الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              774 [ ص: 212 ] 130 - باب: يبدي ضبعيه ويجافي في السجود

                                                                                                                                                                                                                              807 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثني بكر بن مضر، عن جعفر، عن ابن هرمز، عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه. وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة نحوه [انظر: 390 - مسلم: 495 - فتح: 2 \ 294]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر حديث عبد الله بن مالك ابن بحينة في التفريج، وقد سلف في باب: يبدي ضبعيه في أوائل الصلاة واضحا بفقهه.

                                                                                                                                                                                                                              وهي صفة مستحبة عند العلماء، ومن تركها لم تبطل صلاته. وقد اختلف السلف في ذلك فممن روي عنه المجافاة في السجود: علي والبراء وابن مسعود وأبو سعيد الخدري وابن عمر، وقال الحسن: حدثني أحمر صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إن كنا لنأوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يجافي بمرفقيه عن جنبيه. وفعله الحسن.

                                                                                                                                                                                                                              وقال النخعي: إذا سجد فليفرج بين فخذيه .

                                                                                                                                                                                                                              وممن رخص أن يعتمد بمرفقيه:

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن مسعود: هيئت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى [ ص: 213 ] بالمرافق، وأجاز ابن سيرين أن يعتمد بمرفقيه على ركبتيه في سجوده، وقال نافع: كان ابن عمر يضم يديه إلى جنبيه إذا سجد، وسأله رجل: هل يضع مرفقيه على فخذيه في سجوده؟ قال: أسجد كيف تيسر عليك، وقال أشعث بن أبي الشعثاء عن قيس بن سكن: كل ذلك كانوا يفعلون ينضمون ويتجافون كان بعضهم ينضم وبعضهم يجافي، وروى ابن عيينة عن سمي عن النعمان بن أبي عياش قال: شكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الإرغام والاعتماد في الصلاة، فرخص لهم أن يستعين الرجل بمرفقيه على ركبتيه أو فخذيه. ذكر هذا كله ابن أبي شيبة في "مصنفه" .

                                                                                                                                                                                                                              وإنما كان يجافي - صلى الله عليه وسلم - سجوده ويفرج بين يديه حتى يرى بياض إبطيه -والله أعلم- ليخف على الأرض ولا يثقل عليها، كما ذكر أبو عبيد عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: خفوا على الأرض. قال أبو عبيد: وجهه أنه يريد ذلك في السجود، يقول: لا ترسل نفسك على الأرض إرسالا ثقيلا فيؤثر في جبهتك، ويبين ذلك حديث مجاهد أن حبيب بن أبي ثابت سأله قال: إني أخشى أن يؤثر السجود في جبهتي، قال: إذا سجدت فتجاف. يعني: خفف نفسك وجبهتك على الأرض. وبعض الناس يقولون: فتجاف. والمحفوظ عندي بالحاء .

                                                                                                                                                                                                                              وقد ذكر ابن أبي شيبة من كره ذلك ومن رخص فيه:

                                                                                                                                                                                                                              ذكر عن ابن عمر أنه رأى رجلا قد أثر السجود في جبهته فقال:

                                                                                                                                                                                                                              لا يشينن أحدكم وجهه، وكرهه سعد بن أبي وقاص وأبو الدرداء والشعبي وعطاء.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 214 ] وممن رخص في ذلك: قال أبو إسحاق السبيعي: ما رأيت سجدة أعظم من سجدة ابن الزبير، ورأيت أصحاب علي وأصحاب عبد الله وآثار السجود في جباههم وأنوفهم.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحسن: رأيت ما يلي الأرض من عامر بن عبد فيجس مثل ثفن البعير .

                                                                                                                                                                                                                              وقد أسلفنا في الباب قبله أقوال المفسرين في قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              سيماهم في وجوههم من أثر السجود [الفتح: 29] فراجعها، وعن مالك: أنه ما يعلق بالجبهة من أثر الأرض ، وهذا يشبه الرخصة في هذا الباب.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية