الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1783 - ( عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=18534 : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا ، فقال رجل : أكل عام يا رسول الله ؟ فسكت حتى قالها ثلاثا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي . فيه دليل على أن الأمر لا يقتضي التكرار ) .
1784 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43282يا أيها الناس كتب عليكم الحج ، فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ فقال : لو قلتها لوجبت ، ولو وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا أن تعملوا بها ، الحج مرة فمن زاد فهو تطوع } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي بمعناه ) .
الحديث الأول تمامه ثم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=18867ذروني ما تركتكم } وفي لفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=74118ولو وجبت ما قمتم بها } .
والحديث الثاني أخرجه أيضا أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال : صحيح على شرطهما .
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عند nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43429كتب عليكم الحج ، فقيل : يا رسول الله في كل عام ؟ فقال : لو قلت نعم لوجبت ، ولو وجبت لم تقوموا بها ، ولو لم تقوموا بها عذبتم } قال الحافظ : ورجاله ثقات .
وعن nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام عند الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وسنده منقطع قوله : ( باب وجوب الحج والعمرة ) .
الحج بفتح الحاء وهو المصدر ، وبالفتح والكسر هو الاسم منه ، وأصله القصد ويطلق على العمل أيضا ، وعلى الإتيان مرة بعد أخرى ، وأصل العمرة : الزيارة . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل : الحج كثرة القصد إلى معظم . ووجوب الحج معلوم بالضرورة الدينية . واختلف في العمرة ، فقيل واجبة ، وقيل : مستحبة ، nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي قولان أصحهما وجوبها ، وسيأتي تفصيل ذلك قريبا . والأحاديث المذكورة في الباب تدل على أن nindex.php?page=treesubj&link=3276_3275_26615_26614_3945الحج لا يجب إلا مرة واحدة وهو مجمع عليه ، كما قال النووي والحافظ وغيرهما ، وكذلك العمرة [ ص: 332 ] عند من قال بوجوبها لا تجب إلا مرة إلا أن ينذر بالحج أو العمرة وجب الوفاء بالنذر بشرطه . وقد اختلف هل الحج على الفور أو التراخي ، وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى . واختلف أيضا في nindex.php?page=treesubj&link=26614وقت ابتداء افتراض الحج ، فقيل : قبل الهجرة ، قال في الفتح : وهو شاذ
وقيل بعدها ثم اختلف في سنته ، فالجمهور على أنها سنة ست لأنه نزل فيها قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وأتموا الحج والعمرة لله } قال في الفتح : وهذا ينبني على أن المراد بالإتمام ابتداء الفرض ، ويؤيده قراءة علقمة nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق وإبراهيم النخعي بلفظ : " وأقيموا " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بأسانيد صحيحة عنهم . وقيل : المراد بالإتمام الإكمال بعد الشروع ، وهذا يقتضي تقدم فرضه قبل ذلك . وقد وقع في قصة ضمام ذكر الأمر بالحج ، وكان قدومه على ما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي سنة خمس
وهذا يدل إن ثبت عنه تقدمه على سنة خمس أو وقوعه فيها ، وقيل : سنة تسع ، حكاه النووي في الروضة والماوردي في الأحكام السلطانية ; ورجح صاحب الهدي أن افتراض الحج كان في سنة تسع أو عشر . واستدل على ذلك بأدلة فلتؤخذ منه قوله : ( لو قلتها لوجبت ) استدل به على أن النبي صلى الله عليه وسلم مفوض في شرع الأحكام ، وفي ذلك خلاف مبسوط في الأصول
1785 - ( وعن أبي رزين العقيلي أنه { nindex.php?page=hadith&LINKID=307أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ، ولا العمرة ، ولا الظعن ، فقال : حج عن أبيك واعتمر } رواه الخمسة وصححه الترمذي ) . الحديث يدل على جواز nindex.php?page=treesubj&link=3945_3839_3835حج الولد عن أبيه العاجز عن المشي ، وسيأتي الكلام عليه في باب وجوب الحج على المعضوب ، وذكره nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللهتعالى في هذا الباب للاستدلال به على وجوب الحج والعمرة
قال الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح منه انتهى . وقد جزم بوجوب العمرة جماعة من أهل الحديث وهو المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وبه قال إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني والناصر والمشهور عن المالكية أن العمرة ليست بواجبة ، وهو قول الحنفية nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي والهادوية ولا خلاف في المشروعية وقد روي في الجامع الكافي القول بوجوب العمرة عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر وعائشة nindex.php?page=showalam&ids=16600وزين العابدين nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء . واستدل القائلون بعدم الوجوب بما أخرجه الترمذي وصححه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر : { nindex.php?page=hadith&LINKID=2408أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا [ ص: 333 ] رسول الله أخبرني عن العمرة أواجبة هي ؟ فقال : لا ، وأن تعتمر خير لك وفي رواية أولى لك . } وأجيب عن الحديث بأن في إسناده nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف وتصحيح الترمذي له فيه نظر ; لأن الأكثر على تضعيف nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج واتفقوا على أنه مدلس قال النووي : ينبغي أن لا يغتر بالترمذي في تصحيحه ، فقد اتفق الحفاظ على تضعيفه انتهى . على أن تصحيح الترمذي له إنما ثبت في رواية الكرخي فقط ، وقد نبه صاحب الإمام على أنه لم يرد على قوله حسن في جميع الروايات عنه إلا في رواية الكرخي . وقد قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : إنه مكذوب باطل ، وهو إفراط لأن nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج وإن كان ضعيفا فليس متهما بالوضع
. وقد رواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله عن nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بنحوه . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن ابن المنكدر عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، ورواه ابن عدي من طريق أبي عصمة عن ابن المنكدر عن أبي صالح وأبو عصمة قد كذبوه
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عند nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13064وابن حزم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14045الحج جهاد والعمرة تطوع } وإسناده ضعيف ، كما قال الحافظ . وعن nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة عند nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه بإسناد ضعيف . وعن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي قال الحافظ : ولا يصح من ذلك شيء ، وبهذا تعرف أن الحديث من قسم الحسن لغيره ، وهو محتج به عند الجمهور ويؤيده ما عند nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا : { nindex.php?page=hadith&LINKID=66005من مشى إلى صلاة مكتوبة فأجره كحجة ، ومن مشى إلى صلاة تطوع فأجره كعمرة } واستدل القائلون بوجوب العمرة بما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني من حديث nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14049الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت } وأجيب عنه بأن في إسناده إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف ، وفي الحديث أيضا انقطاع ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي موقوفا على زيد قال الحافظ : وإسناده أصح ، وصححه nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم ورواه ابن عدي عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وفي إسناده nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة .
وفي الباب عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في سؤال جبريل ، وفيه : " وأن تحج وتعتمر " أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني وغيرهم عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : { nindex.php?page=hadith&LINKID=21797قالت : يا رسول الله على النساء جهاد ؟ قال . : عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة } وسيأتي . والحق عدم nindex.php?page=treesubj&link=26614_3945وجوب العمرة لأن البراءة الأصلية لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف ، ولا دليل يصلح لذلك لا سيما مع اعتضادها بما تقدم من الأحاديث القاضية بعدم الوجوب . ويؤيد ذلك اقتصاره صلى الله عليه وسلم على الحج في حديث : { nindex.php?page=hadith&LINKID=16430بني الإسلام على خمس } واقتصار الله جل جلاله على الحج في قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت } وقد استدل على الوجوب بحديث nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الآتي قريبا وسيأتي الجواب عنه . وأما قوله تعالى: { nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196وأتموا الحج والعمرة لله } فلفظ التمام مشعر بأنه إنما يجب بعد الإحرام لا قبله . ويدل على ذلك ما أخرجه الشيخان وأهل السنن nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد [ ص: 334 ] nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن أمية قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=17488جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة عليه جبة وعليها خلوق فقال : كيف تأمرني أن اصنع في عمرتي ; فأنزل الله تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم الآية } . فهذا السبب في نزول الآية ، والسائل قد كان أحرم وإنما سأل كيف يصنع "
1786 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت { nindex.php?page=hadith&LINKID=26854 : قلت : يا رسول الله هل على النساء من جهاد ؟ قال : نعم ، عليهن جهاد لا قتال فيه : الحج والعمرة } رواه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه وإسناده صحيح ) . الحديث فيه دليل على أن الجهاد غير واجب على النساء ، وسيأتي إن شاء الله تعالى الكلام على ذلك ، وفيه إشارة إلى وجوب العمرة وقد تقدم البحث عن ذلك .
1787 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=12939 : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله وبرسوله ، قال : ثم ماذا ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : ثم حج مبرور } متفق عليه ، وهو حجة لمن فضل نفل الحج على نفل الصدقة ) .
1788 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=16557 : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء رجل فقال : يا محمد ما الإسلام ؟ قال : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ، وتحج البيت وتعتمر ، وتغتسل من الجنابة ، وتتم الوضوء وتصوم رمضان ، وذكر باقي الحديث ، وأنه قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم } رواه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني وقال : هذا إسناد ثابت صحيح . ورواه أبو بكر الجوزقي في كتابه المخرج على الصحيحين . )
1789 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=14643العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة } رواه الجماعة إلا أبا داود ) . قوله : ( إيمان بالله . . . إلخ ) فيه دليل على أن nindex.php?page=treesubj&link=3946_3278_7862الإيمان بالله وبرسوله أفضل من الجهاد ، والجهاد [ ص: 335 ] أفضل من الحج المبرور . وقد nindex.php?page=treesubj&link=3278_24589_7862اختلفت الأحاديث المشتملة على بيان فاضل الأعمال من مفضولها ، فتارة تجعل الأفضل الجهاد وتارة الإيمان وتارة الصلاة وتارة غير ذلك ، وأحق ما قيل في الجمع بينهما : إن بيان الفضيلة يختلف باختلاف المخاطب ، فإذا كان المخاطب ممن له تأثير في القتال وقوة على مقارعة الأبطال قيل له : أفضل الأعمال الجهاد ، وإذا كان كثير المال قيل له : أفضل الأعمال الصدقة ، ثم كذلك يكون الاختلاف على حسب اختلاف المخاطبين قوله : ( مبرور ) قال ابن خالويه : المبرور : المقبول . وقال غيره : الذي لا يخالطه شيء من الإثم . ورجحه النووي . وقيل غير ذلك . وقال nindex.php?page=showalam&ids=14979القرطبي : الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى ، وهي أنه الحج الذي وفيت أحكامه فوقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم من حديث nindex.php?page=showalam&ids=36جابر { nindex.php?page=hadith&LINKID=26324قالوا : يا رسول الله ما بر الحج ؟ قال : إطعام الطعام ، وإفشاء السلام } قال في الفتح : وفي إسناده ضعف ولو ثبت كان هو المتعين دون غيره
قوله : ( ما الإسلام ) إلى قوله : " وتحج البيت " قد تقدم الكلام على هذه الكلمات في أوائل كتاب الصلاة قوله : ( وتعتمر ) فيه متمسك لمن قال بوجوب العمرة ، ولكنه لا يكون مجرد اقتران العمرة بهذه الأمور الواجبة دليلا على الوجوب لما تقرر في الأصول من
ضعف دلالة الاقتران
لا سيما وقد عارضها ما سلف من الأدلة القاضية بعدم الوجوب . فإن قيل : إن وقوع العمرة في جواب من سأل عن الإسلام يدل على الوجوب ، فيقال : ليس كل أمر من الإسلام واجبا ، والدليل على ذلك حديث شعب الإسلام والإيمان ، فإنه اشتمل على أمور ليست بواجبة بالإجماع قوله : ( كفارة لما بينهما ) أشار nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر إلى أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر . قال : وذهب بعض العلماء من عصرنا إلى أن المراد تعميم ذلك ثم بالغ في الإنكار عليه . وقد تقدم البحث عن مثل هذا في مواضع من هذا الشرح . وقد استشكل بعضهم كون العمرة كفارة nindex.php?page=treesubj&link=3946مع أن اجتناب الكبائر يكفر الصغائر ، فماذا تكفر العمرة ؟ وأجيب بأن تكفير العمرة مقيد بزمنها ، وتكفير الاجتناب للكبائر عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية ، وقد جعل nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث المذكور من جملة أدلة وجوب العمرة وفضلها وهو لا يصلح للاستدلال به على الوجوب ، وقد قيل : إنه أشار إلى ما ورد في بعض طرق الحديث المذكور وهو ما أخرجه الترمذي وغيره من حديث nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود مرفوعا { nindex.php?page=hadith&LINKID=16595تابعوا بين الحج والعمرة فإن المتابعة بينهما تنفي الذنوب والفقر كما ينفي الكير خبث الحديد ، وليس للحجة المبرورة جزاء إلا الجنة } فإن ظاهره التسوية بين أصل الحج والعمرة ، ولكن الحق ما أسلفناه ، لأن هذا استدلال بمجرد الاقتران وقد تقدم ما فيه ، وأما الأمر بالمتابعة فهو مصروف عن معناه الحقيقي بما سلف .
وفي الحديث دلالة على [ ص: 336 ] استحباب nindex.php?page=treesubj&link=3725_26614_3945_3273الاستكثار من الاعتمار خلافا لقول من قال : يكره أن يعتمر في السنة أكثر من مرة كالمالكية ولمن قال : يكره أكثر من مرة في الشهر من غيرهم ، واستدل للمالكية بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا من سنة إلى سنة وأفعاله على الوجوب أو الندب
وتعقب بأن المندوب لا ينحصر في أفعاله صلى الله عليه وسلم فقد كان يترك الشيء وهو يستحب فعله لدفع المشقة عن أمته ، وقد ندب إلى العمرة بلفظه ، فثبت الاستحباب من غير تقييد واتفقوا على جوازها في جميع الأيام لمن يكن متلبسا بالحج إلا ما نقل عن الحنفية أنها nindex.php?page=treesubj&link=3955_3958تكره في يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق . وعن الهادوية أنها تكره في أيام التشريق فقط ، وعن الهادوية أنها تكره في أشهر الحج لغير المتمتع والقارن إذ يشتغل بها عن الحج ، ويجاب بأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر في عمره ثلاث عمر مفردة كلها في أشهر الحج ، وسيأتي لهذا مزيد بيان في باب جواز العمرة في جميع السنة