الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ عهد الرسول عليه الصلاة والسلام على الأنصار ]

            قال : فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فتلا القرآن ، ودعا إلى الله ، ورغب في الإسلام ، ثم قال أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم . قال : فأخذ البراء بن معرور بيده ، ثم قال : نعم ، والذي بعثك بالحق ( نبيا ) لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله ، فنحن والله أبناء الحروب ، وأهل الحلقة ورثناها كابرا ( عن كابر ) قال : فاعترض القول ، والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو الهيثم بن التيهان ، فقال : يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال حبالا ، وإنا قاطعوها - يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟ قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : بل الدم الدم ، والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم

            قال ابن هشام : وقال : الهدم الهدم : ( يعني الحرمة ) أي ذمتي ذمتكم وحرمتي حرمتكم ؟ .

            [ كلمة العباس بن عبادة في الخزرج قبل المبايعة ]

            قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أن القوم لما اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العباس بن عبادة بن نضلة الأنصاري ، أخو بني سالم بن عوف : يا معشر الخزرج ، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ قالوا : نعم قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ، فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة ، وأشرافكم قتلا أسلمتموه ، فمن الآن ، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة ، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف ، فخذوه ، فهو والله خير الدنيا والآخرة ، قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال ، وقتل الأشراف . فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا ( بذلك ) قال : الجنة . قالوا : ابسط يدك . فبسط يده فبايعوه

            وأما عاصم بن عمر بن قتادة فقال : والله ما قال ذلك العباس إلا ليشد العقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أعناقهم . وأما عبد الله بن أبي بكر فقال : ما قال ذلك العباس إلا ليؤخر القوم تلك الليلة ، رجاء أن يحضرها عبد الله بن أبي ابن سلول ، فيكون أقوى لأمر القوم . فالله أعلم أي ذلك كان .

            [ نسب سلول ]

            قال ابن هشام سلول امرأة من خزاعة ، وهي أم أبي بن مالك بن الحارث وأخذ بيده صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة ، وهو أصغر السبعين فقال : رويدا يا أهل يثرب ، إنا لم نضرب إليه أكباد المطي إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ، وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة ، وقتل خياركم ، وأن تعضكم السيوف ، فإما أنتم تصبرون على ذلك فخذوه ، وأجركم على الله ، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه ، فهو أعذر لكم عند الله ، فقالوا : يا أسعد أمط عنا يدك ، فوالله لا نذر هذه البيعة ، ولا نستقيلها ، فقمنا إليه رجلا رجلا ، فأخذ علينا وشرط ، يعطينا بذلك الجنة. قال كعب ( بن مالك ) : وقد ( كان ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ، ليكونوا على قومهم بما فيهم . فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا ، تسعة من الخزرج ، وثلاثة من الأوس .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية