الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك إنك لعلى هدى مستقيم

                                                                                                                                                                                                هو نهي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي : لا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك ، أو هو زجر لهم عن التعرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمنازعة في الدين وهم جهال لا علم عندهم وهم كفار خزاعة ، روي أن بديل بن ورقاء وبشر بن سفيان الخزاعيين وغيرهما قالوا [ ص: 210 ] للمسلمين : ما لكم تأكلون ما قتلتم ، ولا تأكلون ما قتله الله! يعنون : الميتة ، وقال الزجاج : هو نهي له -صلى الله عليه وسلم- عن منازعتهم ، كما تقول : لا يضاربنك فلان ، أي : لا تضاربه ، وهذا جائز في الفعل الذي لا يكون إلا بين اثنين في الأمر : في أمر الدين ، وقيل : في أمر النسائك ، وقرئ : "فلا ينزعنك" ، أي : اثبت في دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك ليزيلوك عنه ، والمراد : زيادة التثبيت للنبي -صلى الله عليه وسلم- بما يهيج حميته ويلهب غضبه لله ولدينه ؛ ومنه قوله : ولا يصدنك عن آيات الله [القصص : 87 ] ، ولا تكونن من المشركين [الأنعام : 14 ] ، فلا تكونن ظهيرا للكافرين [القصص : 86 ] ، وهيهات أن ترتع همة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حول ذلك الحمى ؛ ولكنه وارد على ما قلت لك من إرادة التهييج والإلهاب ، وقال الزجاج : هو من نازعته فنزعته أنزعه ، أي : غلبته ، أي : لا يغلبنك في المنازعة .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : لم جاءت نظيرة هذه الآية معطوفة بالواو ، وقد نزعت من هذه ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : لأن تلك وقعت مع ما يدانيها ويناسبها من الآي الواردة في أمر النسائك ، فعطفت على أخواتها ، وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفا .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية