الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            عن جابر قال : انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في الجبل ، فلحقهم المشركون فقال : ألا أحد لهؤلاء ؟ فقال طلحة : أنا يا رسول الله . فقال : كما أنت يا طلحة . فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله . فقاتل عنه ، وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بقي معه ، ثم قتل الأنصاري فلحقوه ، فقال : ألا رجل لهؤلاء ؟ فقال طلحة مثل قوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مثل قوله ، فقال : رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله . فأذن له . فقاتل مثل قتاله وقتال صاحبه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصعدون ، ثم قتل فلحقوه ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل قوله الأول ، ويقول طلحة : أنا يا رسول الله . فيحبسه فيستأذنه رجل من الأنصار للقتال فيأذن له فيقاتل مثل من كان قبله ، حتى لم يبق معه إلا طلحة فغشوهما ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهؤلاء ؟ فقال طلحة : أنا . فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله وأصيبت أنامله ، فقال : حس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت : بسم الله . أو ذكرت اسم الله ; لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك ، حتى تلج بك في جو السماء ثم صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه ، وهم مجتمعون . عن أنس أن أبا طلحة كان يرمي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد والنبي صلى الله عليه وسلم خلفه يتترس به ، وكان راميا ، وكان إذا رمى رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصه ينظر أين يقع سهمه ، ويرفع أبو طلحة صدره ، ويقول : هكذا بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، لا يصيبك سهم ، نحري دون نحرك . وكان أبو طلحة يشور نفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : إني جلد يا رسول الله ، فوجهني في حوائجك ، ومرني بما شئت عن قيس بن أبي حازم قال : رأيت يد طلحة شلاء ; وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد . أبو طلحة يتغشاه النعاس في المعركة عن أبي طلحة قال : كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مرارا ، يسقط وآخذه ، ويسقط فآخذه . هكذا ذكره البخاري معلقا بصيغة الجزم ، ويشهد له قوله تعالى ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم بذات الصدور [ 003 155 ] إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم [ آل عمران : 154 ، 155 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية