الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1553 [ ص: 125 ] حديث رابع ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب أنه قال : بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من أسلم يقال له هزال ( يا هزال ) لو سترته بردائك لكان خيرا لك ، قال يحيى بن سعيد ، فحدثت بهذا الحديث في مجلس فيه يزيد بن نعيم بن هزال الأسلمي ، فقال : يزيد هزال جدي ، وهذا الحديث حق .

التالي السابق


وهذا الحديث لا خلاف في إسناده في الموطأ على الإرسال كما ترى ، وهو يستند من طرق صحاح .

أخبرنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا مطلب بن شعيب قال : حدثني عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن يحيى بن سعيد ، عن يزيد بن نعيم ، عن جده هزال ، وعن محمد بن المنكدر ، عن هزال أنه أمر ماعزا الأسلمي أن يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيخبره بحدثه ، فأتاه ماعز ، فأخبره بحدثه ، فأعرض عنه مرارا ، وهو يردد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث إلى قومه ، فسألهم أبه جنة ؟ فقالوا : لا فسأل عنه أثيب أم بكر ، فقالوا ثيب ، فأمر به ، فرجم ، ثم قال : يا هزال لو سترته بردائك كان خيرا لك .

[ ص: 126 ] وأخبرنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا موسى بن معاوية قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا هشام بن سعد قال : حدثني يزيد بن نعيم بن هزال ، عن أبيه أن ماعز بن مالك كان في حجر أبيه هزال ، فلما ، فجر قال له أبي لو أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فلهذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لهزال حين لقيه يا هزال لو سترته بردائك كان خيرا لك .

حدثنا عبد الرحمن بن يحيى قال : حدثنا أحمد بن محمد البغدادي بكير بمكة حدثنا محمد بن يونس الكريمي قال : حدثنا الربيع بن يحيى الأشناني قال : حدثنا شعبة ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن ابن هزال ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لو سترته بردائك كان خيرا لك .

قال أبو عمر : هذا الحديث ، وإن كنا ذكرناه من رواية الكريمي ، فإنه محفوظ ، عن يحيى بن سعيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن ابن الهزال ، عن هزال ، وعن يحيى بن سعيد ، عن يزيد بن نعيم بن هزال من وجوه ، وقد ذكرنا الحكم في معاني هذا الحديث في مواضع سلفت من كتابنا ، والحمد لله .

وقد رويت آثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضل الستر على المسلم أذكر منها ما حضرني ذكره بعون الله .

[ ص: 127 ] حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا محمد بن الفضل عارم قال : حدثنا أبو عوانة ، عن سليمان الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، وربما قال : عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من نفس ، عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا ، والآخرة ، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا ، والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

حدثنا أحمد بن عمر قال : حدثنا عبد الله بن محمد قال : حدثنا محمد بن فطيس قال : حدثنا مالك بن عبد الله بن سيف قال : حدثنا إسماعيل بن مسلمة بن قعنب قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن محمد ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن ستر أخاه ستره الله في الدنيا ، والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .

أخبرنا أحمد بن محمد قال : حدثنا وهب بن مسرة قال : حدثنا ابن وضاح قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال : حدثنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، عن أبيه ، عن مولى لخارجة حدثه ، عن أبي صياد الأسود الأنصاري ، وكان عريفهم أن رجلا قدم ، فحل بباب [ ص: 128 ] مسلمة بن مخلد ، واستأذن ، فأذن له ، وقال حل ، قال : لا ، ولكن أرسل معي إلى عقبة بن عامر ، فأرسل معه أبا صياد ، فدخلوا على عقبة ، فرحب به ، فقال : الرجل لعقبة هل تذكر مجلسا كنا فيه عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من ستر عورة مؤمن كانت له كموؤدة أحياها قال عقبة : نعم لعمري إني لحاضر ذلك ، وسمعته منه ، وقال : لهذا ارتحلت ، ورجع .

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان المنقري قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا همام بن يحيى قال : حدثنا إسحاق بن أبي طلحة قال : حدثنا شيبة الحضرمي قال شهدت عروة بن الزبير يحدث عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ثلاث كنت حالفا عليهم ، ولو حلفت على الرابعة رجوت أن لا إثم : لا يجعل الله من له سهم في الإسلام كمن لا سهم له قال : وسهام الإسلام الصلاة ، والصيام ، والصدقة ، ولا يحب رجل قوما إلا جاء معهم يوم القيامة ، ولا يتولى الله عبدا في الدنيا يوليه غيره يوم القيامة ، والرابعة لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة .

هكذا [ ص: 129 ] قال شيبة الحضرمي ، وإنما هو شيبة الحضري ، وكذلك رواه عفان ، عن همام ذكر ابن أبي شيبة قال : حدثنا عفان قال : حدثنا همام قال : سمعت إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : حدثني شيبة الحضري أنه شهد عروة يحدث عمر بن عبد العزيز ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يجعل الله رجلا له سهم في الإسلام كمن لا سهم له ، وذكر الحديث سواء إلى آخره بمعناه ، وزاد ، فقال عمر بن عبد العزيز : إذا سمعتم بمثل هذا الحديث ، عن مثل عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحفظوه .

حدثنا خلف بن القاسم بن سهل بن محمد بن أسود الحافظ قال : حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر غندر قال : حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا الحسين بن الحسن حدثنا يحيى بن سليم حدثنا إسماعيل بن كثير قال : سمعت مجاهدا يقول : إن الملائكة مع ابن آدم ، فإذا ذكر أخاه المسلم بخير قالت : الملائكة ، ولك مثله ، وإذا ذكره بشر قالت : الملائكة : ابن آدم المستور عورته أربع على نفسك ، واحمد الله الذي ستر عورتك .

حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا عفان قال : حدثنا ، وهيب قال : حدثنا سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن [ ص: 130 ] النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة .

حدثنا محمد بن عبد الله ، ومحمد بن إبراهيم قالا : حدثنا محمد بن معاوية قال : حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال : حدثنا الليث بن سعد قال : حدثني إبراهيم بن نشيط الخولاني ، عن كعب بن علقمة ، عن دخين أبي الهيثم كاتب عقبة قال قلت : لعقبة بن عامر إن لنا جيرانا يشربون الخمر ، وأنا داع لهم الشرط ، فيأخذونهم قال : لا تفعل ، ولكن عظهم ، وتهددهم قال : يفعل ذلك بهم شهرا ، ثم جاء دخين إلى عقبة ، فقال : إني نهيتهم ، فلم ينتهوا ، وإني داع لهم الشرط ، فقال : له عقبة ، ويحك لا تفعل ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من ستر على مؤمن عورة ، فكأنما استحيا موؤودة .

وهذا الحديث رواه ابن وهب ، عن إبراهيم بن نشيط ، عن كعب بن علقمة ، عن كثير مولى عقبة بن عامر ، عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من رأى عورة ، فسترها كان كمن استحيا موؤودة من قبرها .

[ ص: 131 ] حدثنا سعيد بن نصر قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من نفس ، عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا ، والآخرة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا ، والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيها علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به حسبه .

حدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا الحسن بن رشيق قال : حدثنا أحمد بن الحسن الصباحي قال : حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله حدثني أبي حدثنا عدي ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن عمار بن ياسر أخذ سارقا ، فقال : ألا أستره لعل الله يسترني .



الخدمات العلمية