الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3221 ] القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 82 ] فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون .

                                                                                                                                                                                                                                      فليضحكوا قليلا أي : ضحكا قليلا ، أو زمانا قليلا ، غايته مدة حياتهم وليبكوا كثيرا أي : بكاء ، أو زمانا كثيرا ، بعد الموت ، أبد الآباد جزاء بما كانوا يكسبون أي : بفرحهم بمخالفة الله ورسوله ، من الكفر والمعاصي العظائم .

                                                                                                                                                                                                                                      لطائف :

                                                                                                                                                                                                                                      الأولى : سر إخراج حالهم الدنيوي والأخروي على صيغة الأمر ، الدالة على تحتم وقوع المخبر به ، فإنه أمر الآمر المطاع مما لا يكاد يتخلف عنه المأمور به ، فإن قيل : إنهم ذكروا أنه يعبر عن الأمر بالخبر للمبالغة ، لاقتضائه تحقق المأمور به ، فالخبر آكد ، فما باله عكس هنا ؟

                                                                                                                                                                                                                                      فالجواب : لا منافاة بينهما ، لأن لكل مقام مقالا ، والنكت لا تتزاحم ، فإذا عبر عن الأمر بالخبر ، لإفادة أن المأمور ، لشدة امتثاله ، كأنه وقع منه ذلك ، وتحقق قبل الأمر كان أبلغ .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا عبر عن الخبر بالأمر كأنه لإفادة لزومه ووجوبه ، فكأنه مأمور به ، أفاد ذلك مبالغة من جهة أخرى .

                                                                                                                                                                                                                                      الثانية : الجمع بين صيغتي الماضي والمستقبل في قوله : ( بما كانوا يكسبون ) دلالة على الاستمرار التجددي ما داموا في الدنيا .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالثة : ( جزاء ) مفعول له للفعل الثاني ، أي : ليبكوا جزاء ، أو مصدر حذف ناصبه ، أي : يجزون بما ذكر من البكاء الكثير جزاء .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما جلى سبحانه ما جلى من أمرهم ، فرع عليه قوله :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية