كتاب الحج
مواقيت الإحرام
عن عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت وقال مرة مهل أهل سالم المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن قال وذكر لي ولم أسمعه ، ومهل أهل اليمن من يلملم .
وعن عن نافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر المدينة فذكره وقال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ومهل أهل مهل أهل اليمن ووصل الشيخان من حديث ابن عباس اليمن يلملم هن لهم ولمن أتى عليهن من غيرهن ممن أراد من يلملم . ولأهل
الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة .
من حديث ولمسلم أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم جابر العراق من ذات عرق ويهل أهل اليمن من يلملم . ويهل أهل
وصرح برفعه بلفظ ومهل أهل المشرق من ابن ماجه ذات عرق وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي متروك.
ولأبي داود بإسناد جيد من حديث والنسائي وقت لأهل عائشة العراق ذات عرق وزاد فيه ولأهل النسائي الشام ومصر الجحفة ولأهل اليمن يلملم .
من حديث ولأبي داود الحارث بن عمر السهمي وقت ذات عرق لأهل العراق .
ولأبي داود وحسنه من حديث والترمذي وقت لأهل المشرق ابن عباس العقيق .
(أن أهل وللبخاري العراق حد لهم عمر ذات عرق ) .
من حديث وللطبراني أنس المدائن العقيق ولأهل البصرة ذات عرق وقت لأهل
كتاب الحج
التالي
السابق
[ ص: 2 ] كتاب الحج
مواقيت الإحرام
عن عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت وقال مرة مهل أهل سالم المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن قال وذكر لي ولم أسمعه ومهل أهل اليمن من يلملم .
وعن عن نافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر المدينة فذكره قال وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم . يهل أهل
فيه (فوائد):
(الأولى): أخرجه من الطريق الأولى البخاري ومسلم من هذا الوجه من رواية والنسائي لفظ سفيان بن عيينة (وقت) ولفظ البخاري مسلم (يهل) بلفظ الفعل من الإهلال وأخرجه الشيخان من رواية والنسائي عن يونس بن يزيد بلفظ مهل أهل الزهري المدينة ذو الحليفة ، ومهل أهل الشام مهيعة وهي الجحفة ومهل أهل نجد قرن .
وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولم أسمعه ومهل أهل ابن عمر اليمن يلملم وأخرجه من الطريق الثانية الأئمة الستة خلا قال من طريق الترمذي كلفظ المصنف إلا مالك فإن لفظه (وقت) وأخرجه أبا داود البخاري من طريق والنسائي الليث بن سعد من طريق والترمذي كلاهما عن أيوب السختياني عن نافع بلفظ ابن عمر المدينة فذكره وفي [ ص: 3 ] آخره إن رجلا قام في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل أهل يقول لم أفقه هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر لفظ وكان والآخر قريب منه وقال الليث حديث الترمذي حسن صحيح ورواه ابن عمر عن الشافعي عن طريق آخر فجعله من حديثه عن مالك عن عبد الله بن دينار ورواية ابن عمر عن عبد الله بن دينار انفرد بها ابن عمر من رواية مسلم عنه بلفظ إسماعيل بن جعفر المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة إلى آخره ورواه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من رواية البخاري زيد بن جبير في منزله وله فسطاط وسرادق فسألته من أين يجوز أن أعتمر ؟ قال فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل عبد الله بن عمر نجد قرنا ولأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة قال أنه أتى واتفقوا كلهم على أن ابن عبد البر لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم قوله ويهل أهل ابن عمر اليمن من يلملم ولا خلاف بين العلماء أن صحيح حجة. مرسل الصحابة
(قلت) قد خالف في ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني فذهب إلى أنه ليس بحجة وقد ورد ميقات اليمن مرفوعا من غير إرسال من حديث في الصحيحين وغيرهما ومن حديث ابن عباس في صحيح جابر إلا أنه قال أحسبه رفعه ومن حديث مسلم عند عائشة ومن حديث النسائي الحارث بن عمرو عند . أبي داود
(الثانية): فيه أن هذه المواضع الأربعة هي لأهل البلاد المذكورة فيه فلأهل مواقيت الإحرام المدينة ذو الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم وهذا مجمع عليه حكى الإجماع في ذلك ابن المنذر والنووي وغيرهما ومعنى التوقيت بها أنه لا يجوز لمريد النسك [ ص: 4 ] أن يجاوزها غير محرم والدليل على وجوب ذلك من أوجه:
(أحدها) أنه عليه الصلاة والسلام جعلها ميقاتا للإحرام وقال خذوا عني مناسككم فلزمنا الوقوف عند ذلك.
(ثانيها) أنه قال في الرواية الأخرى (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ) إلى آخر الحديث فأتى به بلفظ الخبر وهو هنا بمعنى الأمر وإنما يستعمل الأمر بصيغة الخبر لتأكده والأمر المتأكد للوجوب.
(ثالثها) أنه قد ورد الأمر صريحا في قوله في رواية وغيره من أين تأمرنا أن نهل وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وبين له مواضع الإهلال المأمور بها وفي قوله في رواية البخاري من حديث مسلم عن عبد الله بن دينار ابن عمر المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة الحديث. أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل
(رابعها) أن في صحيح من حديث البخاري (فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذكر الحديث وافتراض المواقيت صريح فيما ذكرناه ولذلك بوب عليه ابن عمر (فرض مواقيت الحج والعمرة) وبهذا قال البخاري مالك وأبو حنيفة والشافعي والجمهور وقالوا وأحمد لزمه دم قال لو تركها الشيخ تقي الدين وإيجاب الدم من غير هذا الحديث وكأنه يحتاج إلى مقدمة أخرى ثم قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وآخرون متى عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم وقال إنما يسقط عنه الدم إذا عاد إليه ملبيا فإن عاد غير ملب استمر لزوم الدم وقال أبو حنيفة [ ص: 5 ] عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل : لا يسقط الدم بعوده إليه مطلقا وقال وزفر إن عاد إليه قبل أن يبعد عنه وهو حلال سقط وإن عاد بعد البعد والإحرام لم يسقط وحكى صاحب البيان عن مالك الشريف العثماني من أصحابنا أن ذا الحليفة غير محرم وهو مريد للنسك فبلغ مكة غير محرم ثم خرج منها إلى ميقات بلد آخر المدني إذا جاوز كيلملم وأحرم منه فلا دم عليه بسبب مجاوزة ذي الحليفة قال النووي في شرح المهذب وهو محتمل وفيه نظر انتهى ووراء ذلك أقوال شاذة:
(أحدها) أنه إن لم يعد للميقات حتى تم حجة رجع للميقات وأهل منه بعمرة حكاه عن ابن عبد البر وقال الحسن البصري روي عن ابن المنذر . ابن الزبير
(ثانيها) أنه متى لم يصح حجه أصلا قاله ترك الميقات . سعيد بن جبير
(ثالثها) أنه إذا ترك الميقات لا شيء عليه قال هذا أحد قولي ابن المنذر ورويناه عن عطاء الحسن قال والنخعي وهذه الأقاويل الثلاثة شاذة ضعيفة عند فقهاء الأمصار لأنها لا أصل لها في الآثار ولا تصح في النظر. ابن عبد البر
(الثالثة) قد بينا أن منع مجاوزتها بلا إحرام إذا كان مريدا للنسك أما الإحرام قبل الوصول إليها فلا مانع منه عند الجمهور ونقل غير واحد الإجماع عليه بل ذهب طائفة من العلماء إلى ترجيح الإحرام من دويرة أهله على التأخير إلى الميقات وهو أحد قولي معنى التوقيت بهذه المواقيت ورجحه من أصحابه الشافعي القاضي أبو الطيب والروياني [ ص: 6 ] والغزالي وهو مذهب والرافعي وروى عن أبي حنيفة عمر أنهما قالا في قوله تعالى وعلي وأتموا الحج والعمرة لله إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك وقال ثبت أن ابن المنذر أهل من ابن عمر إيلياء يعني بيت المقدس .
وكان الأسود وعلقمة وعبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم ، انتهى لكن الأصح عند النووي من قولي أن الإحرام من الميقات أفضل ، ونقل تصحيحه عن الأكثرين والمحققين وبه قال الشافعي أحمد وحكى وإسحاق فعله عن عوام أهل العلم بل زاد ابن المنذر عن ذلك فكرة تقدم الإحرام على الميقات. مالك
قال وروينا عن ابن المنذر أنه أنكر على عمر إحرامه من عمران بن حصين البصرة وكره الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ومالك انتهى وعن الإحرام من المكان البعيد رواية أنه إن كان يملك نفسه عن الوقوع في محظور فالإحرام من دويرة أهله أفضل ، وإلا فمن الميقات ، وبه قال بعض أبي حنيفة الشافعية وشذ فقال إن أحرم قبل هذه المواقيت وهو يمر عليها فلا إحرام له إلا أن ينوي إذا صار إلى الميقات تجديد إحرام وحكاه عن ابن حزم الظاهري وأصحابهم وهو قول مردود بالإجماع قبله على خلافه قاله داود النووي .
وقال : أجمع أهل العلم على أن من ابن المنذر فهو محرم وكذا نقل الإجماع في ذلك أحرم قبل أن يأتي الميقات وغيره. الخطابي
(الرابعة) قوله (وقت) قال أي حدد وجعل لهم ميقاتا وحد الحد الذي يحرمون منه ومنه الوقت والمواقيت كلها حدود للعبادات ويكون وقت بمعنى أوجب عليهم الإحرام منه ومنه القاضي عياض إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وقال صاحب النهاية: والتأقيت أن يجعل للشيء وقت يختص به وهو بيان مقدار المدة يقال وقت الشيء يوقته ووقته يقته إذا بين مدته ثم اتسع فيه فأطلق على المكان فقيل للموضع ميقات وهو مفعال منه وأصله موقات فقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها. التوقيت
وقال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة قيل إن التوقيت في اللغة التحديد للشيء مطلقا لأن التوقيت تحديد بالوقت فيصير التحديد من لوازم التوقيت فيطلق عليه توقيت وقوله هنا وقت يحتمل أن يراد به التحديد أي [ ص: 7 ] حد هذه المواضع للإحرام ويحتمل أن يراد بذلك تعليق الإحرام بوقت الوصول إلى هذه الأماكن بشرط إرادة الحج أو العمرة.
(الخامسة) قوله (مهل أهل المدينة ) بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام أي موضع إهلالهم وهو في الأصل رفع الصوت بالتلبية والمراد به هنا مطلق الإحرام سمي بذلك لملازمته له في عادتهم غالبا وقوله بعد ذلك في المواضع الثلاثة يهل بياء مثناة من تحت أوله مضمومة وهاء مكسورة فعل مضارع من أهل .
مواقيت الإحرام
عن عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت وقال مرة مهل أهل سالم المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن قال وذكر لي ولم أسمعه ومهل أهل اليمن من يلملم .
وعن عن نافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ابن عمر المدينة فذكره قال وبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم . يهل أهل
فيه (فوائد):
(الأولى): أخرجه من الطريق الأولى البخاري ومسلم من هذا الوجه من رواية والنسائي لفظ سفيان بن عيينة (وقت) ولفظ البخاري مسلم (يهل) بلفظ الفعل من الإهلال وأخرجه الشيخان من رواية والنسائي عن يونس بن يزيد بلفظ مهل أهل الزهري المدينة ذو الحليفة ، ومهل أهل الشام مهيعة وهي الجحفة ومهل أهل نجد قرن .
وزعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ولم أسمعه ومهل أهل ابن عمر اليمن يلملم وأخرجه من الطريق الثانية الأئمة الستة خلا قال من طريق الترمذي كلفظ المصنف إلا مالك فإن لفظه (وقت) وأخرجه أبا داود البخاري من طريق والنسائي الليث بن سعد من طريق والترمذي كلاهما عن أيوب السختياني عن نافع بلفظ ابن عمر المدينة فذكره وفي [ ص: 3 ] آخره إن رجلا قام في المسجد فقال يا رسول الله من أين تأمرنا أن نهل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل أهل يقول لم أفقه هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر لفظ وكان والآخر قريب منه وقال الليث حديث الترمذي حسن صحيح ورواه ابن عمر عن الشافعي عن طريق آخر فجعله من حديثه عن مالك عن عبد الله بن دينار ورواية ابن عمر عن عبد الله بن دينار انفرد بها ابن عمر من رواية مسلم عنه بلفظ إسماعيل بن جعفر المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة إلى آخره ورواه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل من رواية البخاري زيد بن جبير في منزله وله فسطاط وسرادق فسألته من أين يجوز أن أعتمر ؟ قال فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل عبد الله بن عمر نجد قرنا ولأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة قال أنه أتى واتفقوا كلهم على أن ابن عبد البر لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم قوله ويهل أهل ابن عمر اليمن من يلملم ولا خلاف بين العلماء أن صحيح حجة. مرسل الصحابة
(قلت) قد خالف في ذلك الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني فذهب إلى أنه ليس بحجة وقد ورد ميقات اليمن مرفوعا من غير إرسال من حديث في الصحيحين وغيرهما ومن حديث ابن عباس في صحيح جابر إلا أنه قال أحسبه رفعه ومن حديث مسلم عند عائشة ومن حديث النسائي الحارث بن عمرو عند . أبي داود
(الثانية): فيه أن هذه المواضع الأربعة هي لأهل البلاد المذكورة فيه فلأهل مواقيت الإحرام المدينة ذو الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن ولأهل اليمن يلملم وهذا مجمع عليه حكى الإجماع في ذلك ابن المنذر والنووي وغيرهما ومعنى التوقيت بها أنه لا يجوز لمريد النسك [ ص: 4 ] أن يجاوزها غير محرم والدليل على وجوب ذلك من أوجه:
(أحدها) أنه عليه الصلاة والسلام جعلها ميقاتا للإحرام وقال خذوا عني مناسككم فلزمنا الوقوف عند ذلك.
(ثانيها) أنه قال في الرواية الأخرى (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ) إلى آخر الحديث فأتى به بلفظ الخبر وهو هنا بمعنى الأمر وإنما يستعمل الأمر بصيغة الخبر لتأكده والأمر المتأكد للوجوب.
(ثالثها) أنه قد ورد الأمر صريحا في قوله في رواية وغيره من أين تأمرنا أن نهل وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وبين له مواضع الإهلال المأمور بها وفي قوله في رواية البخاري من حديث مسلم عن عبد الله بن دينار ابن عمر المدينة أن يهلوا من ذي الحليفة الحديث. أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل
(رابعها) أن في صحيح من حديث البخاري (فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم) وذكر الحديث وافتراض المواقيت صريح فيما ذكرناه ولذلك بوب عليه ابن عمر (فرض مواقيت الحج والعمرة) وبهذا قال البخاري مالك وأبو حنيفة والشافعي والجمهور وقالوا وأحمد لزمه دم قال لو تركها الشيخ تقي الدين وإيجاب الدم من غير هذا الحديث وكأنه يحتاج إلى مقدمة أخرى ثم قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وآخرون متى عاد إلى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم وقال إنما يسقط عنه الدم إذا عاد إليه ملبيا فإن عاد غير ملب استمر لزوم الدم وقال أبو حنيفة [ ص: 5 ] عبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل : لا يسقط الدم بعوده إليه مطلقا وقال وزفر إن عاد إليه قبل أن يبعد عنه وهو حلال سقط وإن عاد بعد البعد والإحرام لم يسقط وحكى صاحب البيان عن مالك الشريف العثماني من أصحابنا أن ذا الحليفة غير محرم وهو مريد للنسك فبلغ مكة غير محرم ثم خرج منها إلى ميقات بلد آخر المدني إذا جاوز كيلملم وأحرم منه فلا دم عليه بسبب مجاوزة ذي الحليفة قال النووي في شرح المهذب وهو محتمل وفيه نظر انتهى ووراء ذلك أقوال شاذة:
(أحدها) أنه إن لم يعد للميقات حتى تم حجة رجع للميقات وأهل منه بعمرة حكاه عن ابن عبد البر وقال الحسن البصري روي عن ابن المنذر . ابن الزبير
(ثانيها) أنه متى لم يصح حجه أصلا قاله ترك الميقات . سعيد بن جبير
(ثالثها) أنه إذا ترك الميقات لا شيء عليه قال هذا أحد قولي ابن المنذر ورويناه عن عطاء الحسن قال والنخعي وهذه الأقاويل الثلاثة شاذة ضعيفة عند فقهاء الأمصار لأنها لا أصل لها في الآثار ولا تصح في النظر. ابن عبد البر
(الثالثة) قد بينا أن منع مجاوزتها بلا إحرام إذا كان مريدا للنسك أما الإحرام قبل الوصول إليها فلا مانع منه عند الجمهور ونقل غير واحد الإجماع عليه بل ذهب طائفة من العلماء إلى ترجيح الإحرام من دويرة أهله على التأخير إلى الميقات وهو أحد قولي معنى التوقيت بهذه المواقيت ورجحه من أصحابه الشافعي القاضي أبو الطيب والروياني [ ص: 6 ] والغزالي وهو مذهب والرافعي وروى عن أبي حنيفة عمر أنهما قالا في قوله تعالى وعلي وأتموا الحج والعمرة لله إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك وقال ثبت أن ابن المنذر أهل من ابن عمر إيلياء يعني بيت المقدس .
وكان الأسود وعلقمة وعبد الرحمن وأبو إسحاق يحرمون من بيوتهم ، انتهى لكن الأصح عند النووي من قولي أن الإحرام من الميقات أفضل ، ونقل تصحيحه عن الأكثرين والمحققين وبه قال الشافعي أحمد وحكى وإسحاق فعله عن عوام أهل العلم بل زاد ابن المنذر عن ذلك فكرة تقدم الإحرام على الميقات. مالك
قال وروينا عن ابن المنذر أنه أنكر على عمر إحرامه من عمران بن حصين البصرة وكره الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح ومالك انتهى وعن الإحرام من المكان البعيد رواية أنه إن كان يملك نفسه عن الوقوع في محظور فالإحرام من دويرة أهله أفضل ، وإلا فمن الميقات ، وبه قال بعض أبي حنيفة الشافعية وشذ فقال إن أحرم قبل هذه المواقيت وهو يمر عليها فلا إحرام له إلا أن ينوي إذا صار إلى الميقات تجديد إحرام وحكاه عن ابن حزم الظاهري وأصحابهم وهو قول مردود بالإجماع قبله على خلافه قاله داود النووي .
وقال : أجمع أهل العلم على أن من ابن المنذر فهو محرم وكذا نقل الإجماع في ذلك أحرم قبل أن يأتي الميقات وغيره. الخطابي
(الرابعة) قوله (وقت) قال أي حدد وجعل لهم ميقاتا وحد الحد الذي يحرمون منه ومنه الوقت والمواقيت كلها حدود للعبادات ويكون وقت بمعنى أوجب عليهم الإحرام منه ومنه القاضي عياض إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا وقال صاحب النهاية: والتأقيت أن يجعل للشيء وقت يختص به وهو بيان مقدار المدة يقال وقت الشيء يوقته ووقته يقته إذا بين مدته ثم اتسع فيه فأطلق على المكان فقيل للموضع ميقات وهو مفعال منه وأصله موقات فقلبت الواو ياء لكسر ما قبلها. التوقيت
وقال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة قيل إن التوقيت في اللغة التحديد للشيء مطلقا لأن التوقيت تحديد بالوقت فيصير التحديد من لوازم التوقيت فيطلق عليه توقيت وقوله هنا وقت يحتمل أن يراد به التحديد أي [ ص: 7 ] حد هذه المواضع للإحرام ويحتمل أن يراد بذلك تعليق الإحرام بوقت الوصول إلى هذه الأماكن بشرط إرادة الحج أو العمرة.
(الخامسة) قوله (مهل أهل المدينة ) بضم الميم وفتح الهاء وتشديد اللام أي موضع إهلالهم وهو في الأصل رفع الصوت بالتلبية والمراد به هنا مطلق الإحرام سمي بذلك لملازمته له في عادتهم غالبا وقوله بعد ذلك في المواضع الثلاثة يهل بياء مثناة من تحت أوله مضمومة وهاء مكسورة فعل مضارع من أهل .
(السادسة) المدينة وأهل الشام وأهل نجد كل من سلك طريق سفرهم بحيث إنه مر على هذه المواقيت وإن لم يكن من بلادهم فلو مر الشامي على المراد بأهل ذي الحليفة كما يفعل الآن لزمه الإحرام منها وليس له مجاوزتها إلى الجحفة التي هي ميقاته وقد صرح بذلك في حديث في الصحيحين وغيرهما فقال ابن عباس وقوله (لهن) كذا في الصحيحين وغيرهما أي للأقطار المذكورة وهي هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة المدينة وما معها والمراد لأهلهن فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه وفي رواية في سننه لهم وكذا في أبي داود من رواية مسلم أي أهل هذه المواضع وهو أظهر توجيها. ابن أبي شيبة
قال النووي في شرح وهذا لا خلاف فيه وقال في شرح المهذب: إنه متفق عليه فإن أراد نفي الخلاف في مذهب مسلم فهو صحيح وإن أراد نفي الخلاف مطلقا فمردود ، فإن مذهب الشافعي أن له أن يجاوز مالك ذا الحليفة إلى الجحفة إذا كان من أهل الشام أو مصر وإن كان الأفضل أن يحرم من ذي الحليفة كما نقله ابن القاسم عنه ولا أعلم عندهم خلافا في ذلك وحكاه عن ابن المنذر وأصحاب الرأي قال وبهذا نقول وصرح به أبي ثور الحنفية في كتبهم وقد نكت الشيخ تقي الدين في شرح العمدة بذلك ثم قال وقالت ابن المنذر إذا أردت الحج أحرمت من عائشة ذي الحليفة وإذا أردت العمرة أحرمت من الجحفة (قلت) لعلها لما كانت تعتمر لا تسلك طريق ذا الحليفة ولا تمر بها عليها بل تسلك طريقا أخرى تمر على الجحفة خاصة وقد حمله على ذلك العمراني من أصحابنا [ ص: 8 ] في البيان ويدل له ما في صحيح عن مسلم أحسبه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جابر المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر مهل أهل الجحفة الحديث.
وأما الفرق في ذلك بين الحج والعمرة فلا يظهر له معنى وقال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة: هذا محل نظر فإن قوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن عام فيمن أتى ، يدخل تحته من ميقاته بين يدي هذه المواقيت التي مر بها ومن ليس ميقاته بين يديها ، وقوله ولأهل الشام الجحفة عام بالنسبة إلى من يمر بميقات آخر أولا فإذا قلنا بالعموم الأول دخل تحته هذا الشامي الذي مر بذي الحليفة فيلزمه أن يحرم منها وإذا عملنا بالعموم الثاني وهو أن لأهل الشام الجحفة دخل تحته هذا المار أيضا بذي الحليفة فيكون له التجاوز إليها ولكل منهما عموم من وجه فكما يحتمل أن يقال ولمن أتى عليهن من غير أهلهن مخصوص بمن ليس ميقاته بين يديه يحتمل أن يقال ولأهل الشام الجحفة مخصوص بمن لم يمر بشيء من هذه المواقيت ا هـ.
ولو سلك ما ذكرته أولا من أن المراد بأهل المدينة من سلك طريق سفرهم ومر على ميقاتهم لم يرد هذا الإشكال ولم يتعارض هنا دليلان ، ومن المعلوم أن من ليس بين يديه ميقات لأهل بلده التي هي محل سكنه المدينة ليس له مجاوزة ميقات أهل كاليمني يحج من المدينة غير محرم وذلك يدل على ما ذكرناه أنه ليس المراد بأهل المدينة سكانها وإنما المراد بأهلها من حج منها وسلك طريق أهلها ولو حملناه على سكانها لوردت هذه الصورة وحصل الاضطراب في هذا فنفرق في الغريب الطارئ على المدينة مثلا بين أن يكون بين يديه ميقات لأهل بلده أم لا فنحمل أهل المدينة تارة على سكانها وتارة على سكانها والواردين عليها ويصير هذا تفريقا بغير دليل وإذا حملنا أهل المدينة على ما ذكرناه لم يحصل في ذلك اضطراب ومشى اللفظ على مدلول واحد في الأحوال كلها والله أعلم.
وكلام غير واحد منهم ابن شاس المالكيان وابن الحاجب الحنبلي يقتضي ما ذكرته من أن الخلاف إنما هو فيمن له ميقات بين يديه وابن قدامة بذي الحليفة هل له مجاوزتها إلى الجحفة : أما المدني فليس له ذلك [ ص: 9 ] قطعا وكذلك اليمني ونحوه وجعل كالشامي يمر الخلاف في الجميع ومثل لموضع الخلاف بمجاوزة المدني ابن عبد البر ذا الحليفة وهو ظاهر كلام أيضا وكذا صرح به شارح القدوري ابن المنذر محمود بن رمضان فينبغي تحقيق ذلك
قال النووي في شرح وهذا لا خلاف فيه وقال في شرح المهذب: إنه متفق عليه فإن أراد نفي الخلاف في مذهب مسلم فهو صحيح وإن أراد نفي الخلاف مطلقا فمردود ، فإن مذهب الشافعي أن له أن يجاوز مالك ذا الحليفة إلى الجحفة إذا كان من أهل الشام أو مصر وإن كان الأفضل أن يحرم من ذي الحليفة كما نقله ابن القاسم عنه ولا أعلم عندهم خلافا في ذلك وحكاه عن ابن المنذر وأصحاب الرأي قال وبهذا نقول وصرح به أبي ثور الحنفية في كتبهم وقد نكت الشيخ تقي الدين في شرح العمدة بذلك ثم قال وقالت ابن المنذر إذا أردت الحج أحرمت من عائشة ذي الحليفة وإذا أردت العمرة أحرمت من الجحفة (قلت) لعلها لما كانت تعتمر لا تسلك طريق ذا الحليفة ولا تمر بها عليها بل تسلك طريقا أخرى تمر على الجحفة خاصة وقد حمله على ذلك العمراني من أصحابنا [ ص: 8 ] في البيان ويدل له ما في صحيح عن مسلم أحسبه رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: جابر المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر مهل أهل الجحفة الحديث.
وأما الفرق في ذلك بين الحج والعمرة فلا يظهر له معنى وقال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة: هذا محل نظر فإن قوله ولمن أتى عليهن من غير أهلهن عام فيمن أتى ، يدخل تحته من ميقاته بين يدي هذه المواقيت التي مر بها ومن ليس ميقاته بين يديها ، وقوله ولأهل الشام الجحفة عام بالنسبة إلى من يمر بميقات آخر أولا فإذا قلنا بالعموم الأول دخل تحته هذا الشامي الذي مر بذي الحليفة فيلزمه أن يحرم منها وإذا عملنا بالعموم الثاني وهو أن لأهل الشام الجحفة دخل تحته هذا المار أيضا بذي الحليفة فيكون له التجاوز إليها ولكل منهما عموم من وجه فكما يحتمل أن يقال ولمن أتى عليهن من غير أهلهن مخصوص بمن ليس ميقاته بين يديه يحتمل أن يقال ولأهل الشام الجحفة مخصوص بمن لم يمر بشيء من هذه المواقيت ا هـ.
ولو سلك ما ذكرته أولا من أن المراد بأهل المدينة من سلك طريق سفرهم ومر على ميقاتهم لم يرد هذا الإشكال ولم يتعارض هنا دليلان ، ومن المعلوم أن من ليس بين يديه ميقات لأهل بلده التي هي محل سكنه المدينة ليس له مجاوزة ميقات أهل كاليمني يحج من المدينة غير محرم وذلك يدل على ما ذكرناه أنه ليس المراد بأهل المدينة سكانها وإنما المراد بأهلها من حج منها وسلك طريق أهلها ولو حملناه على سكانها لوردت هذه الصورة وحصل الاضطراب في هذا فنفرق في الغريب الطارئ على المدينة مثلا بين أن يكون بين يديه ميقات لأهل بلده أم لا فنحمل أهل المدينة تارة على سكانها وتارة على سكانها والواردين عليها ويصير هذا تفريقا بغير دليل وإذا حملنا أهل المدينة على ما ذكرناه لم يحصل في ذلك اضطراب ومشى اللفظ على مدلول واحد في الأحوال كلها والله أعلم.
وكلام غير واحد منهم ابن شاس المالكيان وابن الحاجب الحنبلي يقتضي ما ذكرته من أن الخلاف إنما هو فيمن له ميقات بين يديه وابن قدامة بذي الحليفة هل له مجاوزتها إلى الجحفة : أما المدني فليس له ذلك [ ص: 9 ] قطعا وكذلك اليمني ونحوه وجعل كالشامي يمر الخلاف في الجميع ومثل لموضع الخلاف بمجاوزة المدني ابن عبد البر ذا الحليفة وهو ظاهر كلام أيضا وكذا صرح به شارح القدوري ابن المنذر محمود بن رمضان فينبغي تحقيق ذلك
(السابعة) ذو الحليفة بضم الحاء المهملة وفتح اللام تصغير الحلفة بفتح اللام وكسرها وهي واحد الحلفاء وهو النبت المعروف والمراد بها موضع بقرب المدينة بينه وبينها نحو ستة أميال قاله النووي وقبله الغزالي ثم قال وقيل سبعة أميال وقال والقاضي عياض أربعة أميال وذكر ابن حزم وتبعه ابن الصباغ من أصحابنا أن بينهما ميلا قال الرافعي المحب الطبري : وهو وهم والحس يرد ذلك وقال شيخنا الإمام جمال الدين الإسنوي في المهمات: الصواب المعروف المشاهد أنها على ثلاثة أميال أو تزيد قليلا والقائلون بما ذكرناه أولا أتقن في ذلك وقد ذكره المحب الطبري عالم الحجاز وصوبه والدي رحمه الله في شرح وهو مأمن مياه الترمذي بني جثم بينهم وبين خفاجة العقيليين وهو أبعد المواقيت من مكة بينهما نحو عشرة مراحل أو تسع أما ذو الحليفة المذكور في حديث رافع بن خديج بذي الحليفة من تهامة فهو موضع آخر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس هو المهل الذي بقرب الداودي المدينة .
(الثامنة) الجحفة بضم الجيم وإسكان الحاء المهملة وفتح الفاء قرية على ستة أميال من البحر وثماني مراحل من المدينة ونحو ثلاث مراحل من مكة وسميت بذلك لأن السيل اجتحفها وحمل أهلها وهي مهيعة كما في رواية تقدم ذكرها من الصحيحين بفتح الميم وإسكان الهاء وفتح الياء المثناة من تحت والعين المهملة وحكى عن بعضهم كسر الهاء مع إسكان الياء والصحيح المشهور الأول وهو الآن خربة لا يصل إليها أحد لوخمها وإنما يحرم الناس من القاضي عياض رابغ وهي على محاذاتها وذكر بعضهم أن مهيعة قريب من الجحفة والمعتمد ما قدمناه إنها هي الجحفة نفسها .
(التاسعة) الشام بلاد معروفة وهي من العريش إلى بالس وقيل إلى الفرات قاله النووي في شرح وقال أبي داود ابن السمعاني [ ص: 10 ] هي بلاد بين الجزيرة والغور إلى الساحل ويجوز فيها التذكير والتأنيث والهمز وتركه وأما شآم بفتح الهمزة والمد فأباه أكثرهم إلا في النسب وفي سبب تسميتها بهذا الاسم خلاف لا نطول بذكره.
(العاشرة) روى في سننه من رواية النسائي أفلح بن حميد عن عن القاسم مرفوعا ولأهل عائشة الشام ومصر الجحفة وهذه زيادة يجب الأخذ بها وعليها العمل .
(العاشرة) روى في سننه من رواية النسائي أفلح بن حميد عن عن القاسم مرفوعا ولأهل عائشة الشام ومصر الجحفة وهذه زيادة يجب الأخذ بها وعليها العمل .
(الحادية عشرة) نجد بفتح النون وإسكان الجيم وآخره دال مهملة قال في الصحاح وهو ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق ، وقال في المشارق ، ما بين جرش إلى سواد الكوفة وحده مما يلي المغرب الحجاز وعن يسار الكعبة اليمن قال ونجد كلها من عمل اليمامة ، وقال في النهاية النجد ما ارتفع من الأرض وهو اسم خاص لما دون الحجاز مما يلي العراق .
(الثانية عشرة) بفتح القاف وإسكان الراء المهملة بلا خلاف بين أهل العلم من أهل الحديث واللغة والتاريخ والأسماء وغيرهم كما قاله قرن النووي قال وغلط في صحاحه في غلطتين فاحشتين فقال بفتح الراء وزعم أن الجوهري أويسا القرني رضي الله عنه منسوب إليه والصواب إسكان الراء وأن أويسا منسوب إلى قبيلة معروفة يقال لهم بنو قرن وهم بطن من مراد القبيلة المعروفة ينسب إليها المرادي .
(قلت) حكى القاضي في المشارق عن تعليق عن أن من قال القابسي قرن بالإسكان أراد الجبل المشرف على الموضع ومن قال قرن بالفتح أراد الطريق الذي يفترق منه فإنه موضع فيه طرق مفترقة انتهى وهذا يدل على أن فيه خلافا ويقال له قرن المنازل وقرن الثعالب قال النووي وهو على نحو مرحلتين من مكة قالوا وهو أقرب المواقيت إلى مكة وقال في المشارق هو على يوم وليلة من مكة وهو قريب مما قدمته عن النووي وفيما حكاه النووي من أن قرنا أقرب المواقيت إلى مكة نظر فقد ذكر أن بينها وبين ابن حزم مكة اثنين وأربعين ميلا وأن بين يلملم ومكة ثلاثين ميلا فتكون يلملم حينئذ أقرب المواقيت إلى مكة والله أعلم .
(قلت) حكى القاضي في المشارق عن تعليق عن أن من قال القابسي قرن بالإسكان أراد الجبل المشرف على الموضع ومن قال قرن بالفتح أراد الطريق الذي يفترق منه فإنه موضع فيه طرق مفترقة انتهى وهذا يدل على أن فيه خلافا ويقال له قرن المنازل وقرن الثعالب قال النووي وهو على نحو مرحلتين من مكة قالوا وهو أقرب المواقيت إلى مكة وقال في المشارق هو على يوم وليلة من مكة وهو قريب مما قدمته عن النووي وفيما حكاه النووي من أن قرنا أقرب المواقيت إلى مكة نظر فقد ذكر أن بينها وبين ابن حزم مكة اثنين وأربعين ميلا وأن بين يلملم ومكة ثلاثين ميلا فتكون يلملم حينئذ أقرب المواقيت إلى مكة والله أعلم .
(الثالثة عشرة) بفتح الياء المثناة من تحت واللامين ويقال له أيضا ألملم بهمزة أوله وهي الأصل والياء [ ص: 11 ] بدل منها كما ذكره في المشارق وهو جبل من جبال يلملم تهامة على مرحلتين من مكة وقال ابن السيد : يلملم ويرمرم باللام والراء .
(الرابعة عشرة) قال أصحابنا وغيرهم يلملم ميقات أهل اليمن بعض المراد بكون اليمن وهو تهامة فأما نجد فإن ميقاته قرن وذلك لأن اليمن يشمل نجدا وتهامة فأطلق اليمن وأريد بعضه وهو تهامة منه خاصة وقوله فيما تقدم نجد تناول نجد الحجاز ونجد اليمن فكلاهما ميقات أهله قرن .
(الخامسة عشرة) بقي ميقات خامس متفق عليه لم يتعرض له في هذا الحديث وهو ذات عرق ميقات أهل العراق ، وهو بكسر العين المهملة وإسكان الراء سمي بذلك لان فيه عرقا وهو الجبل الصغير وقيل العرق من الأرض سبخة تنبت الطرفاء وبينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلا قاله قال ابن حزم المنذري وهي الحد بين نجد وتهامة وما ذكرته من الإجماع على توقيت ذات عرق لأهل العراق تبعت فيه ابن عبد البر والنووي فقالا: إنه مجمع عليه لكن الخلاف فيه موجود فحكى عن قوم أنهم قالوا: إن ابن حزم العراق العقيق قال واحتجوا بخبر لا يصح: لأن رواية ميقات أهل وهو ضعيف عن يزيد بن أبي زياد محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن . ابن عباس
(قلت) الخبر المذكور رواه أبو داود بالإسناد المذكور بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق والترمذي العقيق سكت عليه وحسنه أبو داود قال الترمذي النووي في شرح المهذب وليس كما قال فإنه من رواية وهو ضعيف باتفاق المحدثين وكذلك اعترض عليه يزيد بن أبي زياد المنذري في مختصر السنن بأن فيه وهو ضعيف والجمهور على أن الميقات يزيد بن أبي زياد ذات عرق وبه قال الأئمة الأربعة لكن اختلفوا هل صارت ميقاتهم بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم أم باجتهاد رضي الله عنه وفي ذلك خلاف لأصحابنا عمر بن الخطاب الشافعية حكاه الرافعي والنووي وجهين وحكاه القاضي أبو الطيب قولين المشهور منهما عن نص أنه باجتهاد الشافعي وهو الذي ذكره عمر المالكية والذي عليه أكثر الشافعية : أنه منصوص وهو مذهب الحنفية يدل للأول ما رواه في صحيحه عن البخاري قال لما فتح هذان المصران أتوا ابن عمر [ ص: 12 ] فقالوا يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل عمر نجد قرن وهو جور عن طريقنا وإنا إن أردنا قرنا شق علينا قال فانظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق ويدل للثاني عدة أحاديث وهي متكلم فيها قال لا يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث. ابن المنذر
(قلت) روى في صحيحه عن مسلم أنه سمع أبي الزبير يسأل عن المهل فقال سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه ومهل أهل جابر بن عبد الله العراق من ذات عرق وقال النووي في شرح هو غير ثابت لعدم جزمه برفعه وأما قول مسلم إنه حديث ضعيف لأن الدارقطني العراق لم تكن فتحت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكلامه في تضعيفه صحيح ودليله ما ذكرته وأما استدلاله لضعفه بعدم فتح العراق ففاسد لأنه لا يمتنع أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بانه سيفتح ويكون ذلك من معجزات النبوة والإخبار بالمغيبات المستقبلات كما أنه صلى الله عليه وسلم وقت لأهل الشام الجحفة في جميع الأحاديث الصحيحة ومعلوم أن الشام لم يكن فتح يومئذ وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أنه الشام واليمن والعراق وأنهم يأتون إليهن يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وأنه عليه السلام أخبر بفتح أخبر بأنه زويت له مشارق الأرض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها مصر وهي أرض يذكر فيها القيراط وإنهم سيفتحون عيسى ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وكل هذه الأحاديث في الصحيح انتهى. وإن
وقال في شرح المهذب إسناده صحيح لكنه لم يجزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يثبت رفعه لمجرد هذا ورواه من رواية ابن ماجه إبراهيم بن يزيد الخوزي بإسناده عن مرفوعا بغير شك بلفظ أهل المشرق لكن جابر الخوزي ضعيف لا يحتج بروايته ورواه في مسنده عن الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك أيضا لكنه من رواية جابر وهو ضعيف. الحجاج بن أرطاة
(قلت) في قول النووي إن حديث غير ثابت لأنه لم يجزم برفعه نظر فإن قوله أحسبه معناه أظنه والظن في باب الرواية يتنزل منزلة اليقين فليس ذلك قادحا في رفعه: وأيضا فلو لم [ ص: 13 ] يصرح برفعه لا يقينا ولا ظنا فهو منزل منزلة المرفوع لأن هذا لا يقال من قبل الرأي وإنما يؤخذ توقيفا من الشارع لا سيما وقد ضمنه جابر رضي الله عنه إلى المواقيت المنصوص عليها يقينا باتفاق. جابر
وروى أبو داود بإسناد صحيح كما قال والنسائي النووي عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل عائشة العراق ذات عرق وذكر عن ابن عدي يحيى بن محمد بن صاعد أن كان ينكر على الإمام أحمد أفلح بن حميد هذا الحديث قال قد حدث عنه ثقات الناس وهو عندي صالح وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها وهذا الحديث ينفرد به ابن عدي معافى بن عمران عنه وإنكار قوله ولأهل أحمد العراق ذات عرق ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه انتهى وصححه أبو العباس القرطبي وقال هو صحيح غريب وقال الذهبي والدي رحمه الله إن إسناده جيد وروى أيضا عن أبو داود الحارث بن عمرو السهمي حديثا وفيه ذات عرق لأهل العراق قال ووقت يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسناده من هو غير معروف. البيهقي
(قلت) زرارة بن كريم بفتح الكاف روى عنه جماعة وذكره في الثقات والراوي عنه في سنن ابن حبان أبي داود عتبة بن عبد الملك كذلك وباقي رجاله لا يحتاج إلى الفحص عنهم فليس في إسناده من هو غير معروف فإن كان فيهم من ليس معروفا عند فهو معروف عند غيره وروى البيهقي أحمد من رواية والدارقطني عن الحجاج بن أرطاة عن أبيه عن جده قال (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فذكر الحديث وفيه وقال لأهل عمرو بن شعيب العراق ذات عرق وروى الشافعي بإسناد حسن عن والبيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أنه وقت لأهل المشرق عطاء ذات عرق فهذه الأحاديث التي ذكرتها وإن كان في كل منها ضعيف فمجموعها لا يقصر عن بلوغ درجة الاحتجاج به وكذا ذكره النووي في شرح المهذب فالأرجح عندي أنه منصوص أيضا قال ويجوز أن يكون ابن قدامة ومن سأله لم يعلموا توقيت النبي صلى الله عليه وسلم عمر ذات عرق فقال ذلك برأيه فأصاب ووافق قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان كثير [ ص: 14 ] الإصابة رضي الله عنه ا هـ.
فإن قلت ما الجمع بين حديث في التوقيت من ابن عباس العقيق وبقية الأحاديث في التوقيت من ذات عرق ؟ (قلت) في ذلك أوجه:
(أحدها) ضعف حديث كما تقدم وبتقدير صحته فأحاديث التوقيت من ابن عباس ذات عرق أصح وأكثر وأرجح ، وعكس ذلك فقال الحديث في الخطابي العقيق أثبت منه في ذات عرق .
(الثاني) أن ذات عرق ميقات الإيجاب والعقيق ميقات الاستحباب فالإحرام من العقيق أفضل فإن جاوزه وأحرم من ذات عرق جاز وبهذا صرح أصحابنا الشافعية واقتضى كلام أنه متفق عليه. ابن عبد البر
(الثالث) أن ذات عرق ميقات لبعض أهل العراق والعقيق ميقات لبعضهم ويؤيد ذلك ما رواه في معجمه الكبير عن الطبراني أنس بن مالك المدائن العقيق ولأهل البصرة ذات عرق الحديث وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل أبو ظلال هلال بن يزيد وثقه وضعفه الجمهور. ابن حبان
(الرابع) ذكر بعضهم أن ذات عرق كانت أولا في موضع العقيق ثم حولت وقربت إلى مكة وعلى هذا فذات عرق هو العقيق واللفظان متواردان على شيء واحد وروى في المعرفة عن البيهقي عن الشافعي عن ابن عيينة عبد الكريم الجزري قال رأى رجلا يريد أن يحرم من سعيد بن جبير ذات عرق فأخذ بيده حتى خرج به من البيوت وقطع الوادي فأتى به المقابر فقال هذه ذات عرق الأولى ا هـ.
ومقتضى هذا الجواب وجوب الإحرام من العقيق والجمهور على خلافه كما تقدم وإنما قال به الشافعية استحبابا كما تقدم وظاهر كلام المالكية كراهته لأنهم اتفقوا على كراهة تقدم الإحرام على الميقات بمكان قريب لما فيه من التباس الميقات وظاهر كلام المدونة كراهته عند التقديم بمكان بعيد أيضا ، قال وهذا من هؤلاء كراهة أن يضيق المرء على نفسه ما قد وسع الله عليه وأن يتعرض لما لا يؤمر أن يحدث في إحرامه قال وكلهم ألزمه الإحرام إذا فعل لأنه زاد ولم ينقص ا هـ. ولم يفرق هؤلاء في ذلك بين بعض المواقيت وبعضها فدخل في ذلك ذات عرق أيضا ، وما حكاه عن الكل من صحة يخالفه كلام [ ص: 15 ] الإحرام قبل الميقات المتقدم والله أعلم. ابن حزم
والعقيق كل مسيل شقه ماء السيل فوسعه وفي بلاد العرب أربعة أعقة وهي أودية عادية منها عقيق يتدفق ماؤه في غوري تهامة وهو المذكور في هذا الحديث قاله الأزهري وذكر بعضهم أنها عشرة .
(قلت) الخبر المذكور رواه أبو داود بالإسناد المذكور بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق والترمذي العقيق سكت عليه وحسنه أبو داود قال الترمذي النووي في شرح المهذب وليس كما قال فإنه من رواية وهو ضعيف باتفاق المحدثين وكذلك اعترض عليه يزيد بن أبي زياد المنذري في مختصر السنن بأن فيه وهو ضعيف والجمهور على أن الميقات يزيد بن أبي زياد ذات عرق وبه قال الأئمة الأربعة لكن اختلفوا هل صارت ميقاتهم بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم أم باجتهاد رضي الله عنه وفي ذلك خلاف لأصحابنا عمر بن الخطاب الشافعية حكاه الرافعي والنووي وجهين وحكاه القاضي أبو الطيب قولين المشهور منهما عن نص أنه باجتهاد الشافعي وهو الذي ذكره عمر المالكية والذي عليه أكثر الشافعية : أنه منصوص وهو مذهب الحنفية يدل للأول ما رواه في صحيحه عن البخاري قال لما فتح هذان المصران أتوا ابن عمر [ ص: 12 ] فقالوا يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل عمر نجد قرن وهو جور عن طريقنا وإنا إن أردنا قرنا شق علينا قال فانظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق ويدل للثاني عدة أحاديث وهي متكلم فيها قال لا يثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث. ابن المنذر
(قلت) روى في صحيحه عن مسلم أنه سمع أبي الزبير يسأل عن المهل فقال سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه ومهل أهل جابر بن عبد الله العراق من ذات عرق وقال النووي في شرح هو غير ثابت لعدم جزمه برفعه وأما قول مسلم إنه حديث ضعيف لأن الدارقطني العراق لم تكن فتحت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكلامه في تضعيفه صحيح ودليله ما ذكرته وأما استدلاله لضعفه بعدم فتح العراق ففاسد لأنه لا يمتنع أن يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم لعلمه بانه سيفتح ويكون ذلك من معجزات النبوة والإخبار بالمغيبات المستقبلات كما أنه صلى الله عليه وسلم وقت لأهل الشام الجحفة في جميع الأحاديث الصحيحة ومعلوم أن الشام لم يكن فتح يومئذ وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أنه الشام واليمن والعراق وأنهم يأتون إليهن يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، وأنه عليه السلام أخبر بفتح أخبر بأنه زويت له مشارق الأرض ومغاربها وقال سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها مصر وهي أرض يذكر فيها القيراط وإنهم سيفتحون عيسى ينزل على المنارة البيضاء شرقي دمشق وكل هذه الأحاديث في الصحيح انتهى. وإن
وقال في شرح المهذب إسناده صحيح لكنه لم يجزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلا يثبت رفعه لمجرد هذا ورواه من رواية ابن ماجه إبراهيم بن يزيد الخوزي بإسناده عن مرفوعا بغير شك بلفظ أهل المشرق لكن جابر الخوزي ضعيف لا يحتج بروايته ورواه في مسنده عن الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك أيضا لكنه من رواية جابر وهو ضعيف. الحجاج بن أرطاة
(قلت) في قول النووي إن حديث غير ثابت لأنه لم يجزم برفعه نظر فإن قوله أحسبه معناه أظنه والظن في باب الرواية يتنزل منزلة اليقين فليس ذلك قادحا في رفعه: وأيضا فلو لم [ ص: 13 ] يصرح برفعه لا يقينا ولا ظنا فهو منزل منزلة المرفوع لأن هذا لا يقال من قبل الرأي وإنما يؤخذ توقيفا من الشارع لا سيما وقد ضمنه جابر رضي الله عنه إلى المواقيت المنصوص عليها يقينا باتفاق. جابر
وروى أبو داود بإسناد صحيح كما قال والنسائي النووي عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل عائشة العراق ذات عرق وذكر عن ابن عدي يحيى بن محمد بن صاعد أن كان ينكر على الإمام أحمد أفلح بن حميد هذا الحديث قال قد حدث عنه ثقات الناس وهو عندي صالح وأحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة كلها وهذا الحديث ينفرد به ابن عدي معافى بن عمران عنه وإنكار قوله ولأهل أحمد العراق ذات عرق ولم ينكر الباقي من إسناده ومتنه انتهى وصححه أبو العباس القرطبي وقال هو صحيح غريب وقال الذهبي والدي رحمه الله إن إسناده جيد وروى أيضا عن أبو داود الحارث بن عمرو السهمي حديثا وفيه ذات عرق لأهل العراق قال ووقت يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسناده من هو غير معروف. البيهقي
(قلت) زرارة بن كريم بفتح الكاف روى عنه جماعة وذكره في الثقات والراوي عنه في سنن ابن حبان أبي داود عتبة بن عبد الملك كذلك وباقي رجاله لا يحتاج إلى الفحص عنهم فليس في إسناده من هو غير معروف فإن كان فيهم من ليس معروفا عند فهو معروف عند غيره وروى البيهقي أحمد من رواية والدارقطني عن الحجاج بن أرطاة عن أبيه عن جده قال (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم) فذكر الحديث وفيه وقال لأهل عمرو بن شعيب العراق ذات عرق وروى الشافعي بإسناد حسن عن والبيهقي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أنه وقت لأهل المشرق عطاء ذات عرق فهذه الأحاديث التي ذكرتها وإن كان في كل منها ضعيف فمجموعها لا يقصر عن بلوغ درجة الاحتجاج به وكذا ذكره النووي في شرح المهذب فالأرجح عندي أنه منصوص أيضا قال ويجوز أن يكون ابن قدامة ومن سأله لم يعلموا توقيت النبي صلى الله عليه وسلم عمر ذات عرق فقال ذلك برأيه فأصاب ووافق قول النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان كثير [ ص: 14 ] الإصابة رضي الله عنه ا هـ.
فإن قلت ما الجمع بين حديث في التوقيت من ابن عباس العقيق وبقية الأحاديث في التوقيت من ذات عرق ؟ (قلت) في ذلك أوجه:
(أحدها) ضعف حديث كما تقدم وبتقدير صحته فأحاديث التوقيت من ابن عباس ذات عرق أصح وأكثر وأرجح ، وعكس ذلك فقال الحديث في الخطابي العقيق أثبت منه في ذات عرق .
(الثاني) أن ذات عرق ميقات الإيجاب والعقيق ميقات الاستحباب فالإحرام من العقيق أفضل فإن جاوزه وأحرم من ذات عرق جاز وبهذا صرح أصحابنا الشافعية واقتضى كلام أنه متفق عليه. ابن عبد البر
(الثالث) أن ذات عرق ميقات لبعض أهل العراق والعقيق ميقات لبعضهم ويؤيد ذلك ما رواه في معجمه الكبير عن الطبراني أنس بن مالك المدائن العقيق ولأهل البصرة ذات عرق الحديث وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل أبو ظلال هلال بن يزيد وثقه وضعفه الجمهور. ابن حبان
(الرابع) ذكر بعضهم أن ذات عرق كانت أولا في موضع العقيق ثم حولت وقربت إلى مكة وعلى هذا فذات عرق هو العقيق واللفظان متواردان على شيء واحد وروى في المعرفة عن البيهقي عن الشافعي عن ابن عيينة عبد الكريم الجزري قال رأى رجلا يريد أن يحرم من سعيد بن جبير ذات عرق فأخذ بيده حتى خرج به من البيوت وقطع الوادي فأتى به المقابر فقال هذه ذات عرق الأولى ا هـ.
ومقتضى هذا الجواب وجوب الإحرام من العقيق والجمهور على خلافه كما تقدم وإنما قال به الشافعية استحبابا كما تقدم وظاهر كلام المالكية كراهته لأنهم اتفقوا على كراهة تقدم الإحرام على الميقات بمكان قريب لما فيه من التباس الميقات وظاهر كلام المدونة كراهته عند التقديم بمكان بعيد أيضا ، قال وهذا من هؤلاء كراهة أن يضيق المرء على نفسه ما قد وسع الله عليه وأن يتعرض لما لا يؤمر أن يحدث في إحرامه قال وكلهم ألزمه الإحرام إذا فعل لأنه زاد ولم ينقص ا هـ. ولم يفرق هؤلاء في ذلك بين بعض المواقيت وبعضها فدخل في ذلك ذات عرق أيضا ، وما حكاه عن الكل من صحة يخالفه كلام [ ص: 15 ] الإحرام قبل الميقات المتقدم والله أعلم. ابن حزم
والعقيق كل مسيل شقه ماء السيل فوسعه وفي بلاد العرب أربعة أعقة وهي أودية عادية منها عقيق يتدفق ماؤه في غوري تهامة وهو المذكور في هذا الحديث قاله الأزهري وذكر بعضهم أنها عشرة .
(السادسة عشرة) قال فيه القاضي عياض لهم فجعل الأمر لأهل الآفاق بالقرب ولما كان أهل رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأمته في توقيته هذه المواقيت المدينة أقرب من أهل الآفاق المذكورة وقت لهم ذا الحليفة خارج المدينة بستة أميال وجعل لمن مر بها من أهل الآفاق المصير إلى ميقاتهم الجحفة على ثمانية مراحل من المدينة ا هـ. وما ذكره من أن بذي الحليفة له مجاوزتها غير محرم إلى الأفاقي المار الجحفة التي هي ميقاته هو مذهب وقد عرفت أن مذهب مالك والأكثرين خلافه. الشافعي
(السابعة عشرة) وقت النبي صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت لأهل هذه الأمصار وبين في حديث أن ابن عباس فحكمه حكم أهلها وفهم من ذلك أن حكم المقيمين بهذه المواقيت كحكم المارين بها ، وفهم من سكوته عمن من مر عليها من غير أهلها ومكة أنه لا يكلف الرجوع إلى هذه المواقيت بل يحرم من موضعه إذ لو كلف الرجوع إليها لم يختص تأقيتها بالمارين بها ، وصرح بذلك في حديث سكنه بين المواقيت بقوله ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل ابن عباس مكة من مكة أي فمن حيث أنشأ السفر منه وهذا مذهب الأئمة الأربعة وبه قال كافة العلماء إلا مجاهدا فقال ميقاته مكة نفسها وحكى عن ابن عبد البر أنه قال يحرم من موضعه فإن لم يفعل فلا يدخل أبي حنيفة الحرم إلا حراما فإن دخله غير حرام فليخرج منه وليهل حيث شاء من الحل ، وحكاه عن أصحاب الرأي ، وقال ابن المنذر إنه وقول ابن عبد البر شاذان. مجاهد
وأما من هو بمكة فميقاته نفس مكة فلا يجوز له تركها والإحرام خارجها ولو كان في الحرم ، هذا هو الصحيح عند أصحابنا وغيرهم وقال بعض أصحابنا الإحرام من الحرم كله جائز ، والحديث بخلافه وقال المالكية : لو خرج إلى الحل جاز على الأشهر ، ولا دم لأنه زاد وما نقص ، وقال أصحابنا ويجوز أن [ ص: 16 ] يحرم من جميع نواحي مكة بحيث لا يخرج عن نفس البلد وفي الأفضل قولان أصحهما من باب داره والثاني من المسجد الحرام تحت الميزاب ثم إن هذا في الحج أما بها أدنى الحل من أي الجهات كان لحديث العمرة فإن ميقات المكي إذا أراد الإحرام في الصحيحين عائشة التنعيم وتحرم بالعمرة منه أنه عليه الصلاة والسلام أمرها في العمرة أن تخرج إلى والتنعيم في طرف الحل وهو أقرب نواحيه والله أعلم .
(السابعة عشرة) وقت النبي صلى الله عليه وسلم هذه المواقيت لأهل هذه الأمصار وبين في حديث أن ابن عباس فحكمه حكم أهلها وفهم من ذلك أن حكم المقيمين بهذه المواقيت كحكم المارين بها ، وفهم من سكوته عمن من مر عليها من غير أهلها ومكة أنه لا يكلف الرجوع إلى هذه المواقيت بل يحرم من موضعه إذ لو كلف الرجوع إليها لم يختص تأقيتها بالمارين بها ، وصرح بذلك في حديث سكنه بين المواقيت بقوله ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل ابن عباس مكة من مكة أي فمن حيث أنشأ السفر منه وهذا مذهب الأئمة الأربعة وبه قال كافة العلماء إلا مجاهدا فقال ميقاته مكة نفسها وحكى عن ابن عبد البر أنه قال يحرم من موضعه فإن لم يفعل فلا يدخل أبي حنيفة الحرم إلا حراما فإن دخله غير حرام فليخرج منه وليهل حيث شاء من الحل ، وحكاه عن أصحاب الرأي ، وقال ابن المنذر إنه وقول ابن عبد البر شاذان. مجاهد
وأما من هو بمكة فميقاته نفس مكة فلا يجوز له تركها والإحرام خارجها ولو كان في الحرم ، هذا هو الصحيح عند أصحابنا وغيرهم وقال بعض أصحابنا الإحرام من الحرم كله جائز ، والحديث بخلافه وقال المالكية : لو خرج إلى الحل جاز على الأشهر ، ولا دم لأنه زاد وما نقص ، وقال أصحابنا ويجوز أن [ ص: 16 ] يحرم من جميع نواحي مكة بحيث لا يخرج عن نفس البلد وفي الأفضل قولان أصحهما من باب داره والثاني من المسجد الحرام تحت الميزاب ثم إن هذا في الحج أما بها أدنى الحل من أي الجهات كان لحديث العمرة فإن ميقات المكي إذا أراد الإحرام في الصحيحين عائشة التنعيم وتحرم بالعمرة منه أنه عليه الصلاة والسلام أمرها في العمرة أن تخرج إلى والتنعيم في طرف الحل وهو أقرب نواحيه والله أعلم .
(الثامنة عشرة) سكت في الحديث عن مكة للنسك من غير أن يمر على شيء من هذه المواقيت وقد قال الجمهور: يلزمه الإحرام إذا حاذى أقرب المواقيت إليه وبه قال الأئمة الأربعة ، قال أصحابنا فإن لم يحاذ ميقاتا لزم أن يحرم إذا لم يبق بينه وبين قاصد مكة إلا مرحلتان ، وقال : يحرم من حيث شاء فإن مر بعد ذلك على ميقات منها لزمه تجديد الإحرام منه وادعى دخول ذلك في قوله عليه الصلاة والسلام: ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ وهو مردود لأنه ليس دون المواقيت المذكورة فلم يتناوله الحديث وتمسك الجمهور في ذلك بقول ابن حزم الظاهري رضي الله عنه لما شكا إليه أهل عمر العراق جوز قرن عن طريقهم: انظروا حذوها من طريقكم ، والإحرام من محاذات الميقات أقرب الأمور إلى النص لأن القصد البعد عن مكة بهذه المسافة فلزم اتباعه .