الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب القراءة خلف الإمام

                                                                              837 حدثنا هشام بن عمار وسهل بن أبي سهل وإسحق بن إسمعيل قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ليس معناه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب في عمره قط ولمن لا يقرأ في شيء من الصلاة قط حتى يقال لازم الأول افتراض الفاتحة في عمره مرة ولو خارج الصلاة ولازم الثاني افتراضها مرة في شيء من الصلاة فلا يلزم منه الافتراض لكل صلاة وكذا ليس معناه لا صلاة لمن ترك الفاتحة ولو في بعض الصلاة إذ لا يلزمه أنه بترك الفاتحة في بعض الصلاة تفسد الصلاة كلها ما ترك فيها وما لم يترك فيها إذ كلمة لا لنفي الجنس ولا قائل به بل معناه لا صلاة لمن لم يقرأ بالفاتحة من الصلاة التي لم يقرأ فيها فهذا عموم محمول على الخصوص بشهادة العقل وهذا الخصوص هو الظاهر المتبادر إلى الإفهام من مثل هذا العموم وهذا الخصوص لا يضر بعموم النفي للجنس لشمول النفي بعد لكل صلاة ترك فيها الفاتحة وهذا يكفي في عموم النفي ثم قد قرروا أن النفي لا يعقل إلا مع نسبة بين أمرين فيقتضي نفي الجنس [ ص: 277 ] أمرا مستندا إلى الجنس ليستقل النفي مع نسبته فإن كان ذلك الأمر مذكورا في الكلام فذلك وإلا يقدر من الأمور العامة كالكون والوجود وأما الكمال فقد حقق المحقق الكمال ضعفه لأنه مخالف لا يصار إليه إلا بدليل والوجود في كلام الشارع يحمل على الوجود الشرعي دون الحسي فمؤدى الحديث نفي الوجود الشرعي للصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فتعين نفي الصحة وما قاله أصحابنا أنه من حديث الآحاد وهو ظني لا يفيد العلم وإنما يوجب الفعل فلا يلزم منه الافتراض ففيه أنه يكفي في المطلوب أنه يوجب العمل بمدلوله لا بشيء آخر ومدلوله عدم صحة صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فوجوب العمل به يوجب القول بفساد تلك الصلاة وهو المطلوب ، فالحق أن الحديث يفيد بطلان الصلاة إذا لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب نعم يمكن أن يقال قراءة الإمام قراءة المقتدي إذا ترك الفاتحة وقرأها الإمام بقي أن الحديث يوجب قراءة الفاتحة في تمام الصلاة لا في كل ركعة لكن إذا ضم إليه قوله - صلى الله عليه وسلم - وافعل في صلاتك كلها للأعرابي المسيء صلاته يلزم افتراضها في كل ركعة ولذلك عقب هذا الحديث بحديث الأعرابي في صحيح البخاري فلله دره ما أدقه .




                                                                              الخدمات العلمية