الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 209 ] ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير له ما في السماوات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد

                                                                                                                                                                                                قرئ : "مخضرة" أي : ذات خضر ، على مفعلة ، كمقبلة ومسبعة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : هلا قيل : فأصبحت ؟ ولم صرف إلى لفظ المضارع ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لنكتة فيه ، وهي : إفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان ، كما تقول : أنعم علي فلان عام كذا ، فأروح وأغدوا شاكرا له ، ولو قلت : فرحت وغدوت ، ولم يقع ذلك الموقع .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : فما له رفع لم ينصب جوابا للاستفهام ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لو نصب لأعطى ما هو عكس الغرض ؛ لأن معناه إثبات الاخضرار ، فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار ، مثاله أن تقول لصاحبك : ألم تر أني أنعمت عليك فتشكر : إن نصبته فأنت ناف لشكره شاك تفريطه فيه ، وإن رفعته فأنت مثبت للشكر ، وهذا وأمثاله مما يجب أن يرغب له من اتسم بالعلم في علم الإعراب وتوقير أهله ، "لطيف " : واصل علمه أو فضله إلى كل شيء ، "خبير " : بمصالح الخلق ومنافعهم .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية