الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 20 ] ويقولون لولا أنـزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين

                                                                                                                                                                                                                                      ويقولون لولا أنـزل عليه آية من ربه أي من الآيات التي اقترحوها تعنتا وعنادا، وكانوا لا يعتدون بما أنزل عليه من الآيات العظام المتكاثرة، التي لم ينزل على أحد من الأنبياء مثلها، وكفى بالقرآن وحده آية باقية على وجه الدهر، بديعة غريبة في الآيات فقل إنما الغيب لله أي هو المختص بعلم الغيب، المستأثر به، لا علم لي ولا لأحد به. يعني أن الصارف عن إنزال الآيات المقترحة أمر مغيب لا يعلمه إلا هو.

                                                                                                                                                                                                                                      فانتظروا إني معكم من المنتظرين أي فيما يقضيه الله تعالى في عاقبة تعنتكم، فإن العاقبة للمتقين. وقد قال تعالى في آية أخرى: وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وقال تعالى: إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية وقال تعالى ولو نـزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين أي فمثل هؤلاء أقل من أن يجابوا لمقترحهم، لفرط عنادهم. ولا يخفى أن القرآن الكريم لما قام به الدليل القاهر على صدق نبوته، عليه السلام، لإعجازه، كان طلب آية أخرى سواه من مقترحهم- مما لا حاجة له في صحة نبوته، وتقرير رسالته، فمثلها يكون مفوضا إلى مشيئته تعالى، فترد إلى غيبه، وسواء أنزلت أو لا، فقد ثبتت نبوته، ووضحت رسالته، صلوات الله عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3337 ] ثم أكد تعالى ما هم عليه من العناد واللجاج، مشيرا إلى أنهم لا يذعنون، ولو أجيبوا لمقترحهم، بما يعهد منهم من عدولهم عنه تعالى بعد كشفهم ضرهم إلى الإشراك، بقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية