الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            13414 - وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ذهب ثلاثة نفر رادة لأهلهم ، قال : فأخذهم مطر ، فلجئوا إلى غار قال : فوقع عليهم - أحسبه قال : - من فم الغار - حجر فسد عليهم فم الغار ، ووقع بتجاف عنهم ، قال : فقال النفر بعضهم لبعض : عفا الأثر ووقع الحجر ، ولا يعلم بمكانكم إلا الله تعالى ، فتعالوا فليدع كل رجل منكم بأوثق عمل عمله لله عز وجل ، عسى أن يخرجكم من مكانكم . قال أحدهم : اللهم إن كنت تعلم أني كنت برا بوالدي ، وإني أرحت غنمي ليلة ، وكنت أحلب لأبوي فآتيهما [وهما] مضطجعان على فراشهما ، حتى أسقيهما بيدي ، وإني أتيتهما ليلة من تلك الليالي ، وجئت بشرابهما فوجدتهما قد ناما ، وإني جعلت أرغب لهما في نومهما ، وأكره أن أوقظهما ، وأكره أن أرجع بالشراب [ ص: 143 ] فيستيقظان فلا يجداني عندهما ، فقمت مكاني قائما على رءوسهما كذلك ، حتى أصبحت ، اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك ، فافرج عنا . قال : فزال - أو كلمة نحوها - ثلث الحجر انفراجا . قالوا للآخر : إيها - أي قل - قال : فقال الثاني : اللهم إن كنت تعلم أني أحببت ابنة عم لي حبا شديدا - وإني أحسبه قال : - خطبتها إلى أهلها فمنعونيها ، حتى جعلت لها ما رضيت به بيني وبينها ، ثم دعوت بها فخلوت بها ، فقعدت منها مقعد الرجل من المرأة فقالت : لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه . فانقبضت إلى نفسي ، ووفرت حقها عليها ونفسها ، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا . قال : فزال - أو كلمة نحوها - انفراجا . وقالوا للثالث : إيها - أي قل - قال : اللهم إن كنت تعلم أني عمل لي عامل على صاع من طعام ، فانطلق العامل ولم يأخذ صاعه ، فاحتبس علي طويلا من الدهر ، وإني عمدت إلى صاعه أحرثه ، حتى اجتمع من ذلك الصاع بقر كثير وشاء كثير ومال كثير ، وإن ذلك العامل أتاني بعد زمان يطلب الصاع من الطعام ، وإني قلت له : إن صاعك ذلك من الطعام قد صار مالا كثيرا وشاء كثيرا وبقرا كثيرا ، فخذ هذا كله فإنه من ذلك الصاع . قال لي : أتسخر بي ؟ قلت له : لا والله ، ولكنه الحق . فانطلق به يسوق المال أجمع ، اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا . فانفلق الحجر فوقع ، فخرجوا يتماشون " . رواه البزار والطبراني في الأوسط بأسانيد ، ورجال البزار وأحد أسانيد الطبراني رجالهما رجال الصحيح .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية