِ الطَّالِبِ فِي كَوْنِ جَزَاءِ الْجِهَادِ اسْتِحْقَاقَ الْجَنَّةِ .
وَجِيءَ بِالْمُسْنَدِ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً لِإِفَادَتِهَا مَعْنَى الْمُضِيِّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ قَدِ اسْتَقَرَّ مِنْ قَبْلُ ، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ، وَأَنَّهُمْ كَالَّذِينَ نَسُوهُ أَوْ تَنَاسَوْهُ حِينَ لَمْ يَخِفُّوا إِلَى النَّفِيرِ الَّذِي اسْتُنْفِرُوهُ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ الْوَعْدَ بِذَلِكَ قَدِيمٌ مُتَكَرِّرٌ مَعْرُوفٌ فِي الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ .
وَالِاشْتِرَاءُ : مُسْتَعَارٌ لِلْوَعْدِ بِالْجَزَاءِ عَنِ الْجِهَادِ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا بِمُشَابَهَةِ الْوَعْدِ الِاشْتِرَاءَ فِي أَنَّهُ إِعْطَاءُ شَيْءٍ مُقَابِلَ بَذْلٍ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ .
[ ص: 38 ] وَلَمَّا كَانَ شَأْنُ الْبَاءِ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى الثَّمَنِ فِي صِيَغِ الِاشْتِرَاءِ أُدْخِلَتْ هُنَا فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ لِمُشَابَهَةِ هَذَا الْوَعْدِ الثَّمَنَ . وَلَيْسَ فِي هَذَا التَّرْكِيبِ تَمْثِيلٌ إِذْ لَيْسَ ثَمَّةَ هَيْئَةٌ مُشَبَّهَةٌ وَأُخْرَى مُشَبَّهٌ بِهَا .
وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ فِي الْأَظْهَرِ أَنْ يَكُونَ مُؤْمِنِي هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ
وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مَا جَاءَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنْ وَصْفِ أَصْحَابِ الرَّسُولِ الَّذِي يَخْتِمُ الرِّسَالَةَ . وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=29لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ بِالرُّسُلِ - عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ أَنْسَبُ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ الَّذِينَ أُمِرُوا مِنْهُمْ بِالْجِهَادِ وَمَنْ أُمِرُوا بِالصَّبْرِ عَلَى اتِّبَاعِ الدِّينِ مِنْ أَتْبَاعِ دِينِ الْمَسِيحِيَّةِ عَلَى وَجْهِهَا الْحَقِّ فَإِنَّهُمْ صَبَرُوا عَلَى الْقَتْلِ وَالتَّعْذِيبِ . فَإِطْلَاقُ الْمُقَاتَلَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى صَبْرِهِمْ عَلَى الْقَتْلِ وَنَحْوِهِ مَجَازٌ ، وَبِذَلِكَ يَكُونُ فِعْلُ يُقَاتِلُونَ مُسْتَعْمَلًا فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ .
وَاللَّامُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111لَهُمُ الْجَنَّةَ لِلْمِلْكِ وَالِاسْتِحْقَاقِ . وَالْمَجْرُورُ مَصْدَرٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : بِتَحْقِيقِ تَمَلُّكِهِمُ الْجَنَّةَ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ بِالْجَنَّةِ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَمَّا كَانَ آجِلًا كَانَ هَذَا الْبَيْعُ مِنْ جِنْسِ السَّلَمِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا ; لِأَنَّ اشْتِرَاءَ الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ لِغَرَابَتِهِ فِي الظَّاهِرِ يُثِيرُ سُؤَالَ مَنْ يَقُولُ : كَيْفَ يَبْذُلُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ ؟ فَكَانَ جَوَابُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَخْ .
قَالَ
الطِّيبِيُّ : فَقَوْلُهُ : يُقَاتِلُونَ بَيَانٌ ; لِأَنَّ مَكَانَ التَّسْلِيمِ هُوَ الْمَعْرَكَةُ ; لِأَنَّ هَذَا الْبَيْعَ سَلَمٌ ، وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ وَلَمْ يَقُلْ بِالْجَنَّةِ . وَأُتِيَ بِالْأَمْرِ فِي صُورَةِ الْخَبَرِ ثُمَّ أَلْزَمَ اللَّهُ الْبَيْعَ مِنْ جَانِبِهِ وَضَمِنَ إِيصَالَ الثَّمَنِ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا ، أَيْ لَا إِقَالَةَ
[ ص: 39 ] وَلَا اسْتِقَالَةَ مِنْ حَضْرَةِ الْعِزَّةِ . ثُمَّ مَا اكْتَفَى بِذَلِكَ بَلْ عَيَّنَ الصُّكُوكَ الْمُثْبَتَ فِيهَا هَذِهِ الْمُبَايَعَةُ وَهِيَ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ وَالْقُرْآنُ اهـ . وَهُوَ يَرْمِي بِهَذَا إِلَى أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ تَتَضَمَّنُ تَمْثِيلًا عَكْسَ مَا فَسَّرْنَا بِهِ آنِفًا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ تَفْرِيعٌ عَلَى يُقَاتِلُونَ ; لِأَنَّ حَالَ الْمُقَاتِلِ لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فَيَقْتُلُونَ بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ وَمَا بَعْدَهُ بِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ بِالْعَكْسِ . وَفِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ اهْتِمَامٌ بِجِهَادِهِمْ بِقَتْلِ الْعَدُوِّ ، وَفِي الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى اهْتِمَامٌ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ الَّتِي هِيَ أَدْخَلُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْجَنَّةِ .
وَ ( وَعْدًا ) مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ مِنِ اشْتَرَى ; لِأَنَّهُ بِمَعْنَى وَعَدَ إِذِ الْعِوَضُ مُؤَجَّلٌ .
وَ ( حَقًّا ) صِفَةُ ( وَعْدًا )
وَ ( عَلَيْهِ ) ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِـ حَقًّا ، قُدِّمَ عَلَى عَامِلِهِ لِلِاهْتِمَامِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَرْفُ ( عَلَى ) مِنْ مَعْنَى الْوُجُوبِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111فِي التَّوْرَاةِ حَالٌ مِنْ ( وَعْدًا ) . وَالظَّرْفِيَّةُ ظَرْفِيَّةُ الْكِتَابِ لِلْمَكْتُوبِ ، أَيْ مَكْتُوبًا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا ، أَيْ وَعْدًا حَقًّا عَلَيْهِ وَلَا أَحَدَ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْهُ ، فَالِاسْتِفْهَامُ إِنْكَارِيٌّ بِتَنْزِيلِ السَّامِعِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَجْعَلُ هَذَا الْوَعْدَ مُحْتَمِلًا لِلْوَفَاءِ وَعَدَمِهِ كَغَالِبِ الْوُعُودِ فَيُقَالُ : وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ إِنْكَارًا عَلَيْهِ .
وَ ( أَوْفَى ) اسْمُ تَفْضِيلٍ مِنْ وَفَّى بِالْعَهْدِ إِذَا فَعَلَ مَا عَاهَدَ عَلَى فِعْلِهِ .
[ ص: 40 ] وَ ( مِنْ ) تَفْضِيلِيَّةٌ ، وَهِيَ لِلِابْتِدَاءِ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، أَيْ لِلِابْتِدَاءِ الْمَجَازِيِّ . وَذُكِرَ اسْمُ الْجَلَالَةِ عِوَضًا عَنْ ضَمِيرِهِ لِإِحْضَارِ الْمَعْنَى الْجَامِعِ لِصِفَاتِ الْكَمَالِ . وَالْعَهْدُ : الْوَعْدُ بِحَلْفٍ وَالْوَعْدُ الْمُوَكَّدِ ، وَالْبَيْعَةُ عَهْدٌ ، وَالْوَصِيَّةُ عَهْدٌ .
وَتَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْوَعْدِ حَقًّا عَلَى اللَّهِ ، وَعَلَى أَنَّ اللَّهَ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ كُلِّ وَاعِدٍ ، أَنْ يَسْتَبْشِرَ الْمُؤْمِنُونَ بِبَيْعِهِمْ هَذَا ، فَالْخِطَابُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ .
وَأُضِيفَ الْبَيْعُ إِلَى ضَمِيرِهِمْ إِظْهَارًا لِاغْتِبَاطِهِمْ بِهِ .
وَوَصْفُهُ بِالْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ تَأْكِيدًا لِمَعْنَى ( بَيْعِكُمْ ) ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ بِلَفْظٍ مُرَادِفٍ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=111وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ تَذْيِيلٌ جَامِعٌ ، فَإِنَّ اسْمَ الْإِشَارَةِ الْوَاقِعَ فِي أَوَّلِهِ جَامِعٌ لِصِفَاتِ ذَلِكَ الْبَيْعِ بِعِوَضَيْهِ . وَأُكِّدَ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ وَبِالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَبِالْوَصْفِ بِـ ( الْعَظِيمُ ) الْمُفِيدِ لِلْأَهَمِّيَّةِ .