الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1083 ] سياق

                    ما ورد من الآيات في كتاب الله تعالى في أن اسم الإيمان ( اسم مدح ) ، وأن المؤمنين في الجنة وأنه ضد النفاق والفسق

                    قال الله تعالى : ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) .

                    وقال الله عز وجل : ( وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ) .

                    وقال : ( إن المنافقين هم الفاسقون ) . فكيف يكون مؤمنا فاسقا منافقا .

                    [ ص: 1084 ] وقال تبارك وتعالى : ( ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا ) ومن يكون مؤمنا حقا على قول المرجئة من أي شيء يتوب ، ولا شك أن التوبة تكون من المحظورات والمناهي .

                    وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) .

                    فدلت هذه الآيات والأخبار كلها على أن المؤمن اسم مدح يستحق المدح على أفعاله ، والفاسق اسم ذم يستحق الذم على أفعاله .

                    يبين صحة هذا قوله تعالى : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم ) وقال : ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ) وقال : ( ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم ) .

                    وقال تعالى في صفة المنافقين : ( وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم ) .

                    [ ص: 1085 ] * وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر ) ، وروي عنه ( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ) .

                    * وروي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه : " الكذب يجانب الإيمان " .

                    * وروي عن ابن عباس وأبي الدرداء وأبي هريرة ، وعقبة بن عامر الجهني .

                    * ومن التابعين : عن الحسن وعطاء وأبي جعفر محمد بن علي بن حسين والزهري .

                    * ومن الفقهاء : الأوزاعي وأحمد وإسحاق والذين تقدم ذكرهم فيما قبل .

                    1856 - أنا محمد بن الحسين الفارسي قال : أنا أحمد بن سعيد الثقفي قال : نا محمد بن يحيى الذهلي قال : نا أبو المغيرة قال : أنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

                    ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المؤمنون إليه أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ) .

                    [ ص: 1086 ] أخرجه مسلم من حديث الأوزاعي ، والبخاري من حديث الزهري .

                    1857 - أنا عبد الرحمن بن عمر قال : نا الحسين بن يحيى قال : نا الحسن بن محمد بن الصباح قال : نا شبابة قال : نا ورقاء ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

                    ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " .

                    1858 - أنا عبد الرحمن بن عمر قال : أنا محمد بن جعفر قال : نا أحمد بن عبد الله بن يزيد قال : نا عبد الرزاق قال : أنا معمر ، عن همام بن منبه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب أحد المخدر - يعني الخمر - حين يشربها وهو مؤمن ، والذي نفس محمد بيده لا ينتهب أحدكم نهبة ذات شرف يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن ، ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن فإياكم وإياكم ) .

                    أخرجه مسلم .

                    1859 - أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا علي بن الجعد قال : نا شعبة ، عن الأعمش ، عن أبي هريرة ، عن النبي [ ص: 1087 ] صلى الله عليه وسلم : \ح\

                    1860 - وأنا علي بن محمد بن أحمد بن يعقوب قال : أنا محمد بن قارن بن العباس قال : نا أبو حاتم قال : نا محمد بن آدم قال : نا شعبة ، عن الأعمش ، عن ذكوان ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                    ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن - زاد علي بن الجعد - ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ) .

                    قالا : " والتوبة معروضة بعد " .

                    أخرجه البخاري ومسلم .

                    1861 - أنا عبد السلام بن علي بن محمد بن عمر قال : أنا الحسين بن إسماعيل قال : نا أحمد بن منصور قال : نا علي بن الحسن قال : نا أبو حمزة ، عن عاصم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

                    ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر وهو مؤمن نزع منه الإيمان فلا يعود إليه حتى يتوب ، فإذا تاب تاب الله عليه ) .

                    1862 - أنا عبيد الله بن أحمد قال : أنا الحسين بن إسماعيل قال : نا علي بن شعيب قال : نا الحسين بن بشر قال : نا الحكم بن عبد الملك : \ح\ :

                    [ ص: 1088 ] 1863 - وأنا محمد بن علي بن عبد الله بن مهدي قال : نا عثمان بن محمد بن هارون قال : نا أبو أمية قال : نا الحسن بن بشر قال : نا الحكم بن عبد الملك ، عن قتادة ، عن الحسن ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                    ( لا يزني الزاني وهو مؤمن ، ولا يسرق السارق وهو مؤمن ، فإن فعل شيئا من ذلك برئ الإيمان من قلبه ، فإن تاب تاب الله عليه " .

                    1864 - أنا القاسم بن جعفر قال : نا محمد بن أحمد بن عمرو قال : نا سليمان بن الأشعث قال : نا إسحاق بن منصور قال : نا ابن أبي مريم قال : نا نافع - يعني ابن يزيد - قال : حدثني ابن الهاد أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

                    ( إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان وكان عليه ظله ، فإذا أقلع رجع إليه الإيمان " .

                    1865 - أنا عبيد الله بن محمد بن جعفر قال : نا جدي ، نا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرو قال : نا ابن أبي خيثمة قال : نا موسى بن إسماعيل قال : نا مسيب بن عجلان أخي سالم بن أبي ( ..... ) ، نا عبد العزيز بن أبي مقاتل ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

                    ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ، إن الإيمان [ ص: 1089 ] كالسربال ، فإذا وقع شيء من هذه الخلال خلع كما يخلع السربال ) .

                    * وفي الباب عن ابن أوفى وعائشة .

                    * قول ابن عباس رضي الله عنهما :

                    1866 - أنا محمد بن رزق الله قال : أنا عثمان بن أحمد قال : نا حنبل بن إسحاق قال : حدثني أبو عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - قال : نا عبد الرحمن ، عن سفيان ، عن إبراهيم بن مهاجر ، عن مجاهد ، عن ابن عباس أنه قال لغلمانه :

                    ( ومن أراد منكم الباءة زوجناه ، لا يزني منكم زان إلا نزع منه الإيمان ، فإن شاء أن يرده عليه رده ، وإن شاء أن يمنعه منعه ) .

                    1867 - أنا محمد بن أحمد الطوسي قال : نا محمد بن يعقوب قال : أنا أبو عتبة قال : نا بقية قال : نا سعيد بن بشير ، عن مورق العجلي ، عن ابن عباس قال :

                    " الحياء والإيمان يعني في قرن واحد فإذا انتزع أحدهما من العبد [ ص: 1090 ] اتبعه الآخر " .

                    قول أبي هريرة رضي الله عنه :

                    1868 - أنا محمد بن أحمد قال : نا عثمان قال : نا حنبل قال : حدثني أبو عبد الله قال : نا يحيى بن سعيد ، عن حبيب بن الشهيد قال : سمعت أبا هريرة يقول :

                    " لا يزني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن قال عطاء : يتنحى عنه الإيمان " .

                    1869 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : نا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا سويد بن سعيد قال : نا رشدين بن سعد ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد ، عن المقرئ ، عن أبي هريرة أنه قال :

                    " إذا أتى الرجل امرأة حراما فارقه الإيمان هكذا - ووضع إحدى يديه على الأخرى - ووصفها سويد بيديه ، ثم فرق بينهما قليلا ثم قال : يفارقه الإيمان هكذا فإذا رجع راجعه الإيمان ، ورد إحداهما على الأخرى " .

                    1870 - أنا محمد بن أحمد قال : أنا عثمان قال : نا حنبل قال : حدثني أبو عبد الله قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا العوام قال : حدثني علي بن مدرك ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة قال :

                    " الإيمان نزه فمن زنا فارقه الإيمان ، فإن لام نفسه ورجع راجعه الإيمان " .

                    [ ص: 1091 ] أبو الدرداء رضي الله عنه

                    1871 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : أنا عبد الله بن محمد البغوي قال : نا سويد بن سعيد قال : نا فرج بن فضالة عن لقمان بن عامر ، عن أبي الدرداء قال :

                    " ما الإيمان إلا كقميص أحدكم يخلعه مرة ويلبسه أخرى ، والله ما أمن عبد على إيمانه إلا سلبه فوجد فقده " .

                    * أبو بكر الصديق رضي الله عنه :

                    1872 - أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب التنوخي قال : أنا محمد بن هارون الروياني قال : نا أبو الربيع قال : نا أبو عوانة ، عن بيان بن بشر ، عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت أبا بكر الصديق : \ح\ :

                    1873 - وأنا علي بن محمد بن عيسى قال : نا شجاع بن محمد المصري قال : نا يوسف بن يزيد : نا أسد بن موسى قال : نا سفيان ، عن ابن المبارك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم قال : سمعت أبا بكر الصديق يقول :

                    " إياكم والكذب فإن الكذب مجانب الإيمان " .

                    1874 - أنا محمد بن أحمد قال : أنا عثمان قال : نا حنبل قال :

                    [ ص: 1092 ] نا أبو عبد الله قال : نا يحيى بن سعيد ، عن ابن عون قال : قال الحسن : " يجانبه الإيمان ما دام كذلك ، فإذا رجع راجعه الإيمان " .

                    1875 - أنا الحسن بن عثمان قال : أنا أحمد بن محمد بن زياد قال : نا عبيد البزاز قال : نا سعيد بن عويم قال : نا يحيى بن أيوب قال : بلغه عن الحسن قال : " الحدة تفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل " .

                    1876 - أنا محمد بن الحسين الفارسي ، أنا أحمد بن سعيد الثقفي قال : نا أحمد بن يحيى السابري قال : نا وهب بن جرير قال : نا أبي ، وعباد سمعا فضيل بن يسار قال : \ح\ :

                    1877 - وأنا عبيد الله بن محمد بن أحمد قال : نا علي بن محمد بن أحمد بن يزيد الرياحي قال : نا أبو بكر قال : نا وهب بن جرير قال : نا أبي قال : سمعت الفضيل بن يسار قال :

                    " سئل أبو جعفر محمد بن علي عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن " ، فقال :

                    " هذا الإسلام ، ودور دائرة عظيمة ، ثم دور دائرة في جوفها أصغر منها ، ثم قال : هذا الإيمان مقصور في الإسلام ، فإذا هو زنا أو سرق خرج من الإيمان إلى الإسلام ، فإذا تاب رجع إلى الإيمان ، ولا يخرجه من الإسلام إلا الكفر بالله " .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية