الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى :

                                                                                                                                                                                                                                      [ 99 ] ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم .

                                                                                                                                                                                                                                      ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله امتثالا لأمره ، وترجيحا لحبه ، وقطعا لحب ما سواه .

                                                                                                                                                                                                                                      و : قربات مفعول ثان ل ( يتخذ ) ، وجمعها باعتبار أنواعها ، أو أفرادها .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشهاب : القربة ( بالضم ) ، ما يتقرب به إلى الله ، ونفس التقرب ، فعلى الثاني [ ص: 3241 ] يكون معنى اتخاذها سببا له ، على التجوز في النسبة أو التقدير .

                                                                                                                                                                                                                                      و : عند الله صفة ل قربات أي : ظرف ل ( يتخذ ) وصلوات الرسول أي : سبب دعواته بالرحمة المكملة لقصوره ، وكان صلى الله عليه وسلم يدعو للمتصدقين بالخير والبركة ، ويستغفر لهم ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : « اللهم صل على آل أبي أوفى » ألا إنها قربة لهم الضمير لما ينفق ، والتأنيث باعتبار الخير ، والتنكير للتفخيم ، أي : قربة عظيمة جامعة لأنواع القربات ، يكملها الله بدعوة الرسول ، ويزيد على مقتضاها بما أشار إليه بقوله : سيدخلهم الله في رحمته أي : جنته .

                                                                                                                                                                                                                                      إن الله غفور يستر عيب المخل : رحيم يقبل جهد المقل .

                                                                                                                                                                                                                                      قال الزمخشري : قوله تعالى : ألا إنها شهادة من الله للمتصدق بصحة ما اعتقد ، من كون نفقته قربات وصلوات وتصديقا لرجائه ، على الاستئناف ، مع حرفي التنبيه والتحقيق ، المؤذنين بثبات الأمر وتمكنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وكذلك : سيدخلهم وما في ( السين ) من تحقيق الوعد .

                                                                                                                                                                                                                                      وما أدل هذا الكلام على رضا الله تعالى عن المتصدقين ، وأن الصدقة منه بمكان ، إذا خلصت النية من صاحبها . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                                      وفيه ( " الانتصاف " ) : النكتة في إشعار ( السين ) بالتحقيق أن معنى الكلام معها : أفعل كذا ، وإن أبطأ الأمر ، أي : لا بد من فعله ، قال الشهاب : وفيه تأمل .

                                                                                                                                                                                                                                      ولما بين تعالى فضيلة مؤمني الأعراب بما تقدم ، تأثره ببيان من هم فوقهم بمنازل من الفضيلة والكرامة ، بقوله سبحانه :

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية